"عصيون" هي كلمة تختصر معاناة الأسرى الفلسطينيين والاستيطان الإسرائيلي وجرائم الإعدام الميداني، لكنها على الجانب الآخر، أرض جميلة تسر الناظرين، فقد وصفها الرحالة الفارسي ناصر خسرو (1088-1004) منطقة عصيون الواقعة بين بيت لحم والقدس بأنها جنة عدن، بعد أن سحرته المنطقة بجمالها.
وترتفع عصيون 1048 مترا عن سطح البحر، ويمكن رؤية البحر الأبيض المتوسط وقبة الصخرة المذهبة من أعالي جبالها، وتحيط بها غابات خاصة على الجهة الغربية.
وإذا ما استخدم القارئ "خرائط غوغل" لمشاهدة المنطقة، سيجد اللون الأخضر كثيفا فيها عما سواها من المناطق المجاوة بفعل انتشار الغابات فيها.
وتنبع في "عصيون" مياه عذبة من خلال عدة عيون، شكلت خزان المياه لمدينة القدس على مدار 2000 عام، ولايمكن أن توجد العيون بلا آثار، لذلك يمكن مشاهدة آثار بيزنطية ورومانية وإسلامية في المكان، وفق الباحث الفلسطيني أسامة العيسة.
لكن الفلسطينيين لا يحظون بفرصة التنزه في هذه المنطقة، إذ إن فيها تجمعا استيطانيا يضم 15 مستوطنة، وعددا من البؤر الاستيطانية، التي تستولي على مساحة 20 كيلومترا، ويسكنها 70 ألف مستوطنا، لا يتوانون عن البطش بالفلسطينيين.
وأطلقت إسرائيل اسم "جوش عتصيون"، أي تجمع مستوطنات عتصيون، في حين يطلق الفلسطينيون على المنطقة اسم "كفار عصيون".
وإلى جانب المستوطنات، أقامت السلطات الإسرائيلية منذ سنوات مقرا للتحقيق والاعتقال بجانب هذه المستوطنات.
وخلال الهبة الجارية في فلسطين، كان هذا المركز الأكثر استقبالا للأطفال الفلسطينيين، الذين تعرضوا فيه للضرب والتعذيب.
ووثق محامو نادي الأسير الفلسطيني، تعرض الأطفال المعتقلين هناك لهجوم الكلاب البوليسية التي نهشت أجساد بعضهم، وأصابتهم بجروح.
ومنذ بداية أكتوبر الماضي، قتل الجيش الإسرائيلي 7 فلسطينيين على مفترق "كفار عصيون"، قال إنهم حاولوا تنفيذ عملية طعن.
أهمية استراتيجية
ويقول الخبير في شؤون الاستيطان، عبد الهادي حنتش، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "عتصيون" يمثل أهمية استراتيجية لإسرائيل، فهي تعتبره جزءا من مخطط "القدس الكبرى"، الرامي إلى توسيع مساحة القدس.
وأضاف حنتش أن الإسرائيليين باشروا في الاستيطان في منطقة "عصيون" بعيد احتلال الضفة الغربية عام 1967، وفي عام 2006 صدر قرار إسرائيلي بضم هذا التجمع إلى الجدار العازل، باعتبار التجمع الاستيطاني جزءا من إسرائيل.
وأصدرت السلطات الإسرائيلية العام الماضي أوامر بمصادرة 4000 آلاف دونم من أراضي هذه المنطقة من أجل توسيع مستوطنات قائمة ضمن التجمع الاستيطاني، وفقا للخبير الفلسطيني.
ووسط هذا التجمع الاستيطاني، توجد قرية صغيرها اسمها "بيت سكارية"، كانت أراضيها تصل إلى 4000 دونم، لكن أوامر المصادرة الإسرائيلية لم تبق منها سوى ربع هذا الرقم، ويتعرض سكانها لتضييق شديد على البناء في القرية، ولا يكف المستوطنون عن شن اعتداءات متتالية بحق أهالي القرية.