لا تكتفي القوات الإسرائيلية بملاحقة الفلسطينيين وقتلهم، بل تحتجز الجثامين وتدفنهم في مقابر تسمى "مقابر الأرقام"، وهي مدافن لا تراعي كرامة الموتى.

كان عشرات آلاف الفلسطينيين شيعوا، السبت، جثامين 5 شبان وفتيات قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي في الخليل في فترة تراوحت بين أسبوع و10 أيام، لكن الإسرائيليين ماطلوا في تسليم الجثامين، وخرجت مسيرات عديدة في المسيرة تطالب السلطات الإسرائيلية بتسليم الجثامين.

لكن أهالي هؤلاء القتلى ربما يكونون محظوظين مقارنة بعائلات أخرى فقدت أبناءها منذ سنوات طويلة، لكن السلطات الإسرائيلية تصر على عدم تسليمها جثامين أبنائها.

وتحتجز إسرائيل 242 جثمانا تعود لفلسطينيين قتلوا في مراحل الصراع العربي الإسرائيلي طوال عقود، وفقا لأرقام فلسطينية، فيما يقول الجيش الإسرائيلي إنه يحتجز فقط رفات 119 شخصا .

ومنذ اندلاع الهبة الشعبية مطلع أكتوبر الماضي قتلت إسرائيل 72 فلسطينيا، ومازالت تحتجز جثامين 24 منهم.

ويقول منسق اللجنة الوطنية الفلسطينية لاسترداد جثامين الشهداء، سالم خلة، في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية": "منذ احتلال إسرائيل ما تبقى من أراضي فلسطين عام 1967، دأبت السلطات الإسرائيلية على احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين".

وأضاف خلة أن إسرائيل خصصت لهذه الغاية مقابر في مناطق عسكرية يحظر على أهالي الضحايا ووسائل الإعلام والمنظمات الدولية الدخول إليها.

وتتوزع هذه المقابر قرب بحيرة طبرية والأغوار وبئر السبع، ولا يزيد عمق القبر فيها عن 50 سم، وتوضع الجثامين في صفوف متراصة، واختلطت بعض الجثامين بفعل عوامل الطبيعة، فضلا عن وضع الجثامين في أكياس بلاستيكية واعتماد كل شهيد بواسطة رقم يكتب على الكيس، لكنه يتلاشى بفعل عوامل الطبيعة.

ويرى خلة أن هذه الإجراءات، التي تتخذها السلطات الإسرائيلية بحق الضحايا الفلسطينيين بعد قتلتهم، تندرج في إطار سياسة العقاب الجماعي، التي تشمل هدم المنازل وسحب الإقامة والاعتقال.

 وكانت الحملة الوطنية الفلسطينية لاستراد جثامين الشهداء ومركز القدس للمساعدة القانونية حصلا على تعهد من الجيش الإسرائيلي أمام المحكمة العليا في إسرائيل في يوليو الماضي، بأنه لن يعود إلى سياسة احتجاز جثامين الفلسطينيين، فضلا عن تسليم الجثامين في مقابر الأرقام بعد مطابقة فحص الحمض النووي 

لكن يبدو أن جيش الاحتلال لم يلتزم- كعادته- بالعهد الذي قطعه، وانضم إليه المجلس الأمني الإسرائيلي، إذ أصدر أمرا بعدم تسليم جثامين الفلسطينيين الذي قال إنهم نفذوا هجمات خلال أكتوبر الماضي.

وحاولت عدد من عائلات أهالي الضحايا الفلسطينية عبر محامين ومنظمات حقوقية، إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت الطلبات الفلسطينية، وجاء في رد المستشار القضائي للشرطة الإسرائيلية: "طالما استمرت موجة العمليات للاستجابة لطلبكم بتسليم الجثامين لا نجد سببا في الوقت الحالي، وطالما استمرت موجة العمليات للاستجابة لطلبكم بتسليم الجثامين".

لكن بفعل مطالبات منظمات حقوقية حدث تجاوب إسرائيلي جزئي مع مطالبات المنظمات الحقوقية وأهالي الضحايا بتسليم جثامين أبنائهم الذي قتلوا في الهبة الشعبية.