أثار طلب هيئة محلفين بولاية نيوجرسي الأميركية شركة "جونسون آند جونسون" بدفع تعويضات تصل قيمتها إلى نحو 750 مليون دولار بعد أن تسببت بودرة الأطفال التي تنتجها بإصابات بالسرطان، أسئلة لدى المستهلكين تتعلق بسلامة هذه المادة والمركبات التي تدخل في صناعتها.
وأمرت هيئة المحلفين شركة منتجات العناية بالأطفال العملاقة "جونسون آند جونسون" بدفع هذا المبلغ لأربعة مدعين يزعمون أن مسحوق"بودرة الأطفال" الذي تنتجه الشركة، تسبب في إصابتهم بالسرطان.
وبالإضافة إلى ذلك، تواجه الشركة أكثر من 16 ألف دعوى قضائية تزعم أنها باعت مساحيق ملوثة بمادة الأسبستوس، وتقاعست عن تحذير المستخدمين، كما تواجه تحقيقا جنائيا فيدراليا يتعلق بمدى شفافيتها فيما يتعلق بسلامة المنتجات.
غير أن عملاق صناعة منتجات العناية بالأطفال نفى أن يكون مسحوقها يسبب السرطان، وبأن العديد من الدراسات والاختبارات التي أجرتها الجهات التنظيمية في جميع أنحاء العالم أظهرت أنه آمن وخال من الأسبستوس.
وأكدت الشركة مرارا وتكرارا سلامة منتجاتها القائمة على مادة "التلك" مثل بودرة الأطفال.
ما هو التلك، وما هي استخداماته؟
"التلك" معدن يتكون من سيليكات المغنسيوم المهدرجة، والسيليكات مركبات كيميائية تدخل في تركيبها أيونات عنصري الأوكسجين والسيليكون.
ويستخدم "التلك" في صورته المفككة بشكل واسع كمسحوق أو بودرة، ويدخل في العديد من الصناعات مثل صناعة الورق والبلاستيك والدهان والطلاء والمطاط والمواد الغذائية والكابلات الكهربائية والمواد الصيدلانية ومواد التجميل، كما يستخدم في بودرة الأطفال.
و"التلك" مشابه في بنيته للأسبستوس، وهي المادة التي حظر استخدامها على نطاق واسع بسبب مخاطرها على الصحة، واحتمال تسببها بالسرطان.
وتقول جمعية مستحضرات التجميل وأدوات الزينة والعطور الأميركية، إن هناك نوعين مختلفين من "التلك" وهما الصناعي الذي يستخدم غالبا في صناعة أجزاء السيارات البلاستيكية والمطاطية، والتجميلي الذي يدخل في صناعة بودرة الأطفال، ومستحضرات التجميل.
هل تربط الدراسات بين بودرة الأطفال والسرطان؟
الجواب باختصار أن هذا الأمر لا يزال غير واضح بشكل حاسم، فنتائج الدراسات التي تعود إلى أوائل السبعينيات من القرن الماضي ربطت بودرة الأطفال التي تعتمد على "التلك" بسرطان المبيض، وفقا لإدارة الغذاء والدواء الأميركية.
وخلصت دراسة شملت 250 ألف امرأة، قامت بها الجمعية الطبية الأميركية ونشرت في يناير بمجلة الجمعية الطبية الأميركية، إلى عدم وجود دليل قوي على وجود صلة بين بودرة الأطفال وسرطان المبيض، حسبما ذكر موقع "يو إس أي توداي".
ومع ذلك، لم تفرق الدراسة بين بودرة الأطفال القائمة على "التلك" وبودرات الأطفال الأخرى التي تم تصنيعها باستخدام بدائل مثل نشاء الذرة.
وبحسب جمعية السرطان الأميركية فإن دراسات أخرى، توصلت باستخدام طريقة مختلفة عن دراسة الجمعية الطبية الأميركية، لوجود "زيادة صغيرة في خطر" الإصابة بسرطان المبيض عندما ترش النساء بودرة "التلك" على الأعضاء التناسلية.
وفي الوقت نفسه، صنفت الوكالة الدولية لبحوث السرطان، التي تعد جزءا من منظمة الصحة العالمية، "التلك" باعتباره مادة مسرطنة.
وكشفت دراسة نشرت في أكتوبر أيضا أن "التلك" الملوث له صلات بورم الظهارة المتوسطة، وهو سرطان نادر يرتبط عادة بالأسبستوس.
ماذا عن "التلك" في المكياج؟
صنفت حملة صحية أميركية من أجل مستحضرات التجميل الآمنة، "التلك" ضمن "القائمة الحمراء" الخاصة بالمواد التي يجب تجنبها، مثل "التلك" المستخدم في مسحوق أحمر الخدود وظلال العيون والوجه، مشيرة إلى مخاطر محتملة أيضا لبودرة الأطفال.
وعلاوة على ذلك، تم العثور على بعض "التلك" الملوث بالأسبستوس في التركيبات المتعلقة بمنتجات مخصصة للأطفال والفتيات المراهقات.
كيف يتم تنظيم استخدام "التلك" حاليا؟
تعتبر اللوائح الفيدرالية الأميركية المتعلقة بـ"التلك" متساهلة نسبيا، إذ بموجب قوانين إدارة الغذاء والدواء التجميلية، فإن معظم مستحضرات التجميل المصنوعة من هذه المادة يجب عدم إخضاعها للاختبار أو الموافقة عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء، كما أنها لا تتطلب من الشركات المصنعة لها الكشف عن معلومات السلامة.
وتنص الإرشادات الحالية على أنه لا يمكن أن يحتوي "التلك" على أكثر من 20 جزءا في المليون من مادة الرصاص و3 أجزاء لكل مليون من الزرنيخ.
ولا يمكن أيضا مطالبة المصنعين وتجار التجزئة باستدعاء المنتجات التي تحتوي على "التلك"، ومن هنا فقد كان استدعاء بودرة الأطفال من شركة "جونسون آند جونسون" في أكتوبر بمثابة "استدعاء طوعي"، بمعنى أنه كان من جانب الشركة وبموافقتها.
هل من الآمن استخدام بودرة الأطفال؟
ينصح أطباء الأطفال الآباء بعدم استخدام بودرة الأطفال، سواء تلك المصنوعة من "التلك" أو غيرها، كما توصي الجمعية الأميركية لطب الأطفال بعدم استخدامها أيضا.
وتحذر الجمعية من أن استنشاق رذاذ البودرة قد يسبب الالتهاب الرئوي عند الأطفال، وقد يحدث هذا إذا تسرب الرذاذ أو الغبار من عبوة بودرة الطفل عن طريق الخطأ.