فصل جديد تمامًا على وشك البداية لكرة القدم الأوروبية، بعد إعلان 12 ناديا كبيرا، الأحد، إطلاق دوري السوبر الأوروبي لكرة القدم بقيادة فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد، رغم وجود معارضة على نطاق واسع من عناصر داخل اللعبة وخارجها.
وقالت المنظمة، التي تدعى "دوري السوبر" في بيان، إن من بين الأندية المؤسسة 6 من الدوري الإنجليزي الممتاز – مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وليفربول وأرسنال وتشلسي وتوتنهام هوتسبير-، بالإضافة إلى الفرق الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة وأتليتكو مدريد، ومن إيطاليا ستشارك فرق إنتر ميلان ويوفنتوس واي سي ميلان.
وستتم إضافة ثلاث فرق أخرى كأندية مؤسسة للمسابقة، ثم اللعب بمشاركة 20 ناديًا على أن تتأهل خمسة فرق سنويًا، وستكون الفرق المؤسسة ثابتة في البطولة، على أن تتغير الخمسة فرق الأخرى في كل عام.
ووفقًا لإعلان "دوري السوبر"، ستقوم الأندية المؤسسة بتقسيم 3.5 مليار يورو (4.2 مليار دولار تقريبًا) للتوقيع على إنشاء "مؤسسة مالية مستدامة"، مؤكدين حصولهم بالفعل على منحة مالية من أحد البنوك الداعمة لتأسيس البطولة.
وبعد هذا الإعلان، هدد "الفيفا" رفقة الاتحاد الأوروبي الفرق التي قررت الانضمام لتلك المسابقة بالمنع من المشاركة في أي مسابقة أخرى على المستوى المحلي أو الأوروبي أو الدولي، وقد يُحرم لاعبوها من فرصة تمثيل منتخباتهم الوطنية.
ليبقى السؤال الأهم، ما هو تأثير تلك البطولة على كرة القدم الأوروبية في حالة انطلاقها؟
تهديدات غير منطقية
يقول الناقد الرياضي محمد علاء إن البطولة المقترحة في حال انطلاقها، ستحظى بالشعبية الأكبر، بسبب قوة المنافسات، وشعبية الفرق المشاركة، التي تُعتبر الأكثر جماهيرية في العالم تقريبًا.
ويضيف علاء لموقع "سكاي نيوز عربية": "الفرق هي الطرف الأقوى بتلك الأزمة، هم من يملكون اللاعبين والجمهور، لذا فإن تهديدات الاتحاد الدولي بحرمان الفرق المؤسسة للبطولة من المشاركة في البطولات المحلية والقارية، وحرمان اللاعبين من المشاركة مع المنتخبات من المستحيل تنفيذها، لأنه ببساطة ستتعرض تلك البطولات للدمار في حالة غياب تلك الفرق أو هؤلاء اللاعبين عنها".
كما يتابع: "تخيل معي، أن تشاهد الدوري الأسباني بدون ريال مدريد وبرشلونة، أو مشاهدة الدوري الإنجليزي بدون أقوى فرقه، أو حالة دوري أبطال أوروبا في ظل غياب أقوى فرق العالم، هذا على مستوى الفرق، أما التهديد الخاص بعدم مشاركة اللاعبين مع منتخباتهم، فإنه سيدمر البطولات الدولية، من سيشاهد كأس العالم في ظل غياب ميسي ورونالدو وغيرهم من النجوم؟! لذا تعتبر العقوبات التي يفكر بها "الفيفا" هي أقوى داعم للبطولة المقترحة، كما أنها ستؤثر بالسلب على بقية البطولات".
ويردف: "الجميع سيسعى لشراء حقوق بث البطولة، وسيبتعدون عن البطولات الأخرى في ظل غياب الفريق الكبيرة عنها، تهديدت (الفيفا) في حالة تنفيذها، ستكون بداية النهاية لعديد من البطولات الأوروبية".
جدير بالذكر، أن بعض الصحف العالمية أكدت اقتراب انضمام فريقي باريس سان جيرمان وبايرن ميونخ إلى البطولة المقترحة، مما يزيد صعوبة موقف الاتحادات المعارضة لقرار تأسيسها.
الهدف من البطولة
في عام 2009، أكد المدرب الأسطوري لنادي أرسنال أرسين فينغر، أنه سيكون هناك دوري يجمع أقوى فرق العالم، وأن تلك البطولة ستكون حقيقية وليست مجرد خيال خلال الأعوام المقبلة.
