لم ينقطع الجدل في الأوساط الرياضية في تونس وسط الأسبوع الجاري في أعقاب إعلان أندية الدوري التونسي الممتاز لكرة القدم مقاطعتها النشاط ورفضها استئناف مباريات الدوري التي كان مقررا أن تدور يومي السبت والأحد المقبلين ضمن الأسبوع الأول لمرحلة الإياب.
وشكل قرار أندية دوري الدرجة الأولى مقاطعة نشاط الدوري، مفاجأة غير متوقعة، هزت الساحة الكروية وأثارت قضية تفاقم ديون الجمعيات الرياضية وإفلاس أغلبها، في ظل انحسار إيراداتها وأرباحها المالية بسبب عدم صرف التمويلات المخصصة لها من قبل وزارة الرياضة، وأيضا لانعدام مداخيل بيع التذاكر جراء خوضها المباريات دون حضور الجماهير.
وفي أعقاب اجتماع طارئ، أعلن رؤساء ومسؤولو 14 ناديا من أصل 16 وهو إجمالي عدد أندية الدوري الممتاز، رفضهم إجراء مباريات الأسبوع الأول من مرحلة الإياب والذي قرر اتحاد كرة القدم أن تدور مبارياته يومي السبت والأحد المقبلين.
وقال مسؤولو الأندية في مذكرة وجهوها لوزارة الرياضة أنه "بعد الاجتماع والتداول في الوضعية المالية الكارثية لأغلب النوادي، وأمام تفاقم خطر عدم إيفاء الأندية بتعهداتها المالية مع عدم الاستجابة للمطالب التي تم عرضها على وزارة الرياضة ووزارة الشؤون الاجتماعية، فقد قررنا عدم استئناف نشاط البطولة إلى حين البت في تلك المطالب والرد عليها."
وأمام تمسك أغلب أندية دوري الدرجة الأولى بقرارهم، أصدر الاتحاد التونسي لكرة القدم مساء الخميس بيانا رسميا قال فيه أنه قرر الاستجابة لمطالب النوادي وتأجيل موعد الجولة الأولى من مرحلة الإياب.
وكانت عديد الأندية في دوري الدرجة الأولى حملت وزارة الرياضة المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية للنوادي التي أوشكت على الإفلاس كما تسببت في صدور أحكام قضائية ضد رؤسائها وصلت حد السجن، لكن أطرافا أخرى وجهت أصابع الاتهام للأحزاب السياسية وفي مقدمتها حركة النهضة الإخوانية، بالوقوف وراء إفلاس النوادي وذلك بقرار فرض اللعب دون حضور الجمهور مما أثر على عائداتها ومداخيلها الأسبوعية.
وفي شهر مايو 2021، وجه رئيس النادي البنزرتي عبد السلام السعيداني اتهامات خطيرة ضد حركة النهضة مؤكدا أنها تقف وراء صدور أحكام بالسجن في حقه وتورطه في قضايا الإمضاء على صكوك دون رصيد كما اتهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بأنه أحد الأطراف التي دفعته لمغادرة تونس.
وكان السعيداني الذي حوكم بالسجن غيابيا لمدة تتجاوز 20 عاما بسبب تورطه في قضايا صكوك دون رصيد، قرر في 2021 مغادرة تونس والهرب إلى فرنسا لتجنب اعتقاله وسجنه.
وتعليقا على أزمة مقاطعة الدوري، أكد الخبير والمحامي المتخصص في الشأن الرياضي كمال بن خليل لسكاي نيوز عربية: "لابد من تغيير القوانين الأساسية المسيرة للنوادي، عندما تصبح الأندية مستقلة ماليا، وعندما تصبح بمثابة المؤسسات التجارية والاقتصادية، حينها فقط سيكون بالإمكان أن تلتزم بتعهداتها المالية تجاه لاعبيها ومدربيها ولن تقع تحت خطر الإفلاس، القوانين المسيرة للنوادي حاليا هي أصل الداء باعتبار أنها لا تتلاءم مع نظام الاحتراف الذي ينظم دوري كرة القدم في تونس."
وبحسب مصادر غير رسمية فقد بلغ إجمالي ديون الأندية الأربعة الكبرى في تونس للدولة ما يناهز 63 مليون دينار(نحو 22 مليون دولار) ويأتي النادي الإفريقي كأكثر النوادي دينا ب 20 مليون دينار ثم الترجي الرياضي بمبلغ 18 مليون دينار، والنجم الساحلي بما يقارب 15 مليون دينار، والنادي الصفاقسي الذي بلغت ديونه 10 ملايين دينار.