عندما أعلن الاتحاد التونسي لكرة القدم في شهر يونيو 2021 عن تدعيم الجهاز الفني لمنتخب "نسور قرطاج" بالمدرب جلال القادري في منصب مدرب مساعد ثان، لم يكن أي من المتابعين للساحة الكروية في تونس يعتقد أن هذا المدرب سيسطع نجمه في ظرف سبعة أشهر فقط وسيصبح المدرب الأول للمنتخب والمدرب العربي الوحيد الذي ينتظر أن يكون حاضرا في كأس العالم قطر 2022.
وتبدو قصة الصعود الصاروخي لجلال القادري، من مجرد مدرب مساعد ثان إلى مدرب أول حامل لآمال الجماهير التونسية، وممثل للمدربين العرب في المونديال ملهمة بالفعل، فقد استطاع في ظرف زمني قصير أن ينجح في المهمة الطارئة التي عهدت له وذلك في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2022 وأن يكسب رهانا صعبا عندما قاد تونس للتأهل لنهائيات كأس العالم للمرة السادسة في تاريخها.
ومنذ تعيينه مدربا مساعدا ثانيا ضمن الجهاز الفني للمنتخب التونسي، ظل القادري، الذي لم تكن له تجارب فنية كبرى خلال مسيرته التدريبية، خارج دائرة الأضواء بفعل وجود كل من المدرب الأول المنذر الكبير ومساعده الأول عادل السليمي في الواجهة، ولكن منذ نهائيات كأس إفريقيا الأخيرة في الكمرون بدأت أسهم القادري تتصاعد وبصمته ضمن الجهاز الفني لنسور قرطاج تظهر.
وجاءت مباراة تونس ونيجيريا ضمن الدور ثمن النهائي لكأس إفريقيا لتكون منعرجا حاسما في مسيرة القادري، حيث لعبت الأقدار دورا كبيرا في وصوله إلى منصب المدرب الأول، وقبل تلك المباراة تعرض مدرب منتخب تونس الأول المنذر الكبير إلى الإصابة بفيروس كورونا، مما حتم عليه الخضوع للحجر الصحي والغياب عن تلك المواجهة التي تكفل خلالها جلال القادري بمهمة قيادة النسور لينجح آنذاك في التأهل للدور ربع النهائي وإقصاء المنتخب النيجيري أحد أقوى المرشحين وقتها للتتويج باللقب.
وصعدت أسهم جلال القادري بعد تلك المباراة لدرجة أن الكثير من الجماهير التونسية طالبت بتعيينه مدربا أول خصوصا أن عودة المنذر الكبير للإشراف على قيادة نسور قرطاج في "كان 2022" تزامنت مع الخسارة آنذاك أمام منتخب بوركينا فاسو (0 ـ 1) ومغادرة السباق.
وعقب عودة منتخب تونس من كأس إفريقيا، بادر اتحاد كرة القدم بالإعلان عن إقالة المدرب المنذر الكبير وتعيين جلال القادري مدربا أولا لنسور قرطاج، الذين كانوا يستعدون لخوض مباراة الدور الحاسم من تصفيات كأس العالم أمام منتخب مالي.
وواصل جلال القادري، البالغ من العمر 50 عاما، رحلة صعوده الصاروخي عندما نجح في قيادة النسور للتأهل للمونديال بعد الفوز أمام مالي في مجموع مواجهتي الذهاب والإياب (1 ـ 0)، ليتحول في ظرف زمني قصير من مدرب طوارئ إلى نجم في الساحة الكروية في تونس وحامل لطموحات الجماهير في تحقيق نتائج مشرفة في كأس العالم قطر 2022.
وخلال حفل قرعة نهائيات كأس العالم التي جرت نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، استقطب جلال القادري الأضواء باعتبار أنه كان المدرب العربي الوحيد من بين مدربي المنتخبات المتأهلة للنهائيات.
وتداولت مواقع التواصل الإجتماعي التونسية والعربية صورة جماعية جمعت كل مدربي منتخبات المونديال عقب حفل القرعة، وظهر فيها القادري بوصفه العربي الوحيد، مما اعتبره الكثيرون تشريفا للمدربين العرب بشكل عام.
وأعرب جلال القادري، عقب حفل القرعة، عن افتخاره بكونه المدرب العربي الوحيد المتأهل حاليا للمونديال، مضيفا أنه سيعمل على تشريف المدربين العرب خلال النهائيات وعلى قيادة منتخب تونس لتحقيق حلم الجماهير التونسية بالتأهل للمرة الأولى إلى الدور الثاني من كأس العالم.
وقال القادري: "أعتقد أن الوقت حان لبلوغ تونس الدور الثاني في كأس العالم قطر 2022، منتخبنا يشارك للمرة السادسة في تاريخه في المونديال والهدف واضح بالنسبة إلينا، وهو تجاوز الدور الأول".
وأضاف قائد سفينة نسور قرطاج قائلا: "المهمة لا تبدو سهلة، نحن نواجه فرنسا بطلة العالم 2018 والدانمارك التي بلغت نصف نهائي كأس أمم أوروبا 2020 وكلا المنتخبين يضمان نخبة اللاعبين المميزين، لكننا سنواجه هذين الخصمين بثقة كبيرة وعزيمة أكبر من أجل الخروج بنتائج مشرفة من المونديال".
وسبق للقادري أن أشرف على عدة أندية تونسية بعضها في الدرجة الأولى والبعض الآخر في الدرجة الثانية مثل الملعب التونسي والنادي البنزرتي وشبيبة القيروان وجمعية جربة وجندوبة الرياضية وغيرها، كما درب أندية الخليج والنهضة والأنصار في السعودية ونادي أهلي دبي والإمارات الإماراتيين حتى تعيينه مدربا مساعدا للمنتخب التونسي في 2021 ثم مدربا أول في فبراير الماضي.