وسط سرادق العزاء المقام في مدخل منزله بمدينة غزة، جلس الدكتور مجدي نعيم يروي لسكاي نيوز عربية قصة مقتل ابنه الأصغر عبد الرحمن، الذي كان يبلغ من العمر 3 سنوات و11 شهرا، في قصف صاروخي إسرائيلي يوم الاثنين.

رفعت على مدخل المنزل لافتة عليها صورة الصغير، وعلقت على الجدران حلقات من الورد المخصص للتعازي.

وبدأ نعيم قصته قائلا: "كنت قد وصلت البيت من المستشفى في الثانية ظهرا، وكنا نستعد لتناول وجبة الغداء، وكان معنا أخي وأولاده، منهم طفلة عمرها 3 أشهر، عندما انطلق فجأة صاروخان مرا بالبناية الملاصقة لنا واخترقا منزلنا".

وأضاف: "سمعت سامي ابن أخي يصرخ، فقمت لأتحقق مما جرى، فوجدت أن شظية اخترقت جسده. دخلت من صدره وخرجت من ظهره وكانت الدماء تسيل منه بغزارة فقمت بالإسعافات الأولية وركضت حاملا إياه إلى المستشفى".

وتابع: "بينما كان الأطباء يسعفون ابن أخي سمعت أن ولدي محمود وعبد الرحمن قد أصيبا أيضا، ونقلا إلى نفس المستشفى، فدخلت الغرفة المجاورة ووجدت الدماء تسيل من أنف عبد الرحمن ومن فمه، وعلمت أنه توفي قبل أن يصل إلى المستشفى".

وأضاف: "لم يتحمل جسده الصغير قوة دوي الانفجار، لقد كان مستلقيا على وجهه على الأرض يلعب بألعابه الصغيرة ولم يخرج منه أي صوت فلم نلاحظ أن الدماء تسيل منه".

يشار إلى أن ابنه محمود أصيب بشظية في قدمه وهو يعالج منها حاليا.

وقال نعيم إنه كان قد شيد منزله في الشارع المتفرع من شارع الوحدة، لأن "المنطقة آمنة" كما صمم صالة الاستقبال في الشقة بحيث تكون باتجاه الشارع الفرعي حتى يتخذها وعائلته "ملجأ آمنا أثناء الغارات الإسرائيلية التي تكررت في الأعوام الأخيرة "على قطاع ومدينة غزة.

وعبر الأب عن حزنه الشديد لفراق طفله، قائلا: "الأب يريد دائما أن يعلم أولاده ويربيهم على أكمل وجه. لقد تعلمت في ألمانيا وابني الكبير، 20 عاما، اختار نفس الطريق فأرسلته ليتعلم الطب هناك، وكنت أتمنى أن يفعل عبدالرحمن أيضا ما يحبه ويختاره هو، وأن يكون إنسانا جيدا".

ويواصل وهو يغالب دموعه "بذلت كل جهدي لتأمين عائلتي، ولكن البيت لم يكف، كما لم يكف حضني لحماية ابني".

منزل عائلة العسلي التي قتل 13 من أبنائها في غارة إسرائيلية على قطاع غزة

في مدخل حارة عباد الرحمن المتفرعة من شارع الشيخ أحمد ياسين، ألصقت صورة كل من طلال العسلي الشهير بأبي بلال، 48 عاما، وابنه أيمن، 19 سنة، وابنته عبير، 12 سنة، الذين قتلوا في قصف صاروخي إسرائيلي.

في المبنى البسيط جلست زوجته تمام العسلي على الأرض محاطة بوالدة زوجها وعشرات من نساء العائلة وأبنائها الثمانية الآخرين.

وقالت تمام: "أبو بلال مزارع وكان يعمل في قطعة الأرض الصغيرة جدا التي نملكها أمام الدار ويزرعها بالخضروات التي كان يبيعها".

وتابعت: "ذهبت عبير لتحمل له ولأخيها أكواب الشاي فوقفوا لقطاف بعض فروع النعناع لإضافتها إلى المشروب، وكنت أنظر إليهم من الشباك عندما هبط عليهم الصاروخ فسقطوا أشلاء أمام عيني".

وأضافت وهي تجهش بالبكاء: "ارتميت على ظهري من هول الصدمة وغبت عن الوعي".

أما الحماة فقالت وهي تعدل ثوبها الأسود وترفع يديها المحناة بعد أدائها مناسك الحج هذا العام: "حسبي الله ونعم الوكيل، طلال هو الذي كان يسعى في سبيل رزق العائلة لأن والده مقعد".

والدة طلال العسلي الذي قتل في غارة إسرائيلية على قطاع غزة

أعلام حركة المقاومة الإسلامية حماس ترفرف أمام سرادق العزاء المقام في الشارع أمام منزل عائلة الدلو وحوله، حيث قتل 13 شخصا، منهم  9 من أسرة واحدة.

قتلت الأم و4 من أطفالها، أصغرهم إبراهيم وعمره 11 شهرا والجدة ووالدتها المسنة وعمتان، بينما قتل 4 من الجيران.

الأب محمد الذي كان يتسوق مع أحد أبنائه نجا من القصف وقد قف يتلقى العزاء في عائلته، لكنه رفض الحديث قائلا: " لم أعد قادرا على الكلام، إنني أنتظر عودة ابني الثاني من السفر ربما عندها أسترد بعض عافيتي".

ويقول حسام أحد الجيران: "عندما عاد من السوق فوجئ بالبيت وقد انهار، فهرع إلى المستشفى وأخذ يسأل عن زوجته وكانت الحجرة مليئة بالجثث والأشلاء فلما أشاروا إلى جثة تهشم وجهها احتضنها وأخذ يصرخ ماذا فعلوا بك!".

جورج سلامة سابا لم يفقد شقيقه الأكبر نسيم، الذي ناهز من العمر 26 عاما، في عملية "عقاب السماء" الأخيرة على غزة بل في حرب إسرائيل على القطاع في ديسمبر 2008 ويناير 2009.

وقال جورج: "نسيم قتل في الـ 6 من يناير عندما أطلقت طائرات أباتشي إسرائيلية 4 صواريخ على منزلنا ودمرته بالكامل".

وأضاف: "هذا بيت مسيحي أي ليس به عضو من حماس أو من الجهاد أو من كتائب القسام، ولكن يبدو أننا كلنا إرهابيون في نظر إسرائيل".