كرة القدم ليست عادلة في كثير من الأحيان، فكل حي قد يضم مواهب مميزة ينتهي الحال بأغلبها بعيدا عن المستطيل الأخضر، لكن تظل الشوارع والساحات الشعبية مسرحا لعروض كروية ربما كانت ستدهش العالم لو عرفت طريق الاحتراف في بدايته.
لكن في مصر، وجدت هذه المواهب طريقا آخر، بعيدا عن القيد في الأندية والمشاركة في مسابقات اتحاد كرة القدم الرسمية، فقد رحب دوري الهواة بهم بعد أن لفظتهم اختبارات الأندية.
تجري الأندية المصرية اختبارات صيفية يقبل عليها آلاف اللاعبين، ممن لا يجدون لأنفسهم مكانا لممارسة اللعبة بشكل احترافي، لكن دوريات الهواة جاءت لتقدم لهم البديل.
دوري الهواة
نجحت مجموعة من لاعبي ومدربي كرة القدم السابقين في تنظيم دوري تحكمه اللوائح والقوانين ويضم من 18 إلى 24 فريقا في كل موسم، لتسنح الفرصة من جديد للاعبين الذين ضلوا الطريق، وأولئك الذين انتهت مسيرتهم مبكرا في الملاعب.
محمد علام "باور" أحد منظمي دوريات الهواة في القاهرة يقول في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "القصة بدأت واستمرت حول شغف كرة القدم، والرغبة في ممارسة اللعبة بشكل يحاكي دوريات المحترفين".
وعن طريقة تنظيم الدوري قال علام: "في الموسم الماضي كان لدينا 24 فريقا، قسمناهم على مجموعتين مع قيد 35 لاعبا في قائمة كل فريق، لكن في الموسم الجاري تقلص العدد إلى 18 فريقا فقط تتنافس في دوري من دور واحد".
وأضاف المنظم: "يشارك في دورينا الكثير من لاعبي كرة القدم السابقين الذين لعبو في الدوري الممتاز، مثل سعيد قطة لاعب الزمالك السابق، وكريم فتح الله لاعب الاتحاد السكندري السابق، بالإضافة إلى الكثير من لاعبي أندية الدرجة الثالثة والرابعة".
ويضم دوري الهواة العديد من اللاعبين الشباب الذين ما زالوا يحلمون بالانضمام إلى أندية الدوري الممتاز، حيث يجدون في المباريات الرسمية لدوريهم خير إعداد واحتكاك يساعدهم على النجاح في اختبارات الأندية الكبرى.
منظمو الدوري يستعينون بحكام الدوري المصري لإدارة المباريات بصورة احترافية، وعن هذا يضيف "باور": "99 بالمئة من حكام الدوري مقيدون في الاتحاد المصري لكرة القدم، لكن ليس من بينهم حكام من الدوري الممتاز، نستعين بحكام دوري الدرجة الثالثة والرابعة، وأحيانا الممتاز ب".
واسترسل علام: "مباريات الدوري تقام على ملعب نادي ألماظة وملعب الجيش في العباسية. ننسق مع إدارات الأندية التي تفتح لنا ملاعبها ونستأجرها بتعاقد شهري".
أحلام قديمة
بعض اللاعبين القدامى الذين افتقدوا أجواء المباريات، كانت دوريات الهواة بالنسبة لهم بمثابة إحياء للأحلام القديمة، وهو ما تحقق مع محمد نبيل "ميدو" الذي اكتشف دوري الهواة لينضم إلى فريق أُطلق عليه بارما.
نبيل قال في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "أثناء ممارسة كرة القدم في ملاعب الخماسي أخبرنا أحدهم عن دوري للهواة في ملاعب قانونية، 11 لاعبا ضد 11. أثار الأمر إعجابنا جميعا واتجهنا إلى المنظمين وتم توزيعنا على الأندية التي كانت بحاجة إلى تدعيمات".
وأضاف نبيل: "دوري الهواة جعلنا نشعر أن الزمن عاد بنا إلى الوراء 20 عاما، عندما كانت أعمارنا 16 أو 17 سنة ونلعب كرة القدم بشغف ليس له حدود ونتنقل بين الأندية. الطموحات اختلفت الآن بالتأكيد بحكم الزمن، لكننا سعداء بالعودة إلى لعبتنا التي نحبها وممارستها بشكل يحاكي دوري المحترفين".
أحلام اللاعبين القديمة تقاطعت مع أحلام جديدة طفت على السطح بعد نجاح فكرة دوريات الهواة، محمد علام منظم الدوري كشف عنها قائلا: "نعلم أن اتحاد الكرة لن ينظر إلينا الآن، لكننا نتمنى أن يكون دورينا تحت مظلته الرسمية، خاصة أن لدينا بعض الفرق نجحت في الحصول على رعاة لتقديم الملابس وتحمل بعض التكاليف".