اعتاد صلاح عبد الغني، أحد أشهر مشجعي فريق الزمالك المصري، على حضور مباريات ناديه من المدرجات، رغم عدم رؤيته للملعب نظرا لفقدانه البصر منذ ولادته.
لكن القلق يساور قلب الرجل الخمسيني من عدم وجوده في نهائي دوري أبطال إفريقيا، بعد تأخر قرار اتحاد الكرة المصري بشأن حضور الجماهير.
ويقول عبد الغني، الذي يبلغ 56 عاما، في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية: "نعم لا أرى شيئا، لكن الذهاب إلى الاستاد هو بمثابة العيد بالنسبة لي، أشعر كأنني أشاهد المباراة بقلبي، حينما أهتف باسم اللاعبين أمتلك يقينا بأنهم يسمعوني ويلعبون من أجلي، لذلك أحلم بحضور مباراة القرن".
ويعشق عبد الغني فريق الزمالك منذ الصغر، وينطلق خلفه في كافة البطولات المختلفة، حاملا في يده مذياعا صغيرا يستمع من خلاله لأحداث المباريات، وهو ما لفت انتباه إدارة الفريق الأبيض فقامت بتكريمه العام الماضي بمنحه العضوية الشرفية للنادي.
وأعلن الاتحاد المصري لكرة القدم، على لسان محمد فضل، عضو اللجنة الخماسية، موافقة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف" على حضور من 5 إلى 10 آلاف مشجع لنهائي القرن باستاد القاهرة الدولي يوم الجمعة القادم، ومخاطبة الجهات الأمنية قبل اتخاذ القرار النهائي.
ويوضح المشجع الخمسيني لموقع سكاي نيوز عربية اهتمامه بالإجراءات الوقائية خلال ذهابه إلى المدرجات للتصدي لفيروس كورونا، مؤكدا حضوره مباريات الزمالك في الدوري وبطولة دوري أبطال أفريقيا من دون أن تفارقه الكمامة.
ويتابع عبد الغني: "أتوجه إلى المباريات مهما كانت الظروف، في الأجواء الحارة والأمطار، داخل القاهرة وخارجها، في فترات الازدهار وأيام الانكسارات، حتى في زمن كورونا، لا أعتقد أن هناك شيئا يمنعني من مؤازرة فريقي".
وتحمل مباريات الزمالك والأهلي دائما بريقا مختلفا للمشجع العاشق للفريق الأبيض، ويذكر لموقع سكاي نيوز عربية المرة الأولى التي حضر فيها القمة عام 1981 وهو ما يزال ابن السابعة عشرة من عمره، حين خرج من بيته برفقة أشقائه، ليعيش تجربة مثيرة انتهت بفوز الزمالك بهدفين مقابل لا شيء.
ويتابع عبد الغني: "كانت واحدة من أشهر مباريات القمة، أحرز الهدف الأول اللاعب أحمد عبد الحليم، حصل بعدها على سيارة غالية الثمن من صاحب توكيل سيارات زملكاوي، حكاية شهيرة شغلت الشوارع المصرية وقتها".
ومنذ 39 عاما لم يترك عبد الغني مقعده في المدرجات خلال ديربي القاهرة، ويتحدث عن ذلك قائلا: "حتى الفوز الأخير حضرته، مررت بكافة أبواب الملعب حتى سمحوا في النهاية بدخولي، شعرت بأننا سنفوز في تلك الليلة فرفضت تفويت الانتصار".
الأمور ليست سهلة على المشجع الخمسيني، إذ يحتاج إلى خطة من أجل الانطلاق إلى الملعب والعودة منه من دون خسائر، ويساعده ابن شقيقه للتحرك في يوم المباراة.
ويضيف عبد الغني: "لا بد من الوصول إلى الاستاد قبل المباراة بنحو 5 ساعات حتى لا نتعرض للأذى في الزحام، أمسك جيدًا بمذياع صغير أتابع من خلاله ما يدور في الملعب، ذات مرة تعرض لعطل فلم أعرف مجريات المباراة إلا من صراخ المشجعين بجواري".
لصوت الجماهير في المدرجات دور كبير في دفع اللاعبين إلى بذل المزيد من الجهد لإسعادهم، كما يقول عبد الغني، إذ يمكن للهتافات أن تُشعل حماس نجوم الفريق على أرضية الملعب فتتحول مجريات المباراة لصالحهم.
ويتذكر المشجع المخضرم: "في نهائي كأس الكونفدرالية العام الماضي صرخنا باسم الفريق حتى ضاع صوتنا، قفز قلبي من مكمنه في لحظات الفوز، هرعنا من دون وعي ناحية الملعب حتى وصلنا إلى الكأس، حملته مع اللاعبين، كانت ليلة مثالية لا تغيب عن بالي أبدا".
ورغم ولعه الشديد بالزمالك لكن عبد الغني يرفض التعصب بين الجماهير، ويشدد لموقع سكاي نيوز عربية على عدم دخوله في أي مناقشات حادة أو شجار مع مشجعي الأهلي أو أي فريق آخر، يدخل ويخرج من الملعب بهدوء شديد، ينشغل فقط بفريقه.
وكانت وزارة الشباب والرياضة المصرية قد أطلقت مبادرة "مصر أولا.. لا للتعصب" مع المجلس الأعلى للإعلام، في إطار الاستعداد لمباراة نهائي بطولة دوري أبطال إفريقيا، ودعوة وسائل الإعلام بالالتزام بقواعد التغطية الإعلامي لنهائي القرن وتطبيق الضوابط التي تحفظ رسالة الرياضة.
وفي جولاته المستمرة بالجامعات وعدد من وسائل الإعلام أكد أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة على أهمية نبذ العنف والتعصب والكراهية، مشددًا على ضرورة التحلي بالأخلاق الرياضية ورفع اسم مصر عاليا وتغليب الروح الرياضية والتصدي للفساد والشائعات.
ويقول عبد الغني: "أشجع فريقي بحماس بالغ، أتمنى بالتأكيد خسارة الخصم، لكن لا ألجأ إلى التنابذ أو (التحفيل)، وبعد المباراة نحن أشقاء لا يمكن التفريق بيننا بسبب الكرة، هذا ما تعلمناه منذ عقود عديدة".
ويؤمن الرجل الذي لم يتخلَ عن الزمالك في مبارياته بقدرة اللاعبين على اقتناص اللقب الإفريقي، ويتمنى منهم الاستبسال في الدفاع عن مرماهم والقتال على الكرة بشرف من أجل الفوز، وفقا لحديثه لموقع سكاي نيوز عربية، مؤكدا على أن تلك البطولات هي مصدر السعادة للمشجعين.
ساعات قليلة قبل إعلان حضور الجماهير لنهائي القرن من عدمه، يضع عبد الغني خطة بديلة في حالة رفض تواجد المشجعين، سيتوجه إلى مقر نادي الزمالك، يوضح لـسكاي نيوز عربية قائلا: "هي الأجواء الأقرب للمدرجات، أعداد كبيرة بجواري تتابع المباراة، تشجيع ناري ودفء العائلة الواحدة من حولي".