منذ أربعة أيام يقف عند مدخل بلدة كلار جنوب شرقي محافظة السليمانية بإقليم كردستان، أكثر من 500 عائلة نازحة من مدينة الرمادي وضواحيها، مفترشة العراء في انتظار السماح لها بالدخول إلى مدن الإقليم.
إلى جانب هؤلاء هناك مئات أخرى من العوائل النازحة من المناطق الساخنة في الأنبار، تقيم في خيم مؤقتة ومبان مهجورة أو قيد الإنشاء في منطقة قره تبه جنوب بلدة كفري التابعة لمحافظة ديالى، وهي تكابد أوضاعا معيشية قاسية تحت لهيب الشمس الحارقة.
ومن بين النازحين عشرات المرضى من الأطفال وكبار السن الذين يعانون من أمراض كداء السكري والقلب والضغط وغيرها، وهم في أمس الحاجة للدواء والرعاية الطبية.
وناشد العديد من النازحين الذين التقتهم "سكاي نيوز عربية" سلطات إقليم كردستان، وفي مقدمتهم رئيس الإقليم ورئيس حكومته بالسماح للنازحين لاسيما المرضى منهم بالدخول إلى المدن لتلقي العلاج.
وقال شهود عيان إن السلطات سمحت يوم الأحد الماضي بدخول مائة عائلة نازحة إلى السليمانية، بوساطة من بعض المسؤولين الكبار، فيما ظل الآخرون في العراء دون رعاية أو اهتمام.
وقد هرع العشرات من أثرياء بلدة كلار لنجدة المنكوبين النازحين بإمدادهم بالمستلزمات الضرورية من أغطية وفرش وخيام جاهزة ومياه نقية ووجبات الأكل الجاهزة.
وقال آرام صلاح مندوب منظمة "أوكسفام" الخيرية البريطانية في تصريح لـ"سكاي نيوز" إن المنظمة أمدت النازحين ببعض المستلزمات الضرورية والإسعافات العاجلة للذين يعانون من أمراض مزمنة، وتقوم حاليا بإحصاء جميع الأسر النازحة تمهيدا لإيوائها في المخيمين المقامين شمال وجنوب بلدة كلار.
لكن النازح أبو إبراهيم (63 عاما) قال "نحن لا نريد السكن في المخيمات، ولا نريد التعامل معنا كلاجئين بل السماح لنا بدخول مدن الإقليم والإقامة فيها بلا قيود أو المرور بها مرور الكرام إلى تركيا"، وأضاف "معظمنا ميسوري الحال وبوسعنا شراء سكن مريح لعوائلنا والعيش بكرامة في مدن الإقليم الذي لم نقصده لشيء إلا بحثا عن الأمان والاستقرار".
أما الحاجة صبرية (71 عاما) والتي تعاني من أمراض القلب، فقد ناشدت سلطات الإقليم السماح لها بتلقي العلاج هي وزوجة ابنها المصابة بكسر في ساقها، وقالت إنها اقترضت مبلغا بسيطا من جيرانها لتغطية نفقات رحلة هروب أسرتها نحو كردستان، وأضافت والدموع تنهمر من عينيها الضعيفتين "لم يبق لنا ملاذ في العراق سوى كردستان، ولا احد سوى الله والكرد".
أما أبو إبراهيم (51 عاما) فطالب رئيس الإقليم مسعود البرزاني أن يقبل النازحين ويعتبرهم من مواطنيه، ودعاه إلى طرد كل المسؤولين في الأنبار ممن لجأوا مؤخرا إلى أربيل وقال "إنهم السبب في مأساتنا، فهم تاجروا بقضيتنا وسلمونا لقمة سائغة إلى مسلحي داعش".
ومن جانبه، قال هفال ابراهيم، المتحدث الرسمي باسم إدارة بلدة كلار إن "البلدة تستوعب عشرة آلاف نازح من جلولاء والسعدية ومناطق محافظتي ديالى وصلاح الدين، وتعاني حاليا من أزمة سكن حادة، لذلك فهي ليست قادرة على استيعاب المزيد من النازحين."
وأضاف في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" لقد أعدت إدارة المدينة بالتعاون مع السلطات العراقية والمنظمات الدولية مخيمين كبيرين بطاقة ألف عائلة لكل منهما في جنوب وشمال كلار، ويضمان وحدات سكنية جاهزة ومزودة بوسائل المعيشة اللائقة، إضافة إلى المدارس بمرحلتيها الابتدائية والثانوية، وكذلك الأسواق والوحدات الطبية وأجهزة الشرطة والأمن لتوفير الاستقرار للنازحين، لكنهم يرفضون السكن في المخيمين."
وتابع ابراهيم "السلطات المحلية لا تمانع دخول النازحين إطلاقا، ولكن هناك إجراءات أمنية ينبغي اتخاذها قبل ذلك، نافيا وصول أي من أسر النازحين إلى السليمانية".
هذا ويستمر وصول قوافل النازحين إلى المنطقة من أهالي العاصمة بغداد أيضا، والذين أكد البعض منهم أنهم لم يعودوا يشعرون بالأمان في بغداد التي بات الخطر قريبا منها حسب تعبيرهم.