واصلت لاعبة التنس التونسية أنس جابر صعودها الصاروخي في ملاعب الكرة الصفراء، عندما كتبت قصة نجاح جديدة مساء الثلاثاء ببلوغها الدور قبل النهائي لبطولة ويمبلدون المفتوحة، إحدى الدورات الأربع للكبرى لكرة المضرب.
وعقب فوزها على التشيكية ماريا بوزكوفا المصنفة 66 في ترتيب رابطة لاعبات التنس المحترفات، باتت "وزيرة السعادة'' مثلما تلقب في تونس، أول لاعبة عربية تبلغ نصف نهائي إحدى بطولات الـ"غراند سلام"، وثاني لاعبة إفريقية تحقق الإنجاز ذاته بعد الجنوب إفريقية أماندا كوتزر في نسخة ويمبلدون عام 1997، كما واصلت سلسلة انتصاراتها المتتالية على الملاعب العشبية لتبلغ الانتصار العاشر تواليا في العام الجاري.
وكسبت جابر المباراة بعد أن كانت متأخرة بمجموعة لصفر أمام بوزكوفا (6-3)، لكنها عادت في المجموعتين الثانية والثالثة بقوة (6-1) و(6-1) لتحسم المباراة بمجموعتين لواحدة.
المواجهة التاريخية
وتلتقي أنس جابر، التي صنعت لنفسها مسيرة ملهمة في ملاعب الكرة الصفراء، الخميس، اللاعبة الألمانية تاتيانا ماريا المصنفة 103 عالميا، ضمن الدور قبل النهائي للبطولة، على أمل بلوغ النهائي والتتويج بثالث ألقابها هذا العام، بعد دورتي مدريد في مايو، وبرلين في يونيو الماضيين.
وقالت أنس جابر التي صعدت أواخر يونيو الماضي للمركز الثاني عالميا كأفضل تصنيف للاعبة تنس عربية وإفريقية في التاريخ، إنها فخورة ببلوغ الدور نصف النهائي لأول مرة في مشوراها، مضيفة أنها أصبحت تتطلع أكثر من ذي قبل للفوز بأول ألقابها في الـ"غراند سلام"، رغم صعوبة المواجهة المرتقبة التي ستجمعها بصديقتها تاتيانا ماريا على حد قولها.
وتابعت اللاعبة التونسية البالغة من العمر 28 عاما في تصريحات لوسائل الإعلام عقب الفوز في ربع النهائي: "سيكون من الصعب علي اللعب أمام صديقتي تاتيانا ماريا. أنا أحبها كثيرا وعائلتها رائعة حقا. إنها صديقة مقربة جدا مني. أنا سعيدة من أجلها لأنها في الدور قبل النهائي، وهي واحدة من الأمثلة التي أتمنى أن تتطلع إليها كل اللاعبات لأنها عانت حقا من أجل اللعب والفوز في البطولات الأربع الكبرى".
وأضافت النجمة التونسية أن "المباراة لن تكون سهلة بالمرة، لكنني أطمح إلى الفوز وسأعمل جاهدة من أجل ذلك إنجاز جديد ومهم في مسيرتي".
وسبق لأنس جابر أن التقت تاتيانا ماريا في 3 مناسبات، حققت خلالها الفوز في مناسبتين وذلك في 2014 و2018، فيما خسرت في مواجهة وحيدة وذلك عام 2017.
نشوة تونسية
وشكل انتصار أنس جابر وبلوغها نصف النهائي الحدث الأبرز في وسائل الإعلام وفي الساحة الرياضية في تونس، حيث انتشى التونسيون بما اعتبروه "مسيرة استثنائية لافتة" في بلد يعيش على وقع أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية خلال السنوات الأخيرة.
ولقيت مسيرة اللاعبة التونسية تفاعلا كبيرا على منصات التواصل، وإشادة كبيرة في الصحف الرياضية، حيث تصدرت صورها الصفحات الأولى لأبرز وسائل الإعلام المحلية.
وقالت صحيفة "الشروق" اليومية في تقرير بعنوان: "بتأهلها إلى نصف نهائي ويمبلدون: إنجاز تاريخي لأنس جابر"، إن النجمة التونسية "نجحت مرة أخرى في ان تبعث السعادة في نفوس التونسيين وكتبت التاريخ بتأهلها لنصف نهائي دورة ويمبلدون المفتوحة مقدمة أداء رائعا خلال ساعة و47 دقيقة لتكسب الرهان وتشرف العرب والأفارقة".
أما صحيفة "الصباح" اليومية فقد خصصت حيزا كبيرا لتسليط الضوء على "مسيرة خارقة وتأهل تاريخي لأيقونة التنس العربية".
وكتبت الصحيفة أن "سنة 2022 تبدو خارقة لأنس جابر التي واصلت عروضها القوية وكتبت فصلا جديدا من التألق والنجاح في انتظار أن تواصل الحلم وتتأهل للنهائي بعد ملاقاة الألمانية تاتيانا ماريا".
وكانت وزارة الرياضة التونسية هنأت أنس جابر ببلوغها الدور قبل النهائي لبطولة ويمبلدون، معتبرة أن ما تحققه وزيرة السعادة يعد تجربة ملهمة لكل الشباب في تونس.
وتملك أنس جابر حتى الآن 3 ألقاب في مسيرتها الاحترافية، كان أولها عام 2021 في بطولة بيرمنغهام، قبل أن تتوج هذا العام ببطولتي برلين ومدريد، فيما بلغت الدور النهاري لبطولة روما المفتوحة.
وتعد تجربة جابر في رياضة كرة المضرب ملهمة بالفعل، إذ بدأت قصة عشقها للعبة الصفراء منذ كانت في الرابعة من العمر عندما كانت ترافق والدتها سميرة الحشفي، لاعبة التنس الهاوية، إلى ملاعب التدريبات.
وكانت الطفلة تقوم بمهمة جامعة الكرات، قبل أن ينمو ولعها باللعبة وتبدأ في سن التاسعة في صقل موهبتها ضمن نادي التنس بحمام سوسة (وسط)، ثم شقت طريقها بثبات بعد بلوغها 13 عاما، حيث كان أفضل إنجازاتها في دورة "رولان غاروس" الفرنسية للشابات في 2011، ولم تكن قد تخطت 16 عاما آنذاك.
وفي 2012 خاضت النجمة أولى البطولات في مسيرتها الاحترافية، من خلال المشاركة في دورة قطر المفتوحة.
وفي 2017 دخلت أنس جابر قائمة أفضل 100 لاعبة تنس محترفة في العالم، لكنها حققت صعودا صاروخيا في التصنيف الدولي لتصبح في يونيو من العام الجاري ثاني أفضل لاعبة في العالم.