آفات عدة سيطرت على النسخة رقم 29 من كأس الأمم الإفريقية، التي انطلقت في 29 يناير الجاري وتختتم في 10 فبراير المقبل في جنوب إفريقيا، أصابت المتابعين من العرب وغيرهم بالإحباط.

فمع انتهاء الدور الأول من البطولة والوصول لدور الثمانية أول الأدوار الإقصائية، فقد قطاع كبير من المشاهدين حماسهم للاستمرار في متابعة باقي الأدوار بسبب تراجع المستوى الفني بشكل عام، أضف إلى ذلك أن أكثر من نصف مباريات الدور الأول (13 من أصل 24) انتهت بالتعادل، وهي النتيجة التي لا يفضلها معظم عشاق الكرة.

غابت منتخبات كبرى مثل مصر حامل اللقب 7 مرات، والكاميرون والسنغال بنجومهما الكبار، لكن هناك أسبابا أخرى أثرت سلبا على الجماهير التي انتظرت البطولة، لا سيما الجماهير العربية، وأهمها:

"خفة" الضيف العربي

في أسوأ المشاركات العربية بتاريخ أمم إفريقيا، ودعت جميع المنتخبات العربية المسابقة من الدور الأول.

المنتخبات الثلاثة التي حملت ألوية عربية في أمم إفريقيا كانت المغرب وتونس والجزائر، ولم يستفد المنتخبان الأخيران من وجودهما بمجموعة واحدة مما يزيد فرص صعود أحدهما لربع النهائي، فقد كانت الجزائر سباقة بالخروج بنتائج سيئة مبكرة.

أما المنتخب التونسي فقد فشل في استغلال ما اعتبره كثيرون هدية تحكيمية في آخر مبارياته أمام توغو، وأهدر لاعبه خالد المولهي ركلة جزاء كانت كفيلة بأن يحلق "نسور قرطاج" إلى الدور الثاني.

ولم يكن الجار الثالث، المغرب، أكثر توفيقا من تونس والجزائر، وسار على نهج التعادلات مع أنغولا والرأس الأخضر وجنوب إفريقيا، ليرحل وفي جعبته 3 نقاط.

البحث عن جماهير

لم تحقق البطولة النجاح الجماهيري المنتظر، وكان مشهد المدرجات الفارغة معتادا باستثناء مباريات جنوب إفريقيا صاحبة الضيافة.

ويكفي أن مباريات كانت مهمة ومنتظرة، مثل مواجهة كوت ديفوار وتوغو، لم يرها من المدرجات سوى نحو ألفي متفرج فقط، في ملعب سعته تزيد على 40 ألفا.

حتى المباراة الافتتاحية التي كانت جنوب إفريقيا بطلها من الناحية الجماهيرية، شهدت فشل مناصرو "الأولاد" في ملء الملعب، واكتفى نحو 50 ألف متفرج بالحضور، وهو ما يزيد قليلا على نصف سعة المدرجات.

مدرجات خاوية في مباريات البطولة

"حظيرة" مبومبيلا

أصابت حالة ملعب مبومبيلا في مدينة نلسبروت متابعي البطولة بالدهشة، بعشبه الأصفر وأرضيته غير الممهدة، وهو ما أثر سلبا على المستوى الفني للمباريات الست التي أقيمت عليه.

وبدا الأمر غير معتاد، فمنذ سنوات لم تشهد بطولة أمم إفريقيا ملعبا يحمل أرضية بهذا السوء، لا سيما مع امتلاك جنوب إفريقيا ترسانة من الملاعب الرائعة.

وسيفرض هذا الملعب رديء الأرضية، الذي افتتح في 2009، على اللاعبين والمتابعين مرتين أخريين، حيث يستضيف منافسة بوركينا فاسو وتوغو في ربع النهائي، علاوة على مباراة في دور الأربعة.

بطولة بلا نجوم

مع تراجع المستوى الفني للمنتخبات المشاركة بالبطولة بشكل عام، لم يخطف أحد اللاعبين الأضواء حتى الآن، وكأنما يوفر الجميع طاقته للأدوار الإقصائية التي تنطلق السبت.

ولم تستمتع الجماهير التي انتظرت الفذ ديدييه دروغبا مهاجم كوت ديفوار الأسطوري كثيرا، لأن مديره الفني الفرنسي صبري لموشي فضل الإبقاء عليه بجانبه على مقاعد البدلاء، ولم يشارك أساسيا إلا في المباراة الأخيرة أمام الجزائر التي كانت تحصيلا حاصلا.

وقدم أفضل لاعب في إفريقيا لعام 2012، الإيفواري الآخر يايا توريه، أداء دون المستوى المنتظر منه، أما من لفت الأنظار نسبيا في البطولة فهو مهاجم إثيوبيا الشاب صلاح الدين سعيد المنتقل حديثا من نادي وادي دجلة المصري إلي ليرس البلجيكي.

سقوط حامل اللقب

منذ نسخة عام 1992 بالسنغال لم تشهد أمم إفريقيا توديع حامل اللقب البطولة من دورها الأول، فقد كان آخر منتخب يقع في هذا الإخفاق هو المنتخب الجزائري حامل لقب البطولة عام 1990.

زامبيا فشلت في الحفاظ على المستوى الذي قدمته العام الماضي، عندما خطفت الكأس من بين أنياب كوت ديفوار، في مباراة نهائية مثيرة حسمتها ركلات الترجيح.

وآثرت زامبيا الرحيل مبكرا من مجموعتها التي ضمت نيجيريا وبوركينا فاسو ( المتأهلان)، علاوة على إثيوبيا التي قدمت مباريات قوية بعكس ما كان متوقعا.

فوفوزيلا في كل مكان

فوفوزيلا

كالعادة، كانت أصوات البوق الشهير في جنوب إفريقيا تدوي في الملاعب رغم قلة أعداد الجماهير، هذه الآلة المزعجة التي فشل الاتحادان الدولي والإفريقي في منعها من المباريات الدولية في هذا البلد.

و"فوفوزيلا" آلة نفخ تراثية إفريقية تشبه المزمار تصدر أصواتا صاخبة، اكتسبت شهرتها في كأس العالم 2010 حيث أثارت من قبل استياء لاعبين ومدربين من مختلف الجنسيات، لكنها ظلت حاضرة بقوة بملاعب جنوب إفريقيا.