لم تستغرب جماهير كرة القدم أنباء العقد الضخم الذي وقعه النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، مع شركة نايكي الأميركية، الذي بلغت قيمته 162 مليون يورو، لمدة 10 أعوام، وذلك لأن الثورة التي شنتها شركات الرياضة الضخمة مثل نايكي وأديداس في عالم الرياضة، جعلت مئات الملايين على صفحات العقود، تبدو رقما طبيعيا جدا.
وتخوض شركتا أديداس الألمانية ونايكي الأميركية منافسة "مشتعلة"، من أجل الحصول على حقوق لتمثيل اللاعبين والفرق في عالم كرة القدم.
ووفقا لصحيفة "دير شبيغل" الألمانية، تعزز هذه المعركة الفجوة بين الأغنياء والفقراء في كرة القدم، وعقد كريستيانو رونالدو الجديد، ما هو إلا دليل دامغ على ذلك.
صراع شرس
لم يصدق مدراء شركة أديداس، في مقرها ببلدة هيرزوغينوراخ البافارية، جنوبي ألمانيا، الرسالة التي وصلتهم في أبريل 2016 من نادي تشلسي الإنجليزي، الذي أبلغهم فيها أنه سينهي عقد الرعاية مع الشركة الصيف المقبل.
رسالة تشلسي كانت بمثابة "رسالة طلاق"، بين ناد اعتبرته الشركة الألمانية من أهم عملائها في عالم كرة القدم، وما كان مؤذيا أكثر، هو إعلان "البلوز" تعاقدهم مع الغريم نايكي، بعد الانفصال بأشهر.
وتخوض شركتي نايكي وأديداس منذ عقود، حربة طاحنة، للحصول على مكانة "الرقم واحد"، في عالم السلع الرياضية والملابس.
وكلما نجحت إحدى الشركتين بالتعاقد مع النجوم الكبار أو الأندية الكبيرة، فيكون الهدف الأول هو توقيع عقد طويل الأمد، يضمن شراكة طويلة، ورعاية ثابتة.
لهذا كانت خسارة أديداس لحق رعاية نادي تشلسي ضربة قوية للشركة، فهو ناد يحظى بشعبية عالمية، ويعتبر من أندية "الفئة الأولى"، وفقا لتصنيف شركات الرعاية.
وكشفت "معركة 2016 من أجل التعاقد مع نادي تشلسي" بوضوح "قسوة" التنافس بين أديداس و نايكي، حيث يحاول كلاهما الدفاع عن "ممتلكاتهما" بضراوة، مع السعي في نفس الوقت "لخطف" العملاء من منافسيهم.
أما بالنسبة لتشلسي، كان التحول لنايكي مربحا جدا، حيث حصل الفريق على 78 مليون يورو "قيمة التوقيع"، و10 مليون يورو إضافية، لتعويض النادي عن دفع قيمة فسخ العقد مع أديداس، و45 مليون يورو سنوية "قيمة الشراكة" في الأعوام الأربعة الأولى، و17 مليون يورو من عوائد بيع منتجات تشلسي، و4 مليون يورو إضافية، في حال تحقيق لقب الدوري أو لقب دوري أبطال أوروبا.
وقالت "دير شبيغل" إن مجموع عقد تشلسي مع نايكي الممتد لـ15 عاما، بلغت قيمته 835 مليون يورو.
للنجوم نصيب كذلك
وعندما وقع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو عقده الأول مع نايكي في سبتمبر 2004، عندما كان عمره 19 عاما، حصل على 3.65 مليون يورو لمدة 6 أعوام.
عقد رونالدو تم تجديده من نايكي قبل انتهائه بعام واحد، في 2009، بعد أسبوع من انتقاله لريال مدريد الإسباني، هذه المرة مقابل 15.5 مليون يورو لمدة 5 أعوام.
أما عقده الجديد، الممتد لعام 2026، أي عندما يبلغ أسطورة البرتغال 41 عاما، فيمثل الإمكانات الضخمة لنجم كرة القدم، الذي يستطيع توقيع عقد تبلغ قيمته 162 مليون يورو مع شركة رعاية، خارج نطاق عقده مع ناديه.
ومن ناحية أخرى، خسر النجم الألماني مسعود أوزيل 800 ألف يورو سنويا، بعد أن تم إبعاده من المنتخب الألماني، وذلك لأن عقده نص على تمثيل "المانشافت"، أحد أكبر عملاء أديداس.
ظاهرة عقود الرعاية
وفي حديثه عن ظاهرة عقود الرعاية في كرة القدم، شدد المحامي الرياضي جيك كوهين، عن أهمية عقود شركات صنع الملابس الرياضية، في عالم عقود الرعاية.
وقال كوهين لصحيفة "إندبندنت": "صفقات رعاية القمصان ليست صفقات رعاية تقليدية، إنها صفقات ترخيص، تمكن الشركات المصنعة للملابس من استخدام علامة النادي لبيع الملابس التي تحمل علامتها التجارية".
وأضاف: "غالبا ما تكون عقود قمصان الأندية هو المجال الأكثر ربحا لنادي كرة القدم ولسبب وجيه. لا يدفع المصنّعون للأندية من أجل وضع شعار صغير (مثل شعار نايكي أو أديداس) مطبوع على قميص النادي، بل إنهم يقومون باستثمار يدر عوائد خيالية".
على سبيل المثال، توقع هربرت هاينر، الرئيس التنفيذي لشركة أديداس، أن تكسب الشركة الألمانية 1.7 مليار يورو من صفقة مدتها 10 سنوات، بقيمة 840 مليون يورو، مع مانشستر يونايتد.
هذه العقود الخيالية، تزيد الفجوة بين كبار أوروبا وصغارها، فالأندية الكبيرة تحصد الملايين من شركات الرعاية، كما هو الحال مع الشركات الرياضية نفسها، بينما تحصل الأندية الصغيرة على أعشار هذا المبلغ.
ولكن مع هذه الأرباح الهائلة لشركات الرياضة، لماذا لا تتخلص الأندية من "الوسيط"، وتصنع قمصانها بأنفسها، وتحصل على أرباح المبيعات بالكامل؟
كوهين أجاب عن هذا السؤال: "الجواب البسيط، هو إنها أندية كرة القدم، وليسوا شركات تصنيع مستلزمات رياضية. ليس لديهم شبكات التوزيع العالمية اللازمة لتصنيع وشحن وبيع مئات الآلاف، أو في بعض الحالات، ملايين القمصان كل عام".
شبكة التوزيع والتسويق العالمية لأديداس ونايكي تجبر الأندية على التوجه لهما، ليس فقط لتوزيع منتجاتهم، بل لزيادة شعبية الأندية حول العالم، مستفيدين من تسويق شركات الرياضة الهائل.
في نهاية الأمر، معظم الأندية مؤسسات "صغيرة"، مقارنة بإمبراطوريات مثل نايكي وأديداس، التي لن تتوقف عن ضخ المبالغ الطائلة للأندية واللاعبين، فالعائد أكبر دائما.