في إحدى مباريات كرة القدم بمحافظة الإسكندرية، طلب محمد محمود المشاركة مع زملائه في اللعب، فأظهر مهارة كبيرة، ولفت أنظار المتابعين، لكونه كان يلعب بيديه بعد أن بترت ساقاه وهو في الرابعة من عمره.
وبترت ساقا محمد إثر إصابته بـ"الغرغرينا"، وأصيب بإحباط شديد، حتى غيرت كرة القدم حياته بشكل كبير، وصنعت له عالما جديدا.
ويقول محمد لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه لم يكن يتصور أبدا أن يمارس كرة القدم، نتيجة البتر أعلى الركبة، لكنه استطاع ذلك بمساعدة أصدقائه حين كان في المرحلة الابتدائية.
وأضاف: "كان كل شيء يبدو صعبا، الحركة البسيطة في المنزل، الخروج للصلاة، الذهاب للدروس، حتى غيرت كرة القدم كل ذلك".
ويدرس محمد بإحدى مدارس الإسكندرية في الصف الثاني الثانوي، ويحرص على لعب كرة القدم بشكل أسبوعي، بعد أن كان يواجه صعوبة في طفولته لدى خروجه من المنزل، إذ كان عليه أن يصطحب مرافقا له إلى كل مكان، وكانت والدته تتولى ذلك الأمر.
ويوضح محمد: "كانت يدي ضعيفة، لا أمارس أي رياضة، ولم أكن أعتقد أن بإمكاني ذلك، وحين بدأت لعب كرة القدم أدركت أن عليّ تقوية عضلات يدي بشكل كبير، فاتجهت لرفع الأثقال".
ويؤكد محمد أنه يحرص على الدراسة بشكل كبير، ليضمن لنفسه مكانا في كلية الطب بعد المرحلة الثانوية، ويلقى إشادة كبيرة من أساتذته، وتشجيعا من أسرته وزملائه، كما يهوى قراءة الشعر.
الجناح الأيسر
يلعب محمد البالغ من العمر 16 عاما في مركز الجناح الأيسر، ويلتحم مع المنافسين، ويضغط عليهم، ويقطع منهم الكرة، ويعتبر لحظات الدفاع أسوأ ما يمر به، نتيجة لاقتراب جسده من الأرض، على مقربة من أحذية المنافسين، التي تؤلمه، لكنه لا يطلب منهم الرأفة في اللعب.
وحول ذلك يقول محمد: "أشترط دوما على المنافس ألا تأخذه بي الرأفة. يمكن الاستمتاع بكرة القدم من خلال المنافسة بفرص عادلة".
وينشر محمد على مواقع التواصل الاجتماعي، بعض الصور ومقاطع الفيديو التي تخص تدريباته ومبارياته، كما ينشر صورا من حياته اليومية، ويلقى تفاعلا من رواد تلك المواقع.
وبحسب محمد فإن بعض الكلمات تؤلمه، حين يحدثه البعض عن الإعاقة، إذ يرى أن بإمكانه فعل كل شيء، وبالتالي فهو غير معاق: "الإعاقة هي ما تحرمك من فعل شيء ما، لكنني وبفضل الرياضة أستطيع فعل كل شيء، وأصبحت أخرج من المنزل وحدي وأعتمد على نفسي في كل أموري".
وقبل بداية لعب الكرة، كانت حياة محمد، تقتصر على الجلوس داخل المنزل، ومتابعة بعض ما ينشر على مواقع التواصل، والخروج من المنزل لا يكون إلا للمدرسة أو المسجد، وهي فترة يعتبرها تمثل عزلة له، فلم يكن يملك الثقة الكافية للخروج، أو ممارسة الأنشطة خارج حدود المنزل.
وعن تأثير كرة القدم على حياته، يقول محمد إن الكرة أعطته تلك الثقة ودفعته لاستكشاف العالم من جديد، مضيفا: "كانت حياتي مملة، لكنني تركت تلك الحياة، وأصبح لي أصدقاء كثيرون، ولي أنشطة متعددة، وبعدما كنت أقضي معظم وقتي داخل المنزل صرت أقضيه في الخارج".
وتقول والدة محمد، آمال، إن ولدها لم يكن يتفاعل في طفولته مع أحد، حتى بدأ لعب كرة القدم، حيث كان يتجنب نظرات الرأفة في طفولته، لكن تلك النظرات له تغيرت الآن وصارت نظرات إعجاب.
ويحرص محمد على لعب الكرة بشكل أسبوعي، حيث يتفق مع زملائه على استئجار أحد الملاعب لمدة ساعة أو ساعتين، كما يحرص على المشاركة في دورات كرة القدم التي تلعب في الأماكن الشعبية في محيطه: "لا ألعب في أندية، أمارس اللعب فقط مع زملائي في الأماكن المحيطة بي، وجربت لعب كرة السلة لكنني لم أفتتن بها كما حدث مع كرة القدم".