ازداد التوتر الذي يسود محافظة السويداء جنوبي سوريا مع احتدام المعارك بين المعارضة والقوات الحكومية في درعا عند حدودها الإدارية، بالإضافة إلى مقتل أكثر من 20 شخصا من الطائفة الدرزية في محافظة إدلب على يد مسلحي جبهة النصرة، مما أثار غضب الكثير من أبناء الطائفة في السويداء.
ومنذ بداية الأحداث الدامية في سورية حافظت السويداء، التي ينتمي معظم سكانها إلى الطائفة الدرزية، على حيادها من الأزمة وتمسكت بأمنها لكنها أصبحت الآن على خط النار، فدائرة المعارك أصبحت على حدودها، وفي أريافها خصوصا الشمالي الشرقي والغربي، حيث مطار خلخلة شمالا ومطار الثعلة غربا، وهما الأكثر استهدافا من قبل المعارضة.
وأصبحت السويداء تتعرض لحملة إعلامية شرسة من أجل دفع "بني معروف" للانخراط بشكل واضح في الصراع الدامي الذي تشهده البلاد منذ أكثر من 4 سنوات.
ويرى الموالون من المحافظة أن الجيش السوري يضع نصب عينيه حماية السويداء على سلم أولوياته، حيث عزز مواقعه العسكرية بقوات وأسلحة جديدة، واستفاد من القوات التي انسحبت من معبر نصيب الحدودي مع الأردن والمخافر المحيطة به، كما تم تعزيز فصائل محلية مسلحة رديفة للجيش، ويوجد حاليا أكثر من 14 تشكيل عسكري تابع للحكومة السورية بالمحافظة.
تراث "الباشا"
وقد تفرض هذه الأحداث على أهل الجبل، النهل من تراث ابن مدينتهم سلطان باشا الأطرش، حين أشعل ثورة لم يختلف أحد على شرعيتها عام 1925 سميت بالثورة السورية الكبرى، ضد سلطة الانتداب الفرنسي التي أرادت تقسيم سوريا على أساس طائفي ومذهبي، فكان له دورا تاريخيا في نيل الاستقلال.
وعلى غرار المقولة الشهيرة التي أطلقها الباشا "إلى السلاح إلى السلاح"، جدد الوزير اللبناني الدرزي السابق وئام وهاب الدعوة بقوله "يكفي بيع دم الدروز على أبواب السفارات، فنحن وجدنا هنا منذ ألف سنة، وما يحمينا هو موقفنا بالدفاع عن أرضنا وليس ببيانات تافهة"، مؤكدا أن "دروز سوريا لم يخافوا أحدا في حربهم مع العثمانيين، ومستعدون اليوم لإذلال الارهابيين ولا ينقصهم سوى السلاح".
وأعلن وهاب أن "السويداء بحاجة لعشرات الدبابات وللصواريخ"، داعيا إلى إنشاء جيش في السويداء ووحدات مقاتلة"، كما دعا "الجميع للتطوع من لبنان وغير لبنان لحمل السلاح والوقوف إلى جانب أهلنا لكن شرط أن يكون هذا التسليح منظما".
غير أن هناك من يرى أن تراث الباشا يفرض على أهل السويداء الوقوف مع المعارضة ومحاربة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بحجة "أنه فقد شرعيته" بعد سقوط مئات آلاف القتلى والجرحى ولجوء ونزوح ملايين السوريين.
ويعتز أنصار هذا التوجة بمقولة سلطان الأطرش عندما حذره البعض من أن محاربة فرنسا قد يؤدي إلى وقوع خراب كبير في السويداء وسوريا، فقال "تخرب البلد أحسن ما تخرب كرامتنا".
بالمقابل، أعلن أحد مشايخ الدروز في المحافظة وحيد فهد البلعوس الذي يتزعم ما يسمى "تيار مشايخ الكرامة"، عن تمسك أهالي السويداء بقرارهم الوطني المستقل والجامع، وعدم "الوقوف إلى جانب أحد الأطراف المتصارعة، ورفض سلاح الولاءات والفتنة"، معتبرا أن سلاح أهالي السويداء الحقيقي هو سلاح الكرامة.
ودعا البلعوس في مناسبات عدة إلى الدفاع عن حدود الجبل، دون التدخل في الصراع الدائر خارج حدود المحافظة، والالتزام بواجب الحماية فقط.