قبل ساعات من مباراة الزمالك والأهلي في نهائي دوري أبطال أفريقيا، يستعيد الإعلامي المصري حازم الشناوي مُقدم البرنامج الشهير "الكاميرا في الملعب" ذكريات "القمة" التي عايشها على مدار 16 عاما، حيث نقل للجمهور المصري عشرات المباريات الهامة بين قطبي الكرة المصرية.
ويؤكد الشناوي، البالغ من العمر 64 عاما، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" على مشاهدته نهائي القرن وسط أفراد أسرته دون توتر، وهو الشعور الذي طالما لازمه أثناء تغطية "ديربي القاهرة" من الملعب.
ونال برنامج "الكاميرا في الملعب" شهرة واسعة في التسعينيات، وصارت حلقات مباريات القمة هي الأكثر مشاهدة بالتلفزيون، لإقبال الجمهور على متابعتها للتعرف على كواليس ما جرى بأرضية الملعب من آراء الأجهزة الفنية وتصريحات كبار النجوم، والمواقف التي لا تُعرض أثناء إذاعة المباراة.
ويتحدث الشناوي لموقع "سكاي نيوز عربية" عن مباريات القمة قائلًا: "أصعب الحلقات في مسيرتي، يتملكني شعور بالقلق قبل المباراة بأسبوع، مصر كلها تتابع الحدث وعلى عاتقي نقل الكواليس دون انحياز لأي طرف من الفريقين، كانت مسؤولية كبيرة".
ويتابع مُقدم "الكاميرا في الملعب": "كانت الأجواء صاخبة، المدرجات ممتلئة عن آخرها بالمشجعين من كلا الفريقين، اللاعبين في حالة تركيز شديد خلال عمليات الإحماء، الهتافات لا تتوقف، والمناوشات الفنية مستمرة طوال الـ 90 دقيقة، أثناء ذلك انتبه لأي موقف مختلف يدور في الأنحاء".
ولم يكن مسموحا لأي مذيع أو كاميرا بالتواجد بالقرب من اللاعبين خلال مباريات الأهلي والزمالك سوى فريق عمل "الكاميرا في الملعب" كما ينوه لشناوي، وأتاح لهم ذلك معايشة العديد من المواقف التي لا ينساها أبدًا، من بينها مباراة "ديربي القاهرة" في منتصف التسعينيات.
يذكر المُذيع المخضرم: "كان اللاعب محمد عبدالجليل قد انتقل حديثًا من الأهلي إلى الزمالك في مفاجأة للجماهير، وفي مباراته الأولى ضد فريقه الأول خرج بعد 35 دقيقة فقط من اللعب، ظهر الغضب على وجهه بينما يغادر مكانه متجهًا إلى غرفة الملابس، فانطلقت خلفه بصحبة الكاميرا".
ويضيف الشناوي لموقع "سكاي نيوز عربية": "طلبت منه توضيح سر حزنه، أطلق تصريحات غاضبة، بعد إذاعة الحلقات انفجرت ضجة كبيرة في الشارع المصري، لم يكن أحد ليعرف ما دار في كواليس المباراة من دون (الكاميرا في الملعب)".
وينوه الشناوي إلى اهتمامه بالحصول على تصريحات من الفريق الخاسر بجانب مشاهد احتفال الفائزين، مُشيرًا إلى أن فريق الأهلي في عهد المدير الفني أنور سلامة غادر الملعب سريعا بعد خسارة من الزمالك بثلاثية، لكنه حرص على اللحاق بهم للأدلاء بأسباب الهزيمة لأنه حق أصيل للجمهور.
وخلال سنوات عمله الطويلة اكتسب الإعلامي المصري خبرة كبيرة في نوعية اللاعبين الأنسب للوقوف أمام الكاميرا في مباريات الزمالك والأهلي، من لديهم القدرة على الحديث برصانة وهدوء رغم الضغوط الكبيرة خلال الديربي، وفقا للشناوي.
ويؤكد مقدم "الكاميرا في الملعب" أن أبرز تلك الأسماء أحمد شوبير وطاهر أبوزيد من الشياطين الحمر، وأشرف قاسم وسامي الشيشيني وعبدالحليم علي من القلعة البيضاء، فيما يعتبر التوأم حسام وإبراهيم حسن من النجوم الأكثر إثارة خلال اللقاءات التلفزيونية بالقمة.
ومن المواقف الطريفة التي تعرض لها خلال مباريات القمة، يقول الشناوي: "أحد أفراد فريق العمل يشجع الزمالك بجنون، وفي إحدى المباريات أحرز الفريق الأبيض هدفا في مرمى الأهلي، فوجئت بأنه يهرول ناحية الملعب ويحتقل مع اللاعبين وهم لا يعرفون كيف وصل هذا الرجل إليهم، لكنني تداركت الأمر وأخرجته من الاستاد".
