على طائرة خاصة عاد المنتخب المصري لكرة القدم من دولة أنغولا في فبراير 2010، برفقتهم كأس بطولة الأمم الأفريقية، بعد احتفاظه باللقب للمرة الثالثة على التوالي، بقيادة المدير الفني حسن شحاتة.
داخل ميناء القاهرة الجوي، استقبل الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، فريق الكرة، لتكريمهم على البطولة، قبل التقاط صور تذكارية مع الكأس أمام كاميرات التلفزيون المصري.
توارى الحديث عن الكأس مع مرور السنوات، قبل أن يُعلن اتحاد الكرة المصري مفاجأة في الأيام الأخيرة، بعدم وجود عدد من الكؤوس القديمة في المخازن خلال العمل على إقامة متحف مصغر للكرة المصرية، من بينها كأس أفريقيا لعام 2010.
تحقيق لاختفاء كأس أفريقيا
وبحسب البيان الصادر عن الاتحاد المصري لكرة القدم، هناك تحقيق للتأكد من مصير الكؤوس القديمة، وهل نجت من عملية حريق ونهب مقر الاتحاد في عام 2013، أم راحت ضمن الخسائر التي نجمت عما تعرض إليه المبنى في هذه الواقعة.
يقول المدير التنفيذي السابق لاتحاد الكرة ثروت سويلم، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه تواجد حينها في مقر اتحاد كرة القدم بحكم عمله، وشهد الهجوم على مبنى الاتحاد.
كانت مجموعات غاضبة من الشباب توجهت إلى مقر اتحاد الكرة بمنطقة الجزيرة بالقاهرة في 9 مارس 2013، بعد قرار جنايات بورسعيد، بالإعدام على 21 شخصا و5 بالسجن المؤبد و6 بالسجن 15 عاما، وتبرئة 7 آخرين في القضية المشهورة بـ"مذبحة بورسعيد" التي راح ضحيتها 72 مشجعا لنادي الأهلي المصري.
وعلى بُعد أمتار من اتحاد الكرة المصري، اقتحم مجهولون نادي ضباط الشرطة، وأضرموا النيران في أحد المباني ثم استكملوا عمليات التخريب في مقر "الجبلاية"، كما نقل التلفزيون المصري وقتها.
تدمير الاتحاد المصري لكرة القدم
يضيف سويلم لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه فوجئ بهجوم العشرات من الخارجين عن القانون إلى مقر الاتحاد يحملون الأسلحة وسط ذهول من العاملين بالمكان، وعدم قدرتهم على السيطرة على الموقف.
قادت الصدفة في عصر هذا اليوم، الشاب كريم أحمد، للمرور بجانب مقر اتحاد الكرة المصري، ليتابع تفاصيل الحادث والفوضى العارمة التي بدت أمام عيناه، كما يؤكد في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية".
وقال أحمد إنه رأى إضرام النيران في مقر اتحاد الكرة المصري ونادي الشرطة القريب منه، وقيام شباب بعمليات تخريب وتهشيم ما يقع أمامهم من واجهات زجاجية أو أبواب أو يافطات.
وشعر الشاب الثلاثيني بالقلق من التعرض لإيذاء خلال حالة الغضب العارمة التي ظهرت على وجوه من حوله، فتوجه على الفور للخروج من المنطقة.
مأسأة داخل الاتحاد
داخل مقر الاتحاد كانت الماسأة، المدير التنفيذي السابق لاتحاد الكرة محاصر في المبنى مع باقي الموظفين، بينما يُشعل مجهولون النيران في كافة الغرف مع عمليات نهب ممنهجة، على حد وصف سويلم لموقع سكاي نيوز عربية.
ويضيف سويلم: "أحرقوا المكان وسرقوا كل ما طالت أياديهم من الكؤوس الموجودة في "فاترينة" ببهو الاتحاد أو المخازن التابعة لاتحاد الكرة، فضلًا عن إتلاف مستندات هامة".
ووصلت قوات الإطفاء بعد ساعتين من الحادث، فحاولت إخماد الحريق، لكن النيران أتت بالكامل على مبنى اتحاد الكرة، وفقا لسويلم، لم يتبقَ منه سوى زجاج متناثر في الأنحاء، ومكاتب متفحمة، وجدران مغطاة بالرماد، ونظرات الحسرة في أعين العاملين.
كؤوس أفريقيا في الشوارع
إسلام سعيد، أحد شهود العيان على الواقعة، يؤكد لموقع سكاي نيوز عربية، رؤيته لعدد من الشباب يحملون أحد الكؤوس وهم يخرجون من مقر اتحاد الكرة.
وأشار سعيد، الذي مر من أمام مقر الاتحاد بعد ساعات قليلة من الحادث، إلى أن أعمال النهب ظلت مستمرة بينما يحاول رجال الإطفاء إنقاذ العالقين في المكان ومحاولة السيطرة على الحريق.
وتابع: "كان البعض يقفز من النوافذ ممسكًا ببعض المقتنيات من مقر الاتحاد، وسط حالة من الهرج في منطقة الجزيرة قبل وصول قوات الأمن".
وأمرت النيابة العامة في اليوم ذاته، بتشكيل فريق من المحققين للوقوف على ملابسات إضرام النيران بمبنى اتحاد كرة القدم ومقر نادي الشرطة بمنطقة الجزيرة، فضلًا عن ندب المعمل الجنائي لفحص أسباب الحريق وبداية اندلاعه ونهايتها.