وأوضح المدرب الفرنسي آنذاك أن العوائد المادية من مشاركة الفرق الكبرى في البطولات المختلفة أقل مما تنفقه لتكون بتلك القوة، وأنه لزيادة تلك العوائد يجب أن تقل الفرق الضعيفة في المسابقات، لتتحول تلك النبوءة إلى حقيقة الآن.
ويقول الناقد الرياضي محمد علاء: "ضعف العائد المادي من المشاركة في دوري أبطال أوروبا، بالإضافة إلى حصول (اليويفا) على حوالي نسبة 60 في المئة من تلك العوائد كان يمهد لظهور بطولة مختلفة تضمن للفرق الكبرى بالقارة العجوز الحصول على عائد مادي يقترب من حجم الأموال الي تُدفع لتحافظ تلك الفرق على قوتها".
كما يضيف علاء: "الهدف من البطولة هو حصول الفرق المشاركة على أموال أكثر من التي تجنيها من (التشامبيونز ليغ)، لذا سيكون الحل أن يكون هناك دوري أبطال أوروبا أقوى من الموجود حاليًا من حيث الفرق المشاركة".
ويستطرد: "الأمر يتعلق بتعديل معايير انضمام الفرق للمسابقة الأوروبية، لتكون منحصرة على الفرق القوية والمتوسطة، وهذا سيزيد من العوائد المادية للمشاركة بها، وسيكون ذلك بمثابة (حل وسط) يرضي نسبيًا (اليويفا) والفرق المؤسسة لدوري السوبر الأوروبي، لكن على الاتحاد الدولي التخلي عن النسبة الكبيرة التي يحصل عليها من العوائد المادية التي تذهب للفرق نظير المشاركة في البطولة، وفي كل الأحوال، لن تحصل الفرق المؤسسة للبطولة الجديدة على أرباح تقترب من التي سيحصلون عليها في حالة انطلاق (السوبر الأوروبي)".
يُشار إلى أنه ينتظر أن تصل مداخيل البطولة الجديدة من حقوق البث التلفزيوني إلى 4 مليارات دولار سنويا، ستحصل منها الأندية المؤسسة على النصيب الأكبر.
ويوضح علاء أن مقترح "السوبر الأوروبي" تم طرحه قبل سنوات، لكن تعد تلك المرة الأولى لأخذ خطوات فعلية لتنفيذه، "لكن مثل تلك البطولات ليست جديدة تمامًا على الرياضة، حيث نشأت بطولة مشابهة في عام 2000 من قبل كبار الفرق الأوروبية في عالم كرة السلة، واستمرت تلك البطولة حتى الآن وتحظى بشعبية كبيرة، ولا تخضع لتنظيم الاتحاد الأوروبي لكرة السلة".
لقاءات قوية ستفقد بريقها
كما يرى الناقد الرياضي محمد علاء أن (السوبر الأوروبي) في حال انطلاقها، ستكون بطولة مميزة وتحظى بمباريات قوية، "لكن الخوف الأكبر، أن تتحول لقاءات القمة إلى عادية، بعد مشاهدة الجمهور لها في كل أسبوع تقريبًا، لأن تلك المباريات كانت تحصل على بريقها بسبب اللقاءات الأخرى الأضعف فنيًا، لكن في حال وجود بطولة يشارك فيها الأقوياء فقط، ربما تخسر بعض اللقاءات القوية في الظروف العادية شيئًا من قوتها وبريقها في ظل تلك الاستثنائية".
ويردف: "في كل الأحوال، نحن أمام أزمة استثنائية، سينتج عنها شكل جديد للبطولات الأوروبية التي تحظى بمتابعة كل دول العالم تقريبًا، وعلى رأس تلك البطولات (دوري أبطال أوروبا)، التي قد تتحول إلى بطولة عادية".
ويختم علاء: "لا يمكنا التوقع بالأحداث القادمة، لكن بالطبع سيكون هناك تغيرًا قويًا في البطولات الأوروبية، لكسب رضا الفرق الأقوى بالقارة وفي العالم، حيث لا يمكن ردعهم بأي طريقة".
نظام البطولة
البطولة المقترحة ستتألف من مجموعتين، بكل منهما 10 فرق، تخوض مبارياتها في منتصف الأسبوع إلى جانب مباريات دورياتها المحلية.
تبدأ البطولة من أغسطس، وتخوض فرق كل مجموعة مباريات ذهاب وإياب، على أن تتأهل من كل مجموعة أول 3 فرق إلى دور الثمانية، ثم يخوض أصحاب المركزين الرابع والخامس بطولة مصغرة لإكمال الدور ربع النهائي، أما باقي الأدوار فستقام بنظام خروج المهزوم حتى يقام النهائي في مايو.