عاد ملف المنظمات الحقوقية في مصر ليطفو على السطح مجددا، بعد سنوات من اكتسابه زخما واسعا عام 2011، حين تقرر تشكيل لجنة تقصي بشأن قضية التمويل الأجنبي، تشمل 400 منظمة مصرية وأجنبية.

وثمة حالة من الجدل حاليا، بشأن دور هذه الجمعيات، خاصة تلك التي تتلقى أموالا من الخارج، يتلخص في وجهتي نظر، تقول الأولى، إنه لا مشكلة في تلقي أموال من الخارج، طالما تعمل الجمعيات تحت رقابة القانون.

بينما يرى أصحاب وجهة النظر الأخرى، أن الدعم الغربي لأي منظمة غير حكومية، لا بد أن يكون له ثمن، قد يكون على حساب الأمن القومي المصري.

ويقول الباحث المصري في الاجتماع السياسي عمار علي حسن أنه ينبغي التفرقة بين دور وتأثير المجتمع الأهلي، وهو قديم في مصر، وله تاريخ طويل في الدفاع عن حقوق المرأة والعمال وغيرها من القضايا، وبين ما تقوم به منظمات أخرى ظهرت مؤخرا، منشغلة بقضايا حقوق الإنسان، وأجندات تمكين المرأة وتمكين الشباب، وغيرها من القضايا التي أثارت جدلا بشأن قيمتها، وأين تأتي على ترتيب الأولويات في مصر.

والمشكلة، كما يرى حسن، أن "الحابل في مصر اختلط بالنابل"، فبعض تلك المنظمات يعمل بجدية، ويؤدي دوره على أكمل وجه، بينما البعض الآخر يعتريه قدر من الفساد الذي يفضحه ثراء مفاجئ ظهر على عدد من القائمين على تلك المنظمات.

واعتبر حسن، في لقاء مع سكاي نيوز عربية، أن القضية عادت إلى الواجهة مجددا مؤخرا، لأن صوت عدد من تلك المنظمات قد ارتفع بانتقادات خلال الشهور الأخيرة.

كما نبه إلى استغلال قوى خارجية عدة لقضية الديمقراطية، وما يتصل بها، من أجل "تمتين" مصالحها في بعض الدول، ما يستوجب التفرقة بين تمويل تحصل عليه تلك المنظمات من الغرب، يأتي من جهات "تسعى لأعمال خيرة من أجل الإنسانية في دول العالم الثالث"، وبين منظمات تعمل بتوجيه مباشر من إدارات حكومية في عدد من الدول، تستغل تلك المنظمات في خلق طبقة داخل المجتمعات، تدافع عن مصالح تلك الدول، وتنفصل تدريجيا عن المصالح الوطنية.

قوانين وانتقادات

ويتيح قانون المنظمات الأهلية في مصر الحق في تلقي تبرعات خارجية ومساعدات، بشرط الحصول على ترخيص مسبق من وزارة التضامن الاجتماعي.

وللحكومة صلاحية إغلاق أي منظمة وتجميد أموالها ومصادرة أملاكها، وهي النقطة التي تعارضها جمعيات حقوقية عدة.

ويواجه عدد من المنظمات الحقوقية المصرية شبح الإغلاق، في الوقت الذي يقول فيه المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، رعد بن زيد الحسين، إن على السلطات المصرية تجنب "أصوات ناقدة" تدافع عن حقوق الإنسان.

بينما ترد القاهرة بأن مصر تتيح لأكثر من 47 ألف منظمة العمل بكل حرية، طبقا للقوانين المعمول بها في البلاد.

وتضيف أن 7 في المائة فقط من طلبات الحصول على تمويل أجنبي رفضت، العام الماضي، مقابل ارتفاع إجمالي التبرعات الخارجية ليبلغ مئة مليون دولار.

وتقول منظمات حقوقية مصرية إنها لا تخفي ما تتلقاه من تمويل أجنبي عن أجهزة الرقابة المصرية، متهمة السلطات المحلية بعرقلة عملها القائم أساسا على المساهمة في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.