وافق البرلمان التونسي الأربعاء على قانون مثير للجدل حول الفساد حظي بتأييد الرئيس الباجي قائد السبسي، رغم معارضة حادّة لعدد من النواب ووصف المجتمع المدني له بأنه "تبييض للفساد".

وحسب فرانس برس، صوّت لإقرار قانون "المصالحة" 117 نائبا، بعد جدل صاخب شهده البرلمان التونسي وتبادل للاتهامات بين النواب.

وهتف نواب "سنبقى أوفياء لدماء شهداء" ثورة العام 2011، فيما احتج عشرات الأشخاص أمام البرلمان ضد مشروع القانون المصالحة.

ورفع المتظاهرون بدعوة من ائتلاف "مانيش مسامح (لن أسامح)" شعارات ضد الفساد ومشروع القانون.

وكان مشروع القانون ينص في صيغته الأولى على العفو عن رجال أعمال ومسؤولين سابقين في عهد الرئيس زين العابدين بن علي ملاحقين بتهم فساد، وذلك في مقابل إعادتهم للدولة المبالغ التي جنوها إضافة إلى غرامة مالية.

وإزاء موجة الرفض الكبيرة تم تعديل النص وبات لا يشمل إلا الموظفين المتورطين في حالات فساد إداري ولم يتلقوا رشى، لكن رغم ذلك ظلّ مشروع القانون يثير معارضة حادة.

وكان السبسي وصف مشروع القانون لدى طرحه في صيف العام 2015 بأنه يؤدي إلى تحسين المناخ الاستثماري في بلد يعاني أزمة اقتصادية.

وحذر العديد من نواب المعارضة في مؤتمر صحافي سبق الجلسة من تبني مشروع القانون الذي قالوا إنه سيوجه ضربة قاضية للديموقراطية التونسية الوليدة.

وقال النائب أحمد الصديق من الجبهة الشعبية (يسار) "هذه بداية مسار سيضرب في العمق الثورة" التونسية.

كما ندد النائب منجي الرحوي (الجبهة الشعبية-يسار) بطريقة رسم الأولويات في البرلمان الذي يهيمن عليه حزبا النهضة والنداء، وتساءل كيف يملك البرلمان النظر في مشروع هذا القانون في حين أن قانون الحكم المحلي لم يتم تبنيه حتى الآن قبل الموعد المقرر للانتخابات البلدية في 17 ديسمبر 2017.

ومباشرة إثر موافقة رئيس المجلس على بدء النقاش، وقف نواب المعارضة في القاعة وأنشدوا النشيد الوطني لمنع قراءة التقرير الخاص بمشروع القانون وهم يضربون بقبضاتهم على الطاولات ما أجبر الناصر على رفع الجلسة.

وشهد البرلمان مواجهات كلامية، فقد دافع نواب "حزب نداء تونس" الذي أسسه قائد السبسي عن مشروع القانون ومعهم الكثير من نواب "حزب النهضة" الإسلامي الشريك في الحكم، في حين ندد به بشدة نواب المعارضة.

وقال عمار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية (يسار) إن "هذه الجلسة مسخرة" في حين وصفت النائبة سامية عبو (التيار الديموقراطي) نواب حزب النداء ب "المافيا".

وكان يفترض أن يعين البرلمان الثلاثاء أعضاء جددا في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لسد الشغور فيها، لكن ذلك لم يحصل بداعي عدم وجود نصاب.

ورأى الكثير من النواب على غرار عمروسية أن غياب زملائهم كان "متعمدا" للدفع باتجاه تأجيل الانتخابات البلدية التي يبدو أن العديد من الأحزاب غير جاهزة لها، بحسب مراقبين ووسائل إعلام.