في الخامسة من عمره كان سيد الباروكي يتحدى الجميع، يقفز في الماء بلا خوف، يضرب بيديه يمينا ويسارا أمام أعين والده ضابط البحرية الذي رأى فيه نواة سبّاح مصري بقدرات مميزة، سيرفع راية مصر ويحقق الأرقام القياسية.
أعوام مرّت والصغير يزداد بريقا حتى التحق بالمدرسة الرياضية العسكرية بالإسماعيلية، وأصبح يمارس السباحة بشكل احترافي ويلفت انتباه مدربيه الذين أشاروا إلى نبوغه وإمكانه تمثيل مصر في العديد من المحافل الدولية.
مؤخرا أنهى الباروكي الملقب بـ "تمساح مصر" بروفته الأخيرة في إحدى بحيرات قناة السويس، قبيل سفرة إلى إنجلترا لتحقيق رقم قياسي جديد يسجّل باسم مصر، وهو عبور بحر المانش بالزعانف، من إنجلترا لفرنسا.
رقم قياسي
ويقول السباح المصري في حديثه مع موقع سكاي نيوز عربية: "الرقم العالمي بعبور المانش بالزعانف لم يحدث من قِبل أي سباح في العالم من قبل، فقررت أن يكون مسجّل باسمي واسم مصر، وأحقق سباحة 33 كم بالسباحة بالزعانف، فالحلم هو حلم جميع المصريين وأولياء الأمور والأبطال الذين يتمنون أن يتحدث العالم أجمع عنّا".
وتابع "تمساح مصر": "حققت سباحة 35 كم في نهر النيل الذي يعد من أقوى التيارات في العالم، بسبب ثقل المياه والطمي الموجود في المياه، بداية من النادي الأهلي وحتى جزيرة الوراق ذهابا وعودة مع وضد التيار".
بروفة الباروكي الأخيرة استطاع فيهم السباحة لمدة ساعتين قطع فيهم مسافة 13 كم عكس التيار، بداية من نادي الشراع بالإسماعيلية وحتى منطقة الجندي المجهول ذهابا وإيابا.
الاستعداد المثالي
وعن الصعوبات التي ستواجهه في بحر المانش، أوضح الباروكي في حديثه مع سكاي نيوز عربية: "استعددت بقوة وبشكل مثالي مع كابتن غريب عطية، وقمت بالسباحة في وجه التيار وفي الموج العالي فقد سبحت في الإسكندرية في البحر لمسافة 18 كم بداية من بحري وحتى ميامي، استعددنا جيدا لأي صعوبات وبمشيئة الله سنرفع علم مصر عاليا".
وكان النجم العالمي "فان دام" قد نشر فيديو يدعّم فيه الباروكي لكسر رقم موسوعة غينيس في عبور المانش، متمنيا له التوفيق واصفا إياه بالشجاع للغاية، وأن بإمكانه تحقيق أي شيء.
وأكد "تمساح مصر": "من بين المدربين الذين يعملون معي ويضعون لي برنامجا تدريبا هو السباح العالمي الأسبق خالد شلبي، الذي يعتبر أول سباح في العالم يعبر المانش عام 1983 بذراع واحدة في مدة 16 ساعة و20 دقيقة سباحة متواصلة، والتي تعتبر حالة نادرة للغاية لم يستطع أحد في التاريخ تنفيذها حتى الآن".
ووجّه الباروكي الشكر للفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس على دعمه الدائم للأبطال المصريين، ومساعدته على عمل البروفة المهمة الأخيرة قبيل السفر، ولسامح الشاذلي، رئيس الاتحاد المصري للغوص والإنقاذ، الذي تحمّل كافة تكاليف السفر لتحقيق الإنجاز العالمي.
مرونة خاصة
وأردف السباح المصري الذي يستعد لعبور بحر المانش نهاية الشهر الجاري: "سباحة الزعانف تحتاج لمرونة خاصة لدى السباح في منطقة الوسط والفخذين والقدمين، لذلك أتدرب بشكل يومي لكي أصل لمرحلة من الكفاءة والقوة تمكنني من تحقيق حلمي، وأتمنى أن أشرف بلدي وأجعل العالم أجمع يتحدث عن الإنجاز الذي تحقق من قِبل مصري".
واستطاع "تمساح مصر" أن يكون أول عربي وأفريقي يدخل موسوعة جينيس بعد تحقيقه رقمين قياسيين، في فئة "قفزة الدولفين" خلال رحلته في إيطاليا والصين عام 2011.
ويشرف على تدريب الباروكي السبّاح الدولي غريب عطية، الفائز ببطولة العالم في السباحة الحرة من قبل، والذي يرافقه منذ أن كان في عمر السابعة عشر، ويراه "قدوته ومثله الأعلى، وله الفضل فيما وصل إليه في سباحة الزعانف".
محاولة إعجازية
ويقول عطية لموقع سكاي نيوز عربية: "يمتلك الباروكي قوة عزيمة وإصرار لم أرى مثيل لها، بمشيئة الله سيعبر المانش عن جدارة واستحقاق وسيشرف مصر، فهذا الحدث ليس بسيطا، فعبور المانش محاولة إعجازية لأنه يقع تحت تأثير عدد من التيارات الجوية التي يتفاجأ بها السباح وتأتي من حيث لا يعلم، بجانب درجات الحرارة التي تنخفض بشكل مفاجئ".
وأوضح السبّاح الدولي للأساتذة أنّ: "عمر سيد حاليا 36 عاما، وسبّاح في هذا العمر ويؤدي بالمونو فهو أمر ليس بالهين، أعمل مع سيد منذ سنوات عديدة وأطرح عليه اختيارات عديدة كلها تؤدي للمطلوب وعليه الاختيار المناسب لحالته المزاجية".
وأشار السبّاح الفائز للبطولة العالم في السباحة الحرة إلى أنّ: "بدأت مع سيد الباروكي منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره عندما كنت أدرب المدارس العسكرية وطلب مني الدخول لمنتخب مصر، وحينها سألته هل ستتحمل التمارين والمشقة، وحينها استطاع التحمّل وانضم للمنتخب بعد قرابة 7 أشهر، وبدأ الرحلة وسافر مع إيطاليا".
قاهر العظماء
وأكد عطية في حديثه مع موقع سكاي نيوزعربية: "تقابل سيد في إيطاليا مع أحد الأندية هناك وفي خلال شهور حقق الرقم المطلوب وأصبح أفضل السباحين هناك وقهر عظماء السباحة هناك، لدرجة أنه تم صناعة فيلم وثائقي عنه، وتم إرسال الزعانف والمايوه خصيصا له من هناك تكريمًا له".
وعن فكرة عبور المانش نوّه السباح الدولي للأساتذة أنّ: "الفكرة بدأت منذ فترة وأوضحت له أن لها حسابات كثيرة واعتبارات لابد وأن نضعها صوب أعيننا، وخلال التمارين الماضية استطعنا التدرّب على كل شيء، ولم نستطع تحقيقها العام الماضي لظروف كورونا والسفر، وقريبا سيكون علم مصر عاليا مرفوعا بتحقيق رقم قياسي".