يؤكد سقوط القصر الرئاسي في صنعاء بقبضة الحوثيين وتضييق الخناق على الرئيس عبد ربه منصور هادي، أن "مثلث الرعب" المتمثل بحركة أنصار الله وتنظيم القاعدة والحراك الجنوبي بات يهدد فعليا بتشرذم اليمن.
ويأتي اجتياح حركة أنصار الله، التي يتزعمها عبدالملك الحوثي، لصنعاء في سبتمبر الماضي، في غمرة من الاتهامات حول حدوث اختراق كبير في صفوف الجيش اليمني الذي يتهم بعض ضباطه بالولاء للنظام السابق.
ولا تقتصر الاتهامات حول تمدد الحوثيين من صعدة إلى صنعاء عبر "تحالفات سرية"، إذ أن بعض التيارات اليمينة تتهم عبدالملك الحوثي بنسج علاقات قوية مع إيران، التي تدعم في الوقت نفسه، طبقا لهادي نفسه، الحراك المطالب بانفصال الجنوب.
إلا أن الجماعة التي انطلقت من معاقلها في جبال صعدة النائية، لتسيطر على معظم المناطق في أكثر من 6 محافظات وعلى أجزاء من الساحل الغربي لليمن حيث وصلت إلى باب المندب والبحر الأحمر، تنفي هذه الاتهامات.
وتؤكد قيادات أنصار الله أن الحركة لا تتلقى الدعم من طهران، وتنفي عقد أي تحالف مع أي تيار خاصة في ظل اتهامات وجهت للرئيس السابق، وتذكّر بأنها خاضت مع علي عبدالله صالح سلسلة حروب بين عامي 2004 و2010.
تهديد القاعدة
بيد أن التحديات التي تواجه اليمن لا تقتصر على محاولة الحركة الحوثية فرض شروطها بحكم "السلاح"، بل تشمل تهديدات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي صعد في الأشهر الماضية من حدة الهجمات على القوات الحكومية.
وحاول تنظيم القاعدة وحركة أنصار الشريعة المرتبطة به استغلال تمدد الحوثيين ليعقد تحالفات مع مجموعات قبلية سنية تحت ذريعة مقاتلة "أنصار الله"، التي لا يغيب عن نسيجها أيضا العامل القبلي، في بلاد يغلب عليها الطابع القبلي.
وعلى غرار "عدوها اللدود" الحركة الحوثية، يستهدف التنظيم المتشدد، في محاولة لنشر الفوضى، المؤسسة العسكرية التي من المفترض أن تمثل خط الدفاع الأخير عن سيادة اليمن ووحدته، في ظل تصاعد المطالب الانفصالية.
هاجس الانفصال
فبعض الحركات في جنوب البلاد لا تخفي مطالبها باستعادة دولة الجنوب وعاصمتها عدن وذلك بعد مرور أكثر من عقدين على توحيد الشمال والجنوب، رغم محاولة الرئيس اليمني احتواء هذه الدعوات من خلال مخرجات الحوار الوطني.
وإن وافقت تيارات من الحراك على هذه المخرجات، وأبرزها إقامة دولة فدرالية من ستة أقاليم، إلا أن القوى الفاعلة في الجنوب التي قاطعت الحوار رفضت ذلك، وأصرت على الانفصال، لاسيما بعد الانفلات الأمني في الشمال.
ومن أبرز تلك القوى، التيار الذي يتزعمه الرئيس السابق لليمن الجنوبي، علي سالم البيض، الذي يؤكد أن "الوحدة بين صنعاء وعدن فشلت"، ويصر على إجراء استفتاء لتحديد مصير الجنوب بإشراف منظمة الأمم المتحدة.
ويتهم الرئيس اليمني القيادات الراديكالية في الحراك الجنوبي، وعلى رأسهم البيض بتلقي الدعم من إيران، الأمر الذي ينفيه الأخير ويصر على استقلالية قراره في بلد مصيره تحت رحمة قوى متشددة وحركات انفصالية ونزاعات قبلية-مذهبية.