مشاعر متناقضة تماما شهدتها إيران ليل الثلاثاء، بعد خسارة المنتخب الإيراني أمام نظيره الأميركية بهدف دون مقابل، وهي الخسارة التي أبعدت إيران من بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، التي تستضيفها قطر حاليا.
ففيما أفادت تقارير بأن طهران غرقت في صمت مطبق ليل الثلاثاء حزناً على خسارة المنتخب الوطني الإيراني في كرة القدم أمام نظيره الأميركي، في هزيمة تبخّر معها حلمهم بتكرار إنجاز 1998 حين فاز "تيم ملّي" على منتخب "الشيطان الأكبر"، أطلق محتجّون في إيران الألعاب النارية احتفالاً بخسارة منتخبهم الوطني أمام العدو اللدود لبلادهم، وفق تسجيلات فيديو تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، وفقا لما ذكرته فرانس برس.
الحزن يخيم على طهران
خلافاً للأجواء الاحتفالية التي شهدتها طهران الجمعة عندما رقص الإيرانيون حاملين أطفالهم على أكتافهم وهم يلوّحون بالأعلام احتفالاً بفوز منتخبهم على ويلز، فإنّ الصوت الوحيد الذي دوّى في العاصمة ليل الثلاثاء كان وقع الهزيمة أمام المنتخب الأميركي.
ولمنع أيّ تظاهرات مناهضة للسلطات، انتشرت في طهران أعداد كبيرة من عناصر الشرطة، بعضهم بالزيّ العسكري والبعض الآخر بالزيّ المدني، وتركّز وجود هذه العناصر على التقاطعات المرورية الأساسية والشوارع الرئيسية التي جابتها أيضاً دراجات نارية تابعة لوحدات مكافحة الشغب.
وتشهد إيران احتجاجات غير مسبوقة اندلعت في 16 سبتمبر حين توفيت الشابة الكردية مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة.
وأصبحت مدينة سقز، مسقط رأسها، وغيرها من مدن محافظة كردستان الإيرانية، غربي البلاد، مركزاً للاحتجاجات ضدّ نظام الملالي.
وفي دار ثقافي في شمال طهران، تجمّعت قرابة 20 أسرة أمام شاشة تلفزيون كبيرة لمتابعة المباراة.
ومع انطلاق النزال راح الأطفال يلوّحون بأعلام بلدهم ويصيحون بأعلى صوتهم "ماذا ستفعل إيران؟ ستمزّق خصمها!"، و"هيا! هيا! إلى الأمام".
لكنّ هدف الولايات المتّحدة في الدقيقة 38 أضعف الروح المعنوية لهؤلاء المشجّعين، على الرّغم من أنّ قسماً كبيراً منهم كان ظل يتمسّك بالأمل في أن ينقلب الحظ العاثر.
وعلى الرّغم من أنّها ليست قمّة كروية، لأنّ أيّاً من المنتخبين ليس مرشّحاً للفوز باللقب، إّلا أنّ المباراة بين إيران والولايات المتحدة تصدّرت عناوين الصحف بسبب دلالاتها الرمزية والسياسية، لا سيّما وانّ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة منذ أكثر من 40 عاماً.
احتفالات وألعاب نارية بعد الخسارة
في المقابل، أطلق محتجّون في إيران الألعاب النارية احتفالاً بخسارة منتخبهم الوطني أمام الولايات المتّحدة، بحسب ما أظهرت تسجيلات فيديو تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي.
وجاء في تغريدة لموقع "إيران واير" ومقرّه لندن أنّ "سكّان سقز، مسقط رأس مهسا، بدأوا يحتفلون ويطلقون الألعاب النارية بعد أن سجّلت الولايات المتّحدة في مرمى المنتخب الإيراني".
ونشر الموقع تسجيل فيديو يظهر إطلاق ألعاب نارية وهتافات. وتعذّر على وكالة فرانس برس التحقّق من صحّة هذا التسجيل.
وأظهر مقطع فيديو آخر نشره الناشط الكردي كاوه قريشي أحد أحياء مدينة سنندج ليلاً مع سماع هتافات وإطلاق أبواق بعد أن سجّلت الولايات المتحدة هدف المباراة الوحيد.
وفي مهاباد، وهي مدينة أخرى في محافظة كردستان، أطلقت ألعاب نارية بعد خسارة إيران، وفق تسجيلات فيديو تم تداولها على شبكة الإنترنت.
وأفادت منظمة هنكاو الحقوقية ومقرّها النروج بأن دراجين إيرانيين احتفلوا بفوز الولايات المتحدة بإطلاق الأبواق في مهاباد.
كذلك أشارت المنظمة إلى إطلاق ألعاب نارية أضاءت سماء مريوان الواقعة كذلك في محافظة كردستان حيث تشنّ قوات الأمن حملة قمع للاحتجاجات.
وأطلقت الألعاب النارية أيضاً في باوه وسربل ذهاب في محافظة كرمنشاه، بحسب المنظمة.
وكان المنتخب الإيراني تعرّض لضغوط حكومية وشعبية على السواء إثر الاحتجاجات، وقرر بعض الإيرانيين تشجيع خصوم فريقهم الوطني.
وجاء في تغريدة أطلقها الصحفي الرياضي الإيراني سعيد زعفراني بعد الخسارة "من كان ليعتقد أنّني سأقفز ثلاثة أمتار في الهواء احتفالاً بتسجيل الولايات المتحدة الهدف".
كذلك أطلقت معدّة برنامج للبثّ الصوتي الرقمي (بودكاست) إيلاهي خسروي تغريدة جاء فيها "هذا ما تناله من اللعب في المنتصف. لقد خسروا أمام الشعب والخصم وحتى" الحكومة.
وجاء في تغريدة للصحفي أمير ابتهاج المقيم في إيران "لقد خسروا. في الملعب وخارجه".
وأطلق الصحافي السابق حامد جعفري تغريدة جاء فيها "انتهى سيرك الفريق الإيراني لكرة القدم".
وكتب "الآن أنباء القمع لا يمكن أن تخبّأ وراء فوز أو خسارة الفريق المفضّل لقوات الأمن"، في إشارة إلى تسجيلات فيديو تظهر احتفال الشرطة الإيرانية بالفوز السابق الذي حقّقته إيران على متخب ويلز خلال انتشارها في الشوارع.
ولو تعادل المنتخب الإيراني لتأهّل إلى دور الـ16 لأول مرة في تاريخه.