في صفقة قوية ضرب صداها أرجاء الوطن العربي، أعلن نادي الهلال السعودي عن التعاقد مع المدرب البرتغالي ليوناردو جارديم، بدايًة من الموسم المقبل.
وبالرغم من حسم الزعيم بطولة دوري كأس الأمير محمد بن سلمان (الدوري السعودي للمحترفين) للسنة الثانية على التوالي، والصعود لدور الـ16 ببطولة دوري أبطال آسيا، إلا أنه عانى خلال الموسم المنصرم من سوء الأداء والنتائج واضطر مجلس إدارته لتدوير 3 أجهزة فنية.
ومع ظهور شمس موسم جديد، يطل البرتغالي ليوناردو جارديم الذي تتناثر حول تاريخه وأرقامه وطريقة لعبه ومستقبله مع الزعيم الكثير من الأسئلة، والتي نسعى للبحث عن إجاباتها في الرصد التالي:-
تاريخ جارديم
هل سمعت يومًا عن مدربي كرة القدم، الذين لم يمارسون كرة القدم في حياتهم؟ البرتغالي جارديم صاحب الـ46 عامًا من بينهم، إذ بدأت علاقته الاحترافية بالساحرة المستديرة في الثانية والعشرين من عمره، كمدربًا بالأكاديميات لفرق الشباب، قبل أن يتولى مهمة المدرب المساعد بنادي "كاماتشا"، وظل منذ أواخر التسعينيات وحتى نهاية العقد الأول من الألفينيات مدربًا مساعدًا ومديرًا فنيًا لفرق برتغالية مغموة.
وفي عام 2011 تولى جارديم مهمة نادي سبورتنغ براغا البرتغالي، وبعده خاض أول تجاربه خارج بلاده عندما قاد أولمبياكوس اليوناني والذي نجح معه في تحقيق ثنائية الدوري والكأس موسم 2012-2013، قبل أن يعود في محطة ترانزيت إلى سبورتنغ لشبونة وينطلق منها بعد عام إلى أنجح تجاربه، موناكو الفرنسي.
تعاقد جارديم مع فريق موناكو لمدة موسمين قابلين للتجديد، وبعد نجاحه على مدار السنتين واحتلاله المركز الثالث في الدوري الفرنسي، سعى نادي الإمارة للتجديد معه، لينطلق في موسمه الثالث معتمدًا على اكتشاف المواهب، مكونًا جيل من الشباب أبرزهم نجم منتخب الديوك الحالي كيليان إمبابي.
كان أنجح مواسم جارديم عندما حقق لقب الدوري الفرنسي، بعد أربع سنوات متتالية ليكسر احتكار باريس سان جرمان للبطولة، كما تأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال اوروبا على حساب مانشستر سيتي، وكذلك صعوده إلى نصف نهائي كأس الرابطة الفرنسي ونصف نهائي كأس فرنسا، ليبزغ إسمه في قارة أوروبا ويعلم الجميع جيدًا من هو ليوناردو جارديم.
بدأ مستوى الفريق ونتائجه في التراجع تحت قيادته في الموسم التالي، خاصًة بعد بيع عدد من نجوم الفريق، لتعلن إدارة النادي إقالته وتعيين تيري هنري، ثم بعد ثلاثة شهور تعلن إدارة موناكو عودته، لكنه فاجئ مسؤولي فريق الإمارة بعدم تقديم المستوى المأمول ليتكرر قرار الإقالة أواخر سنة 2019 ليظل منذ ديسمبر للعام السابق ذكره بلا نادي يدربه.
إحصائيات
لعب جارديم طوال مسيرته التدريبية في فرق الدرجة الأولى 445 مباراة، فاز في 240 وتعادل في 100، بينما خسر في 105 مواجهة، سجل لاعبوه 815 هدفًا، فيما استقبلت شباكه 521 هدفًا.
أما أنجح مواسمه، والتي كانت مع موناكو عندما حصد الدوري الفرنسي وتأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، فقد لعب 63 مباراة فاز في 46 وخسر عشرة، وتعادل في 7، سجل لاعبوه 163 هدف، فيما استقبلت شباكه 77.
