حجزت اللاعبة فريال أشرف مكانتها الخاصة في تاريخ الرياضة المصرية، بعدما أصبحت أول بطلة مصرية تحصد ميدالية أولمبية بلون الذهب، وذلك خلال منافسات أولمبياد طوكيو الأخيرة.
وخلال الأيام الماضية، لم يتوقف المصريون عن الاحتفاء بإنجاز فريال أشرف، عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحتى خلال أحاديث المواطنين بالشارع، الاحتفاء لم يكن فقط بسبب الميدالية، لكن لشعور قطاع كبير من المصريين بالشبه الكبير بينهم وبين "حاصدة الذهب".
في حوارها مع موقع سكاي نيوز عربية، تكشف البطلة صاحبة الـ 22 عاما، كواليس رحلتها من البداية وحتى حصد الذهب بطوكيو، وأحلامها المستقبلية على مستوى اللعبة.
بعيدا عن الأضواء
وتعود فريال أشرف بالزمن إلى الوراء، وتحديدا لشهر يونيو الماضي، بعد حصدها الميدالية البرونزية في إحدى البطولات المؤهلة لأولمبياد طوكيو، والتي أقيمت في باريس.
قبل تلك الميدالية، إذا قررت البحث عن اسم "فريال أشرف" عبر محرك البحث الشهير "غوغل"، فلن تجد أي شيء، كان التأهل هو بداية تسليط ضوء خافت على اللاعبة المصرية.
وتقول فريال أشرف: "كانت أولمبياد طوكيو شاهدة على التواجد الأول للكاراتيه، كان لا يعلم أحد هل ستتكرر تلك الفرصة أم لا، لذا قررت المنافسة بقوة على الميدالية، وألا أذهب إلى طوكيو من أجل الأداء المشرف فقط".
ووفقا لتوقعات اللجنة الأولمبية المصرية لنتائج منافسات طوكيو، لم تكن فريال أشرف ضمن المرشحين للمنافسة على الميدالية، أو حتى حصد مركز متقدم.
وتضيف اللاعبة المصرية لموقع سكاي نيوز عربية: "كنت بعيدة تماما عن الأضواء، لم يتوقع أحد تحقيقي لميدالية إلا دوائري القريبة التي كانت تؤمن بحلمي، وقبل السفر إلى اليابان، وضعت صورة (الميدالية الذهبية) كخلفية شاشة لهاتفي، ليكون حلمي أمام عيني طيلة الوقت".
كما تشير فريال إلى أن عدم تسليط الضوء عليها قبل الأولمبياد خفف من حجم الضغوطات عليها، لكن كان هناك جزء في عقلها يخبرها أن عدم تحقيق إنجاز بطوكيو، قد يبدد كل جهودها من أجل تحقيق إنجاز كبير باسم مصر: "كانت منافسات طوكيو فرصة من الممكن عدم تعويضها، من أجل تحقيق حلمي".
المواجهة الأصعب
وتوضح "حاصدة الذهب" أنها كانت تتعامل مع كل مواجهة بمنافسات طوكيو كأنها الأخيرة بالأولمبياد قائلة: "لم يكن الطريق سهلا، ومجموعتي كانت صعبة، والتفكير في المواجهات التالية قد يتسبب في ضياع الحلم، لذا كنت أتعامل مع كل مباراة بشكل مستقل".
وعن المواجهة الأصعب بأولمبياد طوكيو، تقول فريال أشرف: "مواجهة (نصف النهائي) أمام اللاعبة الكازاخستانية صوفيا بيرولتسيفا كانت الأصعب في الطريق نحو الذهب، كانت صوفيا تلعب بحماسٍ كبير، وكان هناك تقارب في عدد النقاط، لكن في النهاية تمكنت من الفوز بنتيجة 5-4، وبدأ حلم الذهب يقترب أكثر وأكثر".
أثناء إقامة منافسات أولمبياد طوكيو، كانت هناك موجة غير مبررة من التعليقات الساخرة تنال من أي بطل عربي في حالة الإخفاق، عبر "التواصل الاجتماعي"، وهذا ما قد يسبب ضغطا إضافية على اللاعبين.
وتؤكد فريال أشرف أنها امتنعت عن استخدام منصات التواصل الاجتماعي منذ بداية الدورة الأولمبية الأخيرة، وكانت تكتفي فقط بالتواصل مع الأهل والأصدقاء من أجل تجديد الأمل بداخلها.
وتردف: "الوصول إلى الأولمبياد يعد إنجازا في حد ذاته، والأبطال الرياضيين يكونوا في حاجة إلى دعم الجمهور بدلا من السخرية، خاصة أن هناك من يفتقد لخبرة المشاركة في هذا الحدث الرياضي الكبير، وقد تكون ردود الأفعال السلبية كافية لتبديد آماله في تحقيق ميدالية أولمبية مستقبلًا".