وخلال ساعات انتقل محققون من النيابة العامة إلى مكان الحادث، للاستماع إلى شهود الواقعة من بينهم رجال الأمن المكلفين بتأمين اتحاد الكرة، واتخاذ الإجراءات القانونية وحصر التلفيات.
خسائر الاتحاد
وقُدرت الخسائر والمفقودات خلال حريق اتحاد الكرة ونهبه بنحو 20 مليون جنيه، وفقا للمدير التنفيذي لاتحاد الكرة، الذي أشرف على تحرير محضر رسمي للواقعة.
ولم يكن رئيس الاتحاد المصري حينها، جمال علام، متواجدًا في القاهرة، لكنه قطع اجتماعا في الاتحاد الأفريقي من أجل العودة لمصر لتفقد ما جرى خلال غيابه.
عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة السابق خالد لطيف يقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الاتحاد تحرك سريعًا بعد وقوع الحادث مباشرة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
ونوه لطيف إلى أن الاتحاد عمل على مد رجال الشرطة بكافة المعلومات المتاحة، فضلًا عن تفريغ الكاميرات المختلفة في منطقة الحادث وداخل مقر الاتحاد للتعرف على الجناة والمسؤولين عن تلك الجرائم.
ويضيف: "سرقة محتويات الاتحاد مثبتة في تحقيقات النيابة والمحاضر الرسمية في قسم الشرطة، أشعر بالدهشة من إعادة الحديث عن الموضوع بعد 7 سنوات، ما الجديد؟"
هذا ولم تتوقف محاولات اتحاد الكرة عند إبلاغ السلطات فقط بالحادث، لكن جرت محاولات لاستعادة الكؤوس المفقودة من قِبل أعضاء المجلس كما يؤكد لطيف لموقع سكاي نيوز عربية.
ومن خلال تحركات واتصالات من قِبل عضو الاتحاد السابق، حمادة المصري، نجح بعد أيام قليلة من الحادث في إعادة كأسين خاصين ببطولتي الأمم الأفريقية عامي 2006 و2008، حسبما يقول المدير التنفيذي السابق لاتحاد الكرة.
استعادة الكؤوس المفقودة
وتحدث المصري لموقع "سكاي نيوز عربية" عن الأمر قائلًا: "أثناء البحث عن الكؤوس تلقيت اتصالا هاتفيًا من بعض الأشخاص بمحافظة السويس لديهم أخبار هامة عن المفقودات".
وتابع عضو اتحاد الكرة في مجلس "علام": "مجموعة من المشجعين في المدينة الباسلة حصلوا على عدد من الكؤوس وأبدوا رغبتهم في مقابلتي وتسليمي للأشياء التي عثروا عليها".
ونوه المصري إلى أنهم حضروا إلى القاهرة ومعهم كأسين لبطولتي الأمم الأفريقية 2006 و2008، فضلًا عن حقيبة بداخلها عدد من الكؤوس الصغيرة والميداليات المتعلقة بمنتخبات مختلفة.
على الفور اتصل المصري بالمدير التنفيذي السابق لاتحاد الكرة، وتم تسليمه الكؤوس ووضعها في مخازن الاتحاد.
ويضيف المصري: لم نُحرر محضرًا رسميًا بالأمر لأن من عثروا على المفقودات فاعلو خير ولا ينتمون إلى البلطجية الذين اقتحموا اتحاد الكرة.
سرقة جديدة
وتحول مقر الاتحاد آنذاك إلى حالة يرثى لها، حيث وضعت حوله حراسة من قِبل أفراد أمن، لكن ذلك لم يمنع من تعرض المكان للسرقة مرة ثانية بعد 10 أيام من الحريق.
في جنح الظلام، تسلل 4 عاملين إلى مبنى الاتحاد المصري، وتمكنوا من الاستيلاء على "هارد ديسك" من داخل مكاتب الاتحاد، بحسب نيابة قصر النيل، قبل أن يلوذوا بالفرار.
ألقت الشرطة المصرية القبض على السارقين في الحادث الثاني، وأمرت نيابة قصر النيل بحبسهم على ذمة التحقيق، وتبين خداعهم للأمن المتواجد على بوابة اتحاد الكرة قبل السطو على المكان.
وكان الشغل الشاغل لوزير الرياضة السابق العامري فاروق، هو عودة العمل بمقر اتحاد الكرة مرة أخرى، حيث أمر خلال زياره لمقر الاتحاد بتشكيل لجنة هندسية من الوزارة لسرعة ترميمه.
وتزامنا مع احتفالات أكتوبر في 2013، افتتح وزير الرياضة الأسبق طاهر أبو زيد مبنى الاتحاد الجديد بالجزيرة، في حضور عدد من الشخصيات العامة.
واستقال رئيس الاتحاد المصري السابق، جمال علام، من منصبه في مايو 2016، مع تعيين "سويلم" بشكل مؤقت لإدارة شؤون الاتحاد لحين انتخاب مجلس جديد.
ولم يُعلن الإتحاد أية معلومات جديدة عن مفقودات الحادث الشهير، قبل البيان الأخير من اللجنة الخماسية المؤقتة برئاسة عمرو الجنايني.
وأكد المصري في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية أن ملف الحادث أُغلق دون الوصول إلى الجناة أو القبض عليهم.
فيما يقول لطيف: "مقتنيات الاتحاد بعد الحادث كانت موجودة في صالة الاستقبال وبعضها في المخازن، ولا يمكن المساس بها دون أوراق رسمية، لابد من العودة إليها".