كان جارديم يعتمد طوال مسيرته على طريقة اللعب 4-4-2 بمشتقاتها، إذ احتاج في فترة من الفترات (وتحديدًا في الدوري اليوناني) أن يلعب بالـ4-3-3 الصريحة، بينما كانت الـ4-2-3-1 حاضرة في تكتيكه بقوة خاصًة في فترة توهجه مع موناكو.
وخلال الفترة الأخيرة من ولايته الثانية مع موناكو حول جاردي طريقة اللعب إلى 3-5-2 صريحة في معظم المباريات، وبالرغم من تحسن النتائج إلا أنه نال بها أربعة هزائم عجلوا برحيله عن الفريق.
ما قبل التعاقد
"الهلال كان يعاني الموسم الماضي من عدم استقرار، كونه غير أربعة مدربين لأول مرة في تاريخه"، هكذا استهل الناقد الرياضي المهتم بالشأن السعودي هيثم هلال، حديثه عن حال الزعيم السعودي قبل التعاقد مع جارديم وما دفع مسؤولي الزعيم إلى اختياره.
وقال هلال في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية": "الهلال بدأ الهلال الموسم بالمدرب الروماني لوشيسكو، وقرر رحيله بسبب تذبذب النتائج في النصف الثاني من الدوري، ثم تم تصعيد البرازيلي روجيريو ميكالي والذي أقيل بسبب تراجع النتائج بالرغم من صعوده إلى ثمن نهائي دوري أبطال اسيا، ومن بعده تعيين عبد اللطيف الحسيني في مباراة واحدة، ومن بعده جوزيه مورايس في عقد محدد أنه لنهاية الموسم".
وأضاف مشيرًا إلى أن نادي الهلال أعلن عن أن صفقة التعاقد مع جارديم جاءت بتمويل من الوليد بن طلال، ولم يتم الكشف عن قيمة الصفقة ولكن التقارير الصحفية البرتغالية قد أكدت بلوغ قيمة تعاقده لمدة سنة مبلغ الـ7 ملايين يورو، والعقد قابل للتجديد لموسم مقبل.
تكرار تجربة موناكو
يسعى مسؤولي نادي الهلال إلى تكرار تجربة جارديم الناجحة مع موناكو الفرنسي عندما سعى إلى تصعيد جيل من الشباب واكتشاف المواهب التي حصد بها بطولة الدوري الفرنسي ووصل معهم إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، بقدرته على صناعة الفرق بدمج الخبرات مع لاعبين شباب.
وهو ما أكد عليه الناقد الرياضي بصحيفة عاجل السعودية، قائلًا: "الهدف الأساسي من التعاقد مع جارديم هو مشروع صناعة جيل جديد من اللاعبين، وإعادة بناء الفريق، نظرًا لتخطي عدد كبير من اللاعبين حاجز الـ30 سنة، مثل سلمان الفرج وعبده عطيف وبافتيمبي جوميز، لذلك كان في خطة مسؤولي الهلال التعاقد مع مدرب لتجديد دماء الفريق والإشراف على الصفقات الجديدة".
وتابع: "هذا بجانب مواصلة حصد البطولات، الهلال محتكر بطولة الدوري للموسم الثاني على التوالي بالرغم من وجود منافسة وصلت إلى الأمتار الأخيرة في الموسم الماضي، والأمر الثاني كأس الملك الذي ودعه الزعيم مبكرًا، وبالتأكيد الفوز ببطولة دوري أبطال اسيا للمرة الرابعة في تاريخه، والتي وصل الفريق إلى ثمن النهائي بها بهدايا المنافسين".
تحديات تنتظر جارديم
وتحدث هيثم هلال عن الصعوبات التي تنتظر جارديم، منوهًا إلى أن التخلص من الحمل الزائد في الفريق كاللاعبين الذين كانوا خارج خطط الفريق منذ بداية الموسم الماضي، واللاعبين الذين حصلوا على أكثر من فرصة ولم يستغلوها، كاللاعب هتان باهبري والذي يعتبر من أبرز اللاعبين المرشحين للرحيل.
