لعل أكثر المتخوفين من التصويت في الكونغرس بـ"لا" لضربة عسكرية في سوريا هو اللوبي المؤيد لإسرائيل، الذي يجد من الصعوبة بمكان تجاوز المعارضة الواسعة لاستخدام القوة.
يقول المسؤولون، الذين ينتمون لجماعات عدة مؤيدة لإسرائيل، إنهم يواجهون "مقاومة نادرة" من قبل المشرعين، حتى بين أكثر المؤيدين لإسرائيل الذين لا يمكن التشكيك بتأييدهم لها بناء على تجارب الماضي.
لقد سعت الإدارة إلى الحصول على دعم أكثر الجماعات المؤيدة لإسرائيل، التي كانت فاعلة في أغلب الأحيان للترويج لتشريعات تدعم أمن إسرائيل، وحصلت عليها بالفعل.
ومن بين الجماعات التي أصدرت بيانات عامة ووجهت دعوات خاصة للمشرعين لحثهم على التصويت لصالح ضريه عسكرية لسوريا، لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية المعروفة اختصاراً بـ"آيباك" وكذلك رابطة مكافحة التشهير ومركز سيمون ويزنتال.
وقال أحد المسؤولين في إحدى هذه المنظمات، رافضاً الكشف عن هويته نظراً لأنه غير مخول الحديث علانية باسم منظمته، إنه "ما من شك في أن الأمر يمثل تحدياً كبيراً.. إن البيئة العامة تشكل تحدياً لا مثيل له الآن".
وحجة هذه المنظمات أن عدم التصرف سيقوض مصداقية أميركا في الحد من تطوير أسلحة دمار شامل واستخدامها بحيث يكون لها تأثير مباشر على أمن إسرائيل، وخصوصاً فيما يتعلق بإيران وبرنامجها النووي.
وتعتبر إسرائيل إيران تهديداً وجودياً، ومنع طهران من الحصول على أسلحة نووية أهم مخاوفها الأمنية، رغم أن الأخيرة تعتبر برنامجها لغايات مدنية.
ويعترف أعضاء جماعات الضغط الإسرائيلية بأن ضربة عسكرية أميركية قد تشكل خطراً على إسرائيل واحتمال أن تصبح هدفاً لحزب الله اللبناني وجماعات أخرى تتصرف بالنيابة عن الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنها تقول إن هذه المخاطر تظل أقل من خطر ترك الأسد بلا عقاب.
وقالت آيباك "يأتي هذا القرار الحاسم في وقت تسارع فيه إيران للحصول على قدرات نووية.. والفشل في الموافقة على هذا الحل ستضع مصداقية بلادنا على المحك في منع استخدام وانتشار الأسلحة غير التقليدية، وبالتالي تعرض أمن بلدنا ومصالحنا ومصالح حلفائنا لخطر كبير".
وأضافت: "تؤكد آيباك أنه من الضروري تبني قرار بتفويض استخدام القوة واتخاذ موقف صارم بأن أكثر الأنظمة العالمية خطورة لا يمكنها أن تحصل على أسلحة في غاية الخطورة وتستخدمها".
أما رابطة مكافحة التشهير فحثت الكونغرس على "التصرف سريعاً لإضافة صوته من أجل تحميل الأسد مسؤولية المجازر غير المبررة لأبناء شعبه".
وأضافت: "أي دولة تنتهك القوانين والأعراف والالتزامات الدولية التي تهدد السلم والأمن العالميين يجب أن تواجه عواقب تلك التصرفات الخطيرة".
وبهدف تقديم قضيتهم والحشد من أجل القيام بعمل عسكري لمعاقبة سوريا على استخدام السلاح الكيماوي، ذهب أوباما ومساعدوه إلى حشد دعم اليهود الأميركيين عبر المقارنة بين استخدام الأسد للغازات السامة واستخدام ألمانيا النازية لغرف الغاز.
وكان أوباما قد زار الكنيس اليهودي الكبير في ستوكهولم خلال زيارته الأخيرة للسويد، وتطرق في كلمة له هناك إلى الدبلوماسي السويدي الذي أنقذ أكثر من 20 ألف يهودي إبان الهولوكوست.
واستخدم وزير الخارجية الأميركية جون كيري جملة "ليس مرة أخرى"، في إشارة مباشرة إلى الوعود الدولية لمنع تكرار الهولوكوست، وذهب إلى حد مقارنة الأسد بالزعيم النازي أدولف هتلر، وهو أمر حتى الجماعات المؤيدة لإسرائيل أحجمت عنه، على الأقل حتى الآن.
ورغم أن واشنطن تمكنت من الحصول على إدانة دولية واسعة للأسد بسبب استخدام سلاح كيماوي، إلا أن الإدارة الأميركية وجدت أن حججها غير كافية لإقناع المشرعين المتشككين، وكذلك ناخبيهم القلقين من الحرب بأن العمل العسكري يشكل رادعاً أخلاقياً.
وقال السيناتور راند بول في تصريح لقناة فوكس نيوز: "أعتقد أن إسرائيل تتمتع بدفاع طبيعي قوي وأن الإسرائيليين يمكنهم أن يقاتلوا بصورة جيدة، ولكنني لا أريد أن أورطها بالحرب لأن لديها أعداء كثر يحيطون بها بحيث أخشى أن تخرج الأمور عن السيطرة".
وقال مسؤولون آخرون في جماعات ضغط مؤيدة لإسرائيل إنهم يواجهون مشكلة مماثلة مترافقة مع دوافع سياسية محضة تتمثل في معارضة طلب أوباما، خصوصاً بين الجمهوريين.
وكان مصدر في آيباك قال في وقت سابق "نعتزم القيام بجهد كبير يشارك فيه نحو 250 ناشطا في واشنطن للاجتماع مع الأعضاء المكلفين بالتواصل معهم في مجلسي الشيوخ والنواب".
ويعد التصويت على التحرك ضد سوريا اختبار سياسي مهم لأوباما وقد يكون تحرك آيباك دفعة قوية على هذا المسار.
ومن المقرر أن يصوت مجلس الشيوخ على قرار يسمح باستخدام القوة العسكرية الأربعاء في أقرب تقدير، بينما لم يقل أعضاء مجلس النواب بعد متى سيصوتون على القرار.
لكن كثيراً من أعضاء الكونغرس الجمهوريين وعدد من الديمقراطيين غير متحمسين للفكرة، ويرجع ذلك في جانب منه لأن الأميركيين ممن سئموا الحرب يعارضون بقوة التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط.