تقدمت قضية حقوق المرأة إلى الواجهة في مصر، حيث يتصارع أعضاء الجمعية التأسيسية، التي يسيطر عليها الإسلاميون على صوغ دستور جديد للبلاد.

ويثير تركز السلطة التي في يد الإسلاميين، الذينتقدموا في الانتخابات البرلمانية الشتاء الماضي، وتولى أحدهم رئاسة الجمهورية، قلق مصريين علمانيين وليبراليين من الذين يخشون من تقييد حقوق المرأة والأقليات.

الأخوات والنهضة
وتقول نساء الإخوان "الأخوات المسلمات" إن الجماعة تقوم بدور أكثر من أي حركة سياسية أخرى في مصر للنهوض بالمرأة في المشهد السياسي، في حين يحتكر الرجال في الجماعة المناصب القيادية دائما بشكل شبه كامل.

ولا يزال عدد النساء في المناصب البارزة في الحياة السياسية المصرية صغيرا، كما كان الحال إبان عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

ولكن في مصر الجديدة، إذا شغلت المرأة منصبا رفيعا، فعلى الأرجح ستكون عضو بجماعة إسلامية. فقد عين الرئيس محمد مرسي ثلاث سيدات، اثنتان منهما ينتميان للإسلاميين، ضمن فريق مكون من واحد وعشرين مستشارا ومساعدا.

ومن بين ست سيدات في الجمعية التأسيسية للدستور المكونة من مائة عضو، هناك ثلاث نساء من الأخوات.

وتختلف رؤيتهم عن حقوق المرأة كما يراها النشطاء الليبراليون، الذين يخشون من أن النساء الإسلاميات في السلطة سيحملن فقط جدول أعمال الإخوان في تفسيرهن للشريعة الإسلامية المحافظة.

وتقول عزة الجرف، إحدى عضوات الجماعة في الجمعية التأسيسية للدستور، إن أول دور للمرأة في مصر هو "داخل الاسرة"، كزوجة وأم، ثم تأتي السياسة أو العمل في المرتبة الثانية.

وأضافت للأسوشيتد برس "المرأة هي المسؤولة عن تربية الجيل الجديد ... وهذا يعني أن مستقبل مصر في أيدينا".

وقالت إن المناصرين العلمانيين لحقوق المرأة غير متسقين مع المجتمع ذي الأغلبية المسلمة. "نحن نتحدث نيابة عن الشارع"، حسبما قالت الجرف.

وأضافت "الشعب المصري متدين للغاية. إذا استمر الليبراليون في فصل الدين عن الحياة الطبيعية، فلن يستمع إليهم الناس".

وكانت الجرف إحدى ثلاث سيدات انتخبن من حزب الحرية والعدالة ضمن أول برلمان بعد الثورة، وهو كان يضم أقل من عشرة نائبات بين أعضاءه البالغ عددهم نحو 500 عضو.

ثم حكمت المحكمة الدستورية العليا بحل البرلمان، لكن الجرف تخطط لخوض الانتخابات البرلمانية الجديدة التي ستجرى بمجرد التصديق على دستور جديد.

معضلة المساواة
ويسابق الإسلاميون، الذين يشكلون الأغلبية في الجمعية التأسيسية، الزمن لإنهاء الوثيقة خلال الأسابيع المقبلة من أجل طرحها للاستفتاء العام.

ومن أكبر المعارك التي يخوضها الإسلاميون الدعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة، ولكن في ما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية. ويقول الليبراليون إن هذا الشرط سيعطي المحافظين المتشددين نفوذا لفرض قيود مشددة على حقوق المرأة.

واستقالت منال الطيبي، وهي ناشطة غير إسلامية من الجمعية التأسيسية، في سبتمبر الماضي احتجاجا على هذه المادة وغيرها من المواد المتعلقة بالمرأة.

من جهتها، دافعت أميمة كامل، التي تعتبر أقوى امرأة داخل جماعة الإخوان، عن هذا الشرط.