وتابع الناقد الرياضي في تصريحاته لسكاي نيوز عربية: "هذا بالإضافة إلى حسم ملف المعارين وزيادة مساحة الثقة للشباب، مثل ناصر الدوسري وغيره من اللاعبين الذين يرى فيهم الإدارة تمثيلًا لمستقبل النادي، كما أن من الصعوبات التي تنتظر البرتغالي حسم مصير جوميز باعتبار أن موقفه حتى الأن مع الفريق يعتبر ضبابيًا".
وتابع: "من ضمن الأمور التي يمكن أن تعرقل مساعي جارديم مع الهلال وعليه الحذر منها، قوة المنافسة التي سيصطدم بها الموسم المقبل، بعد عودة إتحاد جدة تحت قيادة فابيو كاريلي، واستطاعته ضم أسماء قادرة على المنافسة بعد سنوات من الغياب، وأيضًا فريق الشباب الذي يضم كتيبة من النجوم استطاعت المنافسة وستمثل خصمًا شرسًا الموسم المقبل، بجانب ثورة التصحيح في الأهلي التي من المنتظر أن تلقي بظلالها على المنافسة في الموسم المقبل".
التجربة الأولى
أعرب الناقد الرياضي خالد بيومي عن سعادته بتعيين مدرب موناكو السابق مديرًا فنيًا للهلال، إذ كتب في تدوينة عبر حسابه الشخصي بـ"تويتر": " بهدوء الهلال جارديم مدرب هايل يدخل وطننا العربي عن طريق زعيم آسيا".
اقتحام المدرب المخضرم لأول مرة الوطن العربي وآسيا ومنافسات الدوري السعودي دون سابق خبرات، أثار مخاوف لدى مشجعي الهلال حول مدى إمكانية تأقلم جارديم واستيعاب اللاعبين لفكره وقابلية التنفيذ، وهو ما فك طلاسمه هيثم هلال، إذ أكد أن تعاقد الزعيم مع مدربين يخوضون التجربة العربية لأول مرة ليس أمر جديد، ولا يرهق تفكير المسؤولين.
واستطرد: "روجيرو ميكيلي وجوزيه مورايس والعديد من المدربين الذين تولوا تدريب الهلال، لم يخوضوا أي تجربة عربية قبل تدريب الزعيم، الإدارة تسعى إلى وجود مدرب عالمي يمنح اللاعبين ثقة ويعيد الاستقرار الفني للفريق".
مدرب عاطل
فور الإعلان عن ليوناردو جارديم مديرًا فنيًا للهلال، بدأ بعض من جماهير الهلال في الكشف عن ريبتهم من كونه مدربًا لم يخوض أي تجربة تدريبية منذ ديسمبر قبل الماضي موعد إقالته من موناكو.
إلا أن ردود أفعال مكونات الهلال سواء مجلس إدارة أو لاعبين أو خبراء، أو حتى المدرب الراحل مورايس في أخر تصريحاته حول التعاقد مع جارديم، كانت إيجابية، إذ اتفق الجميع أنه مدرب ذو صبغة عالمية وله بصمات في دوري أبطال أوروبا واستطاع كسر احتكار باريس سان جيرمان في الدوري الفرنسي، وله نتائج مميزة في الدوري اليوناني والبرتغالي، وبإمكانه أن يضيف الكثير للزعيم.
هل يكرر الهلال أخطاء الماضي؟
"أعتقد أن الهلال لن يكرر أخطاء الموسم الماضي باقالة المدير الفني في وسط المسابق، ويدخل في دوامة تدوير الأجهزة"، هذا ما اختتم به هيثم هلال تصريحاته، مؤكدًا أن تعاقد إدارة الزعيم مع جارديم جاء بعقد محدد لمدة سنة قابلة للمد، مع وضوح الهدف وهو بناء وضخ دماء جديدة لعروق الفريق، وصناعة جيل جديد والمنافسة على البطولات المتاحة.
وأتم الناقد الرياضي المهتم بالرياضة السعودية: "إذا استطاع البرتغالي المنافسة على البطولات وتحقيق الهدف قصير المدى، سيتجدد له لموسم إضافي، أما إذا لم ينجح فسيتم انهاء التعاقد آليًا، ولكن فكرة اقالته في وسط الموسم ليست واردة في اعتقادي، وخصوصًا مع مدير فني بإسم كبير مثل جارديم".