كشف تحقيق أجرته صحيفة "غارديان" البريطانية، أن الأمم المتحدة منحت عقودا بعشرات الملايين من الدولارات لأشخاص شديدي القرب من الرئيس السوري بشار الأسد، أو لمؤسسات حكومية سورية، كجزء من برنامج مساعداتها للبلد الذي تمزقه الحرب منذ أكثر من 5 سنوات.
كما أشار التحقيق إلى حصول شركات وأشخاص خاضعين لعقوبات اقتصادية أميركية وأوروبية، على مبالغ كبيرة من الأمم المتحدة أو هيئات تابعة لها، فضلا على منظمات حكومية وأخرى إغاثية سورية منها واحدة أسستها أسماء الأسد زوجة الرئيس، وثانية مملوكة لرجل الأعمال رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد وصديقه المقرب.
كما يرى منتقدون أن مهمة الأمم المتحدة في سوريا "مشبوهة"، ويعتقدون أن أولويتها تتمثل في منح المساعدات للمناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وأن أموال المنظمة الدولية "تدعم نظاما مسؤولا عن مقتل مئات الآلاف من شعبه".
وتقول مصادر مطلعة إن مهمة الأم المتحدة في سوريا هي الأكثر كلفة وتعقيدا وصعوبة في تاريخ المنظمة، لكن تحقيق "غارديان" كشف عن قرارات متعاقبة بوجهات مئات العقود منذ بدء العمليات الإغاثية عام 2011، بعد أشهر من بدء الحرب.
ودفعت الأمم المتحدة أكثر من 13 مليون دولار للحكومة السورية لتنمية قطاع الزراعة، و4 ملايين دولار على الأقل لشركة تزويد لمنتجات الوقود مملوكة للدولة، فيما أنفقت منظمة الصحة العالمية أكثر من 5 ملايين دولار لدعم بنك الدم الذي تتحكم فيه وزارة الدفاع، وسط مخاوف من حصر تقديم أكياس الدم إلى مصابي الجيش فقط.
كما أن منظمتين تابعتين للأمم المتحدة عقدتا شراكة مع مؤسسة أسستها أسماء الأسد ودفعتا لها نحو 8.5 مليون دولار، فيما دفعت منظمة اليونيسيف 277 مليون دولار لجمعية البستان التي يملكها رامي مخلوف قريب الأسد، التي يفترض أنها خيرية لكنها مرتبطة بميليشيات مسلحة داعمة للنظام.
وتخضع كل تلك الهيئات والأشخاص لعقوبات أميركية وأوروبية، بمن فيهم أسماء الأسد، ومخلوف الذي تصفه الولايات المتحدة بأنه "صبي الفساد" في النظام السوري.
فضلا عن ذلك، أظهرت وثائق أن وكالات تابعة للأمم المتحدة أبرمت اتفاقات عمل مع 258 شركة سورية أخرى لها علاقات مع الأسد أو مقربة منه، مقابل عشرات الملايين من الدولارات.
وتقول الأمم المتحدة إن بإمكانها العمل فقط مع عدد قليل من الشركاء "المعتمدين من الأسد" في سوريا، وإنها تفعل ما بوسعها للتأكد من أن أموال المساعدات سرت في الاتجاه الصحيح، كما تؤكد أن عملياتها "أنقذت ملايين الأرواح".
ويرد متحدث باسم المنظمة الدولية على الأرقام التي نشرتها الصحيفة بقوله: "وصول المساعدات لأكبر عدد ممكن من المدنيين المحتاجين يمثل أهمية قصوى بالنسبة لنا. اختياراتنا في سوريا محدودة والعثور على هيئات وشركاء بإمكانهم العمل في مناطق محاصرة يصعب الوصول إليها، يمثل تحديا كبيرا بالنسبة لنا".
ويضيف المتحدث الذي لم تنشر الصحيفة اسمه: "مع دخول الصراع السوري عامه السادس، فإن الإنسانية مجبرة على اختيارات صعبة في سوريا. عندما يتعين عليك الاختيار بين تقديم سلع وخدمات بالعمل مع تابعين للنظام من جهة، أو ترك المدنيين دون مساعدات تبقي على حياتهم من جهة أخرى، فإن الاختيار واضح: واجبنا موجه نحو المدنيين المحتاجين".
ومن جهة أخرى، أكد المتحدث أن الأمم المتحدة "غير ملزمة بقائمة عقوبات الولايات المتحدة أو أوروبا، إنما ملزمة بقائمتها الخاصة".