بعد المناوشات السياسية، ومحاولات استمالة الشارع، يلعب رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي ورقة جديدة مع غريمه السياسي رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، وهي ورقة الحشد الشعبي.

فقد وجه قادة في ميليشيات الحشد، التي يدين القسم الأكبر منها للمالكي، رسالة مكتوبة إلى رئيس الحكومة حيدر العبادي مطالبين بمزيد من الامتيازات.  

وبدت مطالب الحشد المستجدة، وكأنها صادرة عن جهة رسمية في الدولة.. وهي تدل على قوة هذه الميليشيات ودورها الأمني الذي يؤثر على البلاد.

وبدأت الرسالة بتذكير العبادي بأن الحشد يقود معاركه ضد داعش بالشراكة مع الجيش وقوات الأمن.

ربما يكون للشراكة هنا معنى الاستقلالية، وهو ما يعطي الحشد أفضلية للمطالبة بالمعاملة بمثل معاملة الجيش من ناحية التمويل والتسليح والتدريب.

ومشكلة الحشد المعلنة هي إعادة النظر بالميزانية المخصصة له من الحكومة العراقية، وهي ميزانية وصفها بالهزيلة، مقارنة بميزانية الجيش.

كذلك تطالب ميليشيات الحشد بتشكيل هيئة أركان مشتركة، تضم الحشد والجيش والشرطة، لإعداد وتوزيع الأموال والأسلحة بحسب متطلبات المعركة.

لكن المثير للتساؤل هو أن الجيش العراقي يشكو نقص التمويل والعتاد والسلاح، كما الحشد الشعبي.

لذا فإن رسالة ميليشيات الحشد إلى العبادي، في مضمونها وتوقيتها، تظهر إلى العلن خلافات بين الطرفين، كانت، حتى الأمس القريب، مبطنة.

ويتكون الحشد الشعبي من أكثر من 40 ميليشيا، تدين جميعها بولاء عقائدي ومالي لإيران، كما يخضع  أبرزها لسلطة المالكي ويلتزم مواقفه، بينما يوالي القليل منها العبادي وقيادات شيعية عراقية أخرى.

وبحسب المتابعين، فإن المالكي، الذي لا يزال اسمه مسطر في ملفات الفساد، لا يوفر فرصة لإثبات أنه يملك من الأوراق ما يهدد أمن العراق، تارة بالتذكير بعلاقاته مع إيران، وتارة أخرى باستعراض قوى من خلال الحشد الشعبي.

أما العبادي، الذي يبدو أنه بدأ يشعر بثقل هذه الميليشيات، فيحاول التذكير دائما بضرورة إبعاد الحشد عن العمل السياسي وهي الخطوة التي يسعى المالكي لعرقلتها.