دخلت الكرة التونسية في حالة من الفراغ الإداري بعد إلغاء انتخابات الجمعية العمومية للاتحاد التونسي لكرة القدم لانتخاب مجلس إدارة جديد وذلك للمرة الثانية خلال شهرين ليستمر وضع التسيير المؤقت لشؤون الاتحاد، والذي كانت بدايته في شهر أكتوبر 2023 عندما تم اعتقال رئيس الاتحاد السابق وديع الجريء بعد ثبوت اتهامه بالفساد الإداري والمالي وارتكاب جرائم سوء تصرف وتدليس.
وبعد أن كان مقررا عقد الجمعية العمومية للاتحاد في 11 مايو الجاري، لانتخاب رئيس جديد ومجلس إدارة لولاية تمتد بين 2024 و2028، أنهت لجنة الاستئناف التابعة للجنة المشرفة على الانتخابات، أحلام المرشحين الثلاثة للتنافس على الرئاسة وهم واصف جليل نائب رئيس الاتحاد سابقا ورئيس مجلس تصريف الأعمال حاليا، وزياد التلمساني اللاعب السابق للترجي التونسي ومنتخب نسور قرطاج، وجلال بن تقية المسؤول السابق في اتحاد الكرة.
وأعلنت لجنة الاسئتناف أن قائمتي زياد التلمساني وجلال بن تقية تم إسقاطهما وإقصاؤهما من السباق الانتخابي لغياب عدد من الوثائق الخاصة ببعض أعضاء القائمة، فيما تم إسقاط قائمة واصف جليل منذ البداية بعد وجود إخلالات قانونية في ملف أحد الأعضاء المرشحين ضمن القائمة.
سير نحو المجهول
ووصف متابعون للشأن الرياضي في تونس أن ما يجري حاليا في الكرة التونسية هو "سير نحو المجهول وعودة إلى مربع الفوضى بعد نحو 8 أشهر من الفراغ التسييري الذي أعقب دخول رئيس الاتحاد وديع الجريء للسجن في أكتوبر من العام الماضي وتسلم نائبه واصف جليل مقاليد التسيير بشكل مؤقت".
- تم اعتقال رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم وديع الجريء إثر شكاية تقدمت بها وزارة الرياضة بعد اتهامات تتعلق بالتدليس وإمضاء عقود مخالفة للصيغ القانونية وتحقيق مصلحة شخصية باستغلال الوظيفة.
- في يناير الماضي، أعلن رسميا عن تولي واصف جليل الإشراف على اتحاد الكرة مع الدعوة لجسلة عامة سابقة لأوانها لانتخاب مجلس إدارة جديد، وتم تحديد 8 مارس 2024 موعدا لإجراء الانتخابات.
- في 25 فبراير تم الإعلان رسميا عن إلغاء الانتخابات وإسقاط جميع القوائم لوجود إخلالات قانونية في ملفات المرشحين للرئاسة.
- في أبريل الماضي تم إثبات التهم الموجهة للجريء (52 عاما) والتمديد في فترة اعتقاله لأربعة أشهر إضافية بخصوص قضايا الفساد واستغلال النفوذ والإمضاء على عقود مخالفة للإجراءات القانونية.
وتولى واصف جليل، نائب رئيس الاتحاد، رئاسة المجلس المؤقت لاتحاد الكرة منذ ذلك الوقت، وقاد بعثة منتخب نسور قرطاج في كأس أمم إفريقيا 2024، قبل أن يَمثل الجريء أمام هيئة قضائية أولى لمقاضاته من أجل تهم تتعلق بالتدليس والفساد المالي والإداري وقضايا أخرى تتمثل في استغلال منصبه لتحقيق فائدة دون وجه حق.
في 4 مايو الماضي، حسمت لجنة الاستئناف قرار إلغاء الانتخابات للمرة الثانية في ظرف شهرين، فبعد يومين من إسقاط قائمة واصف جليل، تم الإعلان عن إقصاء جلال بن تقية وزياد التلمساني لأسباب قالت إنها تتعلق بعدم شرعية ترشح بعض أعضائها ومخالفة للشروط المطلوبة.
وقال جلال بن تقية أحد المرشحين لرئاسة اتحاد الكرة إن "القائمة التي قدمها لدخول معترك الانتخابات سليمة قانونيا، ولا تشوب أعضاءها أية شائبة" مستغربا إقصاءه من المنافسة على الرئاسة.
وقال تقية في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، بعد قرار لجنة الاستئناف: "هدفنا كان وضع خارطة طريق جديدة وتصور عصري لكرة القدم في تونس، لكننا فوجئنا بإسقاط القائمة رغم أننا استظهرنا بكل الوثائق التي تثبت سلامتها، كل الوثائق والشروط المطلوبة تم استيفاؤها".
وفيما لم تلعن اللجنة المستقلة للانتخابات عن موعد جديد لعقد الجمعية العمومية، قال بن تقية: "من حق لجنة الاستئناف أن تطلب التثبت من الملفات ونحن سنواصل مساعينا للخروج بكرة القدم في بلادنا نحو الأفضل".
دخول الفيفا على الخط؟
ونتيجة لحالة "الفراغ الإداري" في الكرة التونسية، التي تستمر منذ اعتقال وديع الجريء الذي ترأس اتحاد الكرة بين 2012 و2023، قالت مصادر قريبة من الشأن الكروي في تونس إن دخول الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على الخط لإيجاد حل للأزمة الراهنة يظل أحد الخيارات المطروحة، لكنها توقعت أن يزيد ذلك من حالة الفوضى.
وكشف أنيس بن ميم المحامي المتخصص في القانون الرياضي أن "الخيارات الحالية عقب أزمة انتخابات الاتحاد لن تخرج عن حلين اثنين، الأول هو تمديد مهمة مجلس تصريف الأعمال لشهرين أو 3 أشهر، أي استمرار واصف جليل نائب الرئيس في تسيير الاتحاد، أو صعود مجلس جديد يتولى بشكل مؤقت تسيير دواليب الكرة في تونس حتى تحديد موعد حاسم للانتخابات".
وقال بن ميم لسكاي نيوز عربية: "إذا لم تر الفيفا، وهي الهيكل المشرف على اتحاد كرة القدم في تونس إداريا، أن مجلس تصريف الأعمال الحالي لم يقم بمهمته على الوجه الأكمل ولم ينظم الانتخابات مثلما تم الاتفاق على ذلك في مارس الماضي، فإن الاتحاد الدولي يملك أحقية تعيين رئيس جديد على أن يتم الإعداد للانتخابات في ظرف أقصاه 90 يوما من ذلك التعيين".
وينتظر أن يوجه "فيفا" خطابا للاتحاد التونسي في الأيام المقبلة للاستفسار عن الوضع الراهن في الكرة التونسية ودوافع إلغاء الانتخابات قبل اتخاذ القرارات المناسبة.
يشار إلى أن الاتحاد التونسي سيكون مطالبا في الأسابيع المقبلة بتعيين مدرب جديد لمنتخب نسور قرطاج والإعداد لمباراتيه أمام غينيا الاستوائية وبوتسوانا والمبرمجتين أوائل يونيو المقبل، ضمن تصفيات كأس العالم 2026.