وكامل هي إحدى أعضاء فريق مستشاري مرسي وعضوة بالجمعية التأسيسية للدستور.

وفي مقابلة أجراها معها التليفزيون المصري مؤخرا، قالت كامل إنه بدون هذه الصياغة، يمكن أن تنقلب بعض الحقوق التي تعطيها الشريعة للرجل وليس للمرأة، مثل حق الرجل في الزواج من أربع نساء أو قوانين الميراث التي تعطي الرجل نصيبا أكبر من المرأة.
              
ورفضت كامل، وهي طبيبة، مخاوف استخدام المتشددين ذلك لتمرير قوانين تقيد المرأة، قائلة إن أحكام الشريعة "راسخة وليس هناك جدل حولها"، مثل تعدد الزوجات والميراث، ويمكن تطبيقها.

وقالت إن هناك حاجة لهذا الشرط أيضا كي يضمن عدم اتباع مصر للاتفاقات العالمية المتعلقة بالحقوق العالمية للمرأة، التي تفرض "المساواة التامة" و "تجرد شخصيتنا كشعب متدين يحترم الإسلام".

وأثارت قضايا أخرى متاعب لسيدات الإخوان، وخاصة موضوع الختان، الذي ينتشر على نطاق واسع رغم القانون الذي يحظره والذي صدر عام 2008.

ونقل عن كل من الجرف وكامل في وسائل إعلام مصرية حديثهما عن إمكانية السماح بهذه الممارسة إلى حد ما، ولكنهما نفيا الإدلاء بهذه التصريحات مؤخرا. وأصبحا الآن يتوخيان الحذر في الحديث عن هذا الأمر.

وقالت الجرف "لدينا مشكلات في التعليم والرعاية الصحية والأمن".
              
وأضافت "قضية الختان لا تزعج أحدا، ولدينا قضايا أكبر". "أنا أحترم جميع القوانين"، حسبما قالت الجرف، في إشارة لقانون حظر الختان.

ووصفت كامل الختان "بالعادة السيئة" التي ينبغي معالجتها من خلال حملات التوعية.

ومثل غيرها من السيدات اللاتي يعملن بالسياسة في جماعة الإخوان، تقول كامل إنها عازمة على رؤية مزيد من النساء في مواقع السلطة.

وقالت للأسوشيتد برس "جماعة الإخوان تحاول وضع حجر الأساس لطريق الصحيح نحو الديمقراطية"، وذلك داخل حزبها السياسي عن طريق جلب المزيد من النساء إلى المناصب القيادية.

لكنها أضافت أن هذا سيستغرق "عدة سنوات"، لأن هناك عدد قليل من النساء ممن لديهن حاليا تجربة سياسية للتنافس على المناصب العليا في الحزب.

تهكم ليبرالي
ويقول ليبراليون إن المرأة ليست سوى غطاء رمزي لجماعة الإخوان ضمن جدول أعمال يعتبرونه معارضا قويا لحقوق المرأة.

"وجود سيدات من الإخوان في السلطة أكثر خطورة من عدم وجودهن، نظرا لأيديولوجيتهن"، حسبما قالت هدى بدران، وهي ناشطة مخضرمة في مجال حقوق الإنسان ورئيسة الاتحاد النسائي العام المصري.

من جهته، قال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، إن عضوات جماعة الإخوان "لا يؤمن بمفهوم حقوق المرأة الأساسية ... وليست لدينا أوهام عن مدى التقدم الذي يمكننا أن نحققه معهم".

وقالت سالي زهني، وهي عضو مؤسس في مركز القاهرة، إن الدستور "قضية خاسرة" نظرا لقدرة الإخوان على حشد الدعم الشعبي.

وأضافت "الجانب الليبرالي يعمل من أجل الدعوة لرؤية بديلة بين المصريين. علينا البدء في الوصول للجمهور والإسراع في ذلك".