لحظات التكريم
لحظات الانتصار تبدد ما يسبقها من تعب وجهد، عقب انتهاء "مواجهة الذهبية"، أطلقت فريال أشرف صرخة طويلة، وهزمت الدموع عينيها وبدأت في الانهمار، في مشهد يعكس حجم المجهود المبذول للوصول إلى تلك الميدالية الذهبية، التي غابت عن مصر منذ أولمبياد أثينا عام 2004، أي منذ أكثر من 15 عاما.
في نفس اليوم، كان مقطع الفيديو الذي رصد ردود أفعال أسرة فريال أشرف خلال الثواني الأخيرة من "مواجهة الذهبية" هو حديث الساعة على منصات التواصل الاجتماعي في مصر والوطن العربي، وبدأ الجميع في مشاركة أسرة البطلة المصرية في الاحتفال بإنجاز ابنتهم التاريخي.
وتأهب أهالي حي المطرية شرقي القاهرة، مسقط رأس فريال، لتجهيز احتفال يليق بالبطلة فريال أشرف، التي شرفت اسم مصر في حدث رياضي كبير مثل الأولمبياد.
وتقول فريال أشرف: "ذلك هو الجزء الجميل من القصة، تابعت ردود أفعال جمهور التواصل الاجتماعي، الاحتفاء الكبير بما حققته، ولم تنقطع (مكالمات المباركة) من الأهل والأصدقاء، وقررت إهداء تلك الميدالية إلى أسرتي وبالأخص والدتي التي بذلت معي مجهودا كبيرا من أجل تحقيق حلمي، فلا يمكن أن أنسى عندما كنت في السابعة من العمر، ورأيت بعض الأطفال يمارسون رياضة، لم أكن أعرف اسمها بعد، وطلبت من والدتي ممارستها، ولم تمانع، بل ساعدتي على التفوق بها".
وتعبر فريال أشرف عن سعادتها العارمة باتصال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقب تحقيق الميدالية الذهبية قائلة: "لم أكن أصدق أنني أتحدث مع الرئيس السيسي، وكان يتحدث إليّ كأب فخور بما قامت به إحدى بناته، وأخبرني أن مصر ستقدم لي مكافأة كبيرة تليق بالإنجاز الذي حققته".
منح الرئيس السيسي اللاعبة المصرية فريال أشرف وسام الرياضة من الطبقة الأولى، كما وجه بإطلاق اسم البطلة الأولمبية فريال أشرف لاعبة الكاراتيه على أحد الطرق بمنطقة التجمع الخامس بمدينة القاهرة الجديدة، بالإضافة إلى إهداء أسرتها رحلة حج، ومنح فريال شقة إلى جانب المكافأة المالية الخاصة بالميدالية الذهبية.
ومع وصول فريال أشرف إلى القاهرة، كان هناك عديد من أهالي "المطرية" في انتظارها، واستقبلوها استقبال الأبطال، واستمرت الاحتفالات بمسقط رأس فريال لساعات طويلة. وعن تلك الاحتفالات تقول فريال: "سكان المطرية بمثابة الأهل بالنسبة لي، ومثل أي منطقة شعبية يكون نجاح أحد أبنائها كافيًا لسعادة جميع أفراد المنطقة بالكامل، وحقًا أدين لهم بالكثير".
إلى جانب التفوق الرياضي، فريال أشرف هي طالبة بكلية الصيدلة بالجامعة البريطانية في القاهرة، والتي قررت إطلاق اسم "فريال" على "دفعة تخرج" كلية الصيدلة هذا العام، من أجل تكريمها.
وعن تنظيم الوقت بين التدريب والمذاكرة، تقول فريال: "كان هناك دعم كبير من أساتذتي في الكلية، وحرص على تفوقي رياضيا إلى جانب التفوق الدراسي، وبالطبع أواجه صعوبة في تقسيم الوقت بين التدريب والمذاكرة، لكن دائما ما أضع أهدافي وأحلامي أمام عيني، لأتحفز على بذل مزيد من المجهود".
أحلام المستقبل
لن تتواجد لعبة الكاراتيه بـ"أولمبياد باريس 2024"، ولا يعلم أحد متى ستعود اللعبة إلى الأولمبياد، وتقول فريال أشرف: "بالطبع كنت أتمنى المشاركة في دورة أولمبية أخرى، لكن هناك بطولات عالمية كبرى على مستوى اللعبة، يمكنني المشاركة بها، وأتمنى تشريف اسم مصر خلالها، والاستمرار في تحقيق الإنجازات الرياضية".
وتختتم فريال حديثها مع سكاي نيوز عربية: "أريد أن أتوجه بالشكر إلى الجميع، إلى كل شخص دعمني خلال الطريق نحو تحقيق حلمي، وهذا ليس إنجاز وحدي، لكن إنجازكم أيضا".