اثارت صورة الطفل السوري، عمران دقنيش، صدمة حول العالم، إلا أنها لم تردع الطائرات الحربية عن ارتكاب مزيد من الجرائم في سوريا، حيث سجل ناشطون في مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، الخميس، "استكمال مسلسل الإجرام".
وفي وقت كان العالم لايزال يتفاعل مع صورة عمران وهو يجلس مذهولا والدماء تلطخ وجهه بعد انتشاله من تحت ركام مبنى دمرته غارة جوية استهدفت مناطق المعارضة في مدينة حلب، استمرت طائرات النظام السوري بقصف المناطق المدنية والمستشفيات.
وقال مدير "صحة إدلب الحرة"، الطبيب منذر خليل، "استكمالاً لمسلسل الإجرام، تم قصف مبنى مديرية صحة إدلب اليوم، للمرة الخامسة على التوالي خلال فترة 15 يوماً، وأسفر ذلك عن حصول أضرارٍ كبيرة في بنية المديرية وخروج البناء عن الخدمة".
وأضاف خليل لـ"سكاي نيوز عربية": "منذ بداية النزاع الدائر في سوريا إلى الآن، تمّ توثيق 120 استهداف للمنشآت الطبية، خرج العديد منها عن الخدمة، وتسبّب القصف باستشهاد 180 شخصاً من الكادر الطبي، إضافةً لاستنزاف الكوادر..".
وبالتزامن مع الغارات الجوية المكثفة، شنت مدفعية "قوات النظام السوري"، وفق ناشطي المعارضة ومصادر طبية، قصفا على مدينة خان شيخون في ريف إدلب مساء الخميس، مما أسفر عن مقتل "عائلة بأسرها مؤلفة من ستة أشخاص بينهم طفل".
وطفل خان شيخون لم يخرج حيا من بين الأنقاض ليصبح رمزا جديدا لمعاناة أطفال سوريا، أسوة بعمران الذي دفعت صورته مغردين غربيين إلى إطلاق هاشتاغ "سيريان بوي"، سرعان ما بات الأكثر تداولا على موقع تويتر في الولايات وبريطانيا.
وكتبت تشارلين ديفيراتوردا على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي "طفل مسكين. في عمر حفيدي. لا يمكنني أن أتخيل. لا تغادر الصورة خيالي"، في حين غرد مالكولميت قائلا "ليس المهم أن تنتشر.. المهم ما سيحدث حيال ذلك؟".
والإجابة عن تساؤل مالكولميت جاءت من الطائرات الحربية التي أكدت أن الأمر سيقتصر على إراقة الحبر تضامنا مع عمران، البالغ من العمر 5 سنوات، دون أن أي تحرك فعلي من المجتمع الدولي يردع النظام وغيره من استهداف المدنيين، أطفالا ونساء ورجالا.
وعلى غرار استمرار طائرات النظام بضرب المدنين غير آبهة بالصدمة الناجمة عن صورة عمران، واصلت الأمم المتحدة والدول المعنية بالنزاع السوري إطلاق التصريحات عن مهل وممرات أمنة وتوصيل مساعدات إلى المناطق المحاصرة.
فروسيا أعلنت، الخميس، أنها ستدعم وقفا لإطلاق النار لمدة 48 ساعة في حلب، في خطوة قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، إنها ستسمح بوصول المساعدات إلى المناطق المحاصرة قريبا إذا احترمت جميع الأطراف الهدنة المؤقتة.
ولا شك في أن الحرب السورية المستمرة منذ 2011 رسخت ثوابت عدة، أبرزها أن الصدمة الناجمة عن صور أطفال ونساء قتلوا في القصف بسوريا أو غرقا في البحر خارجها، ستبددها الأيام كما تبدد تصريحات ووعود الدول الكبرى والمنظمة الدولية وإداناتها.
وقبل صورة عمران، نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الغربي والعربي آلاف اللقطات المصورة لجثث أطفال مزقتها آلة الدمار، مما أثار صدمة استمرت على ما يبدو لساعات قليلة أو في أحسن الأحوال لأيام عدة وباتت مادة خصبة للكتابة الصحفية.
وصورة عمران، الذي كان يحدق في المجهول بصمت وسكينة، ستلاقي حتما مصير صورة الطفل السوري الغريق، أيلان كردي، الذي لفظت الأمواج جثته إلى شاطئ منتجع تركي، فقد أثارت صدمة واجتاحت صفحات الجرائد والشاشات دون أن تحرك ساكنا.