ما إن يحقق منتج غير أميركي أرقاما إيجابية ويبدأ الصعود في العالم الرقمي، حتى يجابه باتهامات من الولايات المتحدة، رغم أن الاتهامات ذاتها طالت وثبتت في أوقات سابقة على شركات أميركية، بحسب خبراء.
القصة الأحدث في هذا السياق، الاتهامات التي ساقها تقرير إخباري أميركي حول تطبيق "توتوك" للمحادثات ومكالمات الصوت والصورة.
واعتمد التقرير على مصادر عديدة معظمها مجهلة، الأمر الذي يثير علامات استفهام حوله، فيما سارعت "غوغل" و"أبل" إلى حذف التطبيق من متجريهما.
أما ما يثير الاستغراب في الأمر، فهو أن البرمجيات التي يتم استخدامها في تطبيق "توتوك" هي ذات البرمجيات المطبقة في المنصات الأخرى المشابهة مثل "واتساب" وغيرها، مما يؤكد أن الموضوع لا يتعلق أبدا بحماية المستخدمين وخصوصيتهم.
وتعليقا على القضية، أصدرت الشركة المطورة لـ"توتوك" بيانا نفت فيه المزاعم، معتبرة إياها مجرد "شائعات خبيثة" تستهدف التطبيق الذي يحقق نجاحا.
وقالت الشركة إنها كرست جهودها نحو "تطوير تطبيق رائع يلائم رغبات المستخدمين، الذين باتوا في تزايد مستمرة"، مشيرة إلى أنها "تجاهلت الجلبة التي يحاول إحداث ناشرو المعلومات المضللة من أجل ملايين المستخدمين الذين يثقون بالشركة".
وأضافت أن "إثارة مزاعم التجسس يسعى إلى تشويه سمعة عمل التطبيق ويعرضه للخطر".
وحقق تطبيق "توتوك" نجاحا كبيرا خلال شهرين فقط على إطلاقه، إذ وصل عدد مستخدميه إلى 50 مليونا يتوزعون في آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط والأميركيتين، وبات من التطبيقات الاجتماعية الأكثر تحميلا على متاجر التطبيقات الخاصة بالهواتف الذكية.
وفي مقابلة مع موقع "سكاي نيوز عربية"، يقول الخبير في أمن تكنولوجيا المعلومات عمر سامي، إن "الشركات الأميركية تحتكر نحو 90 بالمئة من تكنولوجيا الإنترنت والهواتف والمعلومات"، مؤكدا أنها "مستميتة من أجل المحافظة على هذا الاحتكار".
وأضاف سامي أن "هذا يتيح لها السيطرة الرقمية على العالم، ويتجلى هذا مثلا في هيمنة غوغل على محركات البحث، و"فيسبوك" على شبكات التواصل، و"واتساب" على تطبيقات المراسلات الفورية.
وقال سامي إن "الولايات المتحدة تحارب تطور أي برامج رديف حتى لو كانت غربية، ويزداد الأمر شراسة إذا تم تطوير التطبيقات في دولة أخرى.
ولفت الخبير التقني إلى أن حذف "غوغل" و"أبل" لتطبيق "توتوك"، يندرج في محاربة الشركات التكنولوجية الأميركية لنظيرتها المنافسة، التي "إن لم تتمكن من الاستحواذ عليها تواجهها بأساليب أخرى".
وفيما يتعلق بمسألة الخصوصية، قال سامي إن أصابع الاتهام تشير أولا إلى الشركات الأميركية، مثل "غوغل" التي تم تغريهما بعشرات الملايين لانتهاك خصوصية المستخدمين.
كما تعرضت "فيسبوك"، وهي الشبكة الاجتماعية الأكبر في العالم إلى فضحية مدوية عرفت باسم "كامبريدج أناليتيكا"، عندما كشف النقاب مطلع عام 2018 عن تسريب بيانات 87 مليون مستخدم في الموقع الأزرق إلى شركة بريطانية للاستشارات السياسية.
وجاءت هذه الفضيحة بعد سلسلة فضائح أخرى بشأن انتشار الأخبار الكاذبة على المنصة الأميركية والتدخل في الانتخابات وانتهاك الخصوصية.
واستشهد سامي بالحرب الأميركية التي سلطت على عملاق التكنولوجيا الصيني "هواوي"، حيث واجه المنع في الولايات المتحدة بذريعة خشية استخدام معداته لغايات تجسس، غير أن الشركة الصينية نفت ذلك، وقالت إن المنع يأتي في إطار الحرب التجارية الصينية الأميركية.
ويؤكد الخبير أن "شماعة التهديد الأمني وخصوصية البيانات باتت حجة لضرب الشركات الأخرى واحتكار سوق التكنولوجيا العالمية، خاصة أنه يتكرر مع كل منافس غير أميركي، ويكون مصدر الاتهام الولايات المتحدة.