تحولت حديقة بور سعيد في الجزائر العاصمة، منذ أسابيع، إلى ملاذ يحتضن مئات السوريين مع عائلاتهم وأطفالهم الفارين من أتون الاشتباكات المسلحة المستمرة في البلاد من أكثر من 16 شهرا.
وفي جولة لمراسل "سكاي نيوز عربية" شاهد اللاجئين وهم يفترشون الأرض وعلامات القلق والحيرة تعلو وجوههم، ويتجنبون الحديث مع الصحفيين الذين جاؤوا للاطلاع على أوضاعهم، وكأنهم يخشون "عدوا وهميا".
وبينما أكد بعضهم أنهم "يعانون كثيرا، خاصة في شهر رمضان"، أشاد آخرون بـ"الكرم الكبير" الذي حظوا به من الجزائريين، عبر مساعدات مثل التمر والحليب والأطباق المتنوعة، قدمت لهم. وتكفل قسم ثالث من اللاجئين بأنفسهم.
وقال رأفت، الذي جاء من إدلب، شمال غربي سوريا: "أنا هنا منذ شهر تقريبا، وجئت عبر الأردن ثم مصر فالجزائر. في البداية كنت أصرف من مالي الخاص وأعيش مع عائلتي في فندق بأسعار غالية، إلا أنني الآن استنفذت كل مدخراتي وأصبحت أنام في العراء".
وأضاف أنه "منذ ثلاثة أيام أصبحت أجلب طعام الإفطار بنفسي. حتى في مطاعم الرحمة لا نجد أنا وزوجتي وأطفالي مكانا للإفطار. والمتطوعون الذين يأتون لتوزيع الوجبات لا يتمكنون من تلبية طلبات الجميع".
ويرى زميل له أن عملية التكفل باللاجئين السوريين في الجزائر تعد "جيدة". ويؤكد عمر القادم من مدينة حمص مع أسرته أنه "لا ينقصنا شيء، فهناك أناس يأتون ليقدموا لنا ألبسة ومواد غذائية، وأحيانا يدفعون لنا إيجار الفندق، لا سيما لأولئك الذين ليس لديهم أموال، كما تقدم لنا أطباق ساخنة ومتنوعة".
ويفترش حوالي مائة شخص الحديقة العمومية بالعاصمة. فقد أصبحت حديقة بور سعيد مثار فضول سكان العاصمة والمارة الذين يتوقفون لساعات أحيانا للاطلاع على أوضاعم.
ويشهد المكان ما يشبه "هبة تضامنية" لمساعدة اللاجئين، يقودها متطوعون وجمعيات جاؤوا ليقدموا يد العون. وفي هذا الزخم التضامني، جاءت غنية، وهي عاملة في وكالة اتصالات من منطقة عين طاية، شرق الجزائر العاصمة، رفقة صديقتها، وهي تحمل تمرا وألبسة وحفاظات أطفال وملابس للنساء.
وقالت: "أنا لا أستطيع أن أظل غير مبالية بمصيرهم، إنهم إخوتنا ويتحتم علينا مساعدتهم، فأنا آتي هنا كلما كان لدي متسع من الوقت لتقديم يد المساعدة".
أما حورية بوحيرد، رئيسة جمعية "لننقد القصبة"، فقد جاءت لدعوة جميع اللاجئين السوريين للإفطار، وأخذ قسط من الراحة. وأشارت إلى أنه قد تم وضع حافلة تحت تصرفهم تقلهم إلى مقر الجمعية في منطقة باب عزون.
وأضافت أنه "بمجرد سماعنا بوجود لاجئين سوريين في حديقة بور سعيد قامت الجمعية بإدراجهم ضمن البرنامج المعد في شهر رمضان". وأكدت أنه "بإمكاننا توفير وجبات لأكثر من 400 شخص".
ووضع أحد المحسنين مطعمه الواقع في شارع العربي بن المهيدي، في متناول اللاجئين، وساعده في ذلك مجموعة من الشباب المتطوعين. وقال أحدهم، ويدعى مراد: "إننا نجمع كل أنواع المواد الغذائية من المحسنين من أجل تحضير الوجبات، والناس لا يترددون في مساعدتنا ". وأضاف: "نقوم بتوزيع أكثر من 90 وجبة يوميا" على اللاجئين.