ويصف الشناوي المواجهات بين قطبي الكرة المصرية لموقع "سكاي نيوز عربية" بأنها حياة كاملة تدور خلال الـ90 دقيقة، لا يقتصر الأمر على إثارة كرة القدم والمواقف الاستثنائية بين اللاعبين، موضحًا أن المدرجات تشهد الكثير من اللحظات الصعبة.
يستطرد: "تابعت حالة غير اعتيادية بين الجماهير في إحدى المباريات، توجهت إلى المدرجات لاكتشف سقوط أحد المشجعين مغشيًا عليه، نُقل بسيارة إسعاف إلى أقرب مستشفى، لكننا فوجئنا بطفله الصغير، عمره 3 سنوات، ولا يعرف شيء عن عنوان البيت".
ويستكمل الشناوي حديثه عن الواقعة قائلًا: "لا يمكن ترك الطفل وحده في المدرجات، تركنا المباراة واصطحبناه إلى التلفزيون المصري، قمنا بإذاعة تنويه بضرورة أن تتوجه أسرته إلينا لاستلامه، وبالفعل اتصلوا بنا واستردوا الابن ثم ذهبوا إلى المستشفى للاطمئنان على والده".
ويحمل المذيع الكبير في جعبته الكثير من كواليس الديربي، وقد دفعه ذلك إلى نشر كتاب "كواليس وكوابيس الأهلي والزمالك" عام 1996 عن أبرز اللقطات التي تابعها كشاهد عيان عليها، وصدر منه 3 طبعات حتى الآن، بجانب كتاب آخر أطلق عليه "مافيا اغتيال الكرة المصرية".
إذاعة "الكاميرا في الملعب" عقب ساعات قليلة من مباريات الأهلي والزمالك لم تكن بالتجربة السهلة، ويشدد الشناوي على أنها احتاجت إلى فريق عمل كبير وجهد متصل منذ بداية المباراة حتى صافرة النهاية.
ويوضح أنه كان يتوجب عليه نقل ما يتم تصويره أولًا بأول إلى مبنى التلفزيون، والجزء الأخير الخاص بتصريحات الفريقين بعد المباراة يبقى رفقته ويتجه به إلى "ماسبيرو" (مبنى التلفزيون) لاستكمال عملية المونتاج في أسرع وقت حتى تُصبح الحلقة جاهزة للعرض في موعدها الثابت.
"تزيد الأمور صعوبة في حالة هطول الأمطار أو ازدحام الشوارع بالمشجعين عقب المباريات الهامة بين الفريقين التي يحصد فيها أحدهما بطولة كبيرة، يصبح التحرك في تلك الظروف صعب للغاية لكننا نحاول الالتزام بالموعد المحدد في النهاية".
ولا تخلو أيام الشناوي مع مباريات الديربي من مواجهة مشاهد التعصب، يذكر لموقع "سكاي نيوز عربية" حرصه على ارتداء ملابس حيادية لا يطغى فيها اللون الأحمر أو الأبيض منعًا لتعرضه لمضايقات من المشجعين، فضلًا عن اهتمامه ببدء الحلقات بينما يقف على خط الوسط حتى لا يتُهم بالانحياز للزمالك أو الأهلي.
وكانت وزارة الشباب والرياضة المصرية أطلقت في نوفمبر الماضي مبادرة "مصر أولًا.. لا للتعصب" لحث الإعلام على تطبيق الضوابط التي تحفظ رسالة الرياضة وتوعية جمهور الكرة بقيم الروح الرياضية ونبذ العنف والتعصب والكراهية.
وتحدث أشرف صبحي، وزير الرياضة المصرية، في عدد من المؤتمرات واللقاءات قبل نهائي دوري أبطال افريقيا، حول الابتعاد عن التعصب، وضرورة تركيز المشجعين على مؤازرة أنديتهم فقط حتى تخرج المباراة بما يليق بالمحفل الأفريقي الهام.
ويعتقد الشناوي أن مبادرة وزارة الشباب والرياضة لنبذ التعصب جاءت في الوقت المناسب، مؤكدًا على ضرورة أن يحافظ فريقي الأهلي والزمالك على صورة مصر أمام العالم، وعدم تعكير صفو الأجواء الجيدة باعتراضات أو مشاحنات داخل الملعب.
ويقول مقدم "الكاميرا في الملعب" لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه كان يُنهي حديثه دائمًا لمشجعي الفريقين بجملة واحدة: "عزيزي المشاهد، كن سعيدًا بفريقك في حالة الفوز خلال المباراة، أو اترك نفسك للحزن قليلًا عند خسارة ناديك، لكن مع انتهاء (الماتش) انسى ما جرى، كرة القدم خُلقت للمتعة لا يجب أن تخرج عن ذلك".