أدين محلل إعلامي فرنسي الأربعاء بتهمة التشهير لاتهامه شبكة تلفزيونية رسمية بالتلاعب في تقرير مصور يظهر صبياً يقتل في تبادل لإطلاق النار بين مسلحين فلسطينيين وقوات إسرائيلية.

وأسهمت هذه اللقطات، التي تعود لأكثر من عقد، في حشد الفلسطينيين وتأجيج المشاعر المعادية لإسرائيل، وشكلت رمزاً للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وكان تقرير مصور بثته قناة "فرانس-2" في الثلاثين من سبتمبر عام 2000 أظهر صبياً مذعوراً، هو محمد الدرة، ووالده وسط تبادل كثيف لإطلاق النار في قطاع غزة، ثم ظهرت لقطة للصبي بلا حراك في أحضان والده.

وألقى التقرير باللائمة على القوات الإسرائيلية في مقتل الدرة.

وفي تقرير صدر عام 2004، قال فيليب كارسنتي إن اللقطات المصورة "مفبركة" ولا يوجد دليل على أن الصبي قتل.

وقامت "فرانس-2" من فورها بمقاضاة كارسنتي بتهمة التشهير، وبعد معركة قانونية طويلة، قضت محكمة في باريس بتغريم كارسنتي مبلغ 7 آلاف يورو .

ووصف كارسنتي حكم الإدانة بـ"المشين".

وعلى مدار العقد الماضي، قام كارسنتي بتجميع ساعات من اللقطات المصورة الخاصة بالصبي الذي تعرض لإطلاق النار. وبنى مزاعمه على حقيقة أنه وفقاً لتقرير "فرانس-2"، فإن الأب وابنه تعرضا لإجمالي 15 رصاصة فائقة السرعة لكن في التسجيل المصور لم يبد أي منهما ينزف دماً.

وقال إن المعركة النارية حقيقية، لكن إطلاق النار على الرجل والصبي ظهر أمام الكاميرا بأداء تمثيلي.

وقال كارسنتي "أنا هادئ لأني أعلم أن الحقيقة ستظهر يوماً ما.. رغم الخمس عشرة رصاصة لم تسقط نقطة دم واحدة على ملابسهما أو على جسديهما أو حتى على الجدار الذي يتكئان عليه".

وكانت الحكومة الإسرائيلية أصدرت الشهر الماضي تقريراً جديداً حول الحادث يقول إن التسجيل المصور "مضلل ولا يقدم دليلاً كما يأتي في إطار حملة شائنة ضد الدولة اليهودية".

وقال بينديكت أمبلار، محامي "فرانس-2"، إن حكم الإدانة سيسمح للصحفيين باستعادة الثقة في شبكتهم.

وأعرب مراسل "فرانس-2" بالقدس شارل إندرلين عن ترحيبه وشبكة "فرانس تليفيجين" (الشركة الأم لـ"فرانس-2") بالحكم الصادر الأربعاء، مشيراً إلى أن "نتيجة اليوم مريحة"، لكنه أضاف أن الأمر لم ينته بعد.

وقال إندرلين، الفرنسي الإسرائيلي، إن أصحاب نظريات المؤامرة يواصلون انتقاد الحادث، مضيفاً أنه رغم مرور سنوات على اتهام مسؤولين إسرائيليين له بالفبركة، إلا أنه رحب بالتحقيق.

وصرح للأسوشيتد برس قائلا "نحن مستعدون لأي وقت تريد إسرائيل إجراء تحقيق مهني فيه وفقا للمعايير الدولية".

من جانبهم، قال حكام حركة حماس في غزة إن الحكم يؤكد أن إسرائيل وأنصارها كذبوا بشأن ممارسات الجيش في قطاع غزة.

وقال المتحدث فوزي برهوم "يخدعون ويغطون على جرائمهم أمام وسائل الإعلام والعالم".

في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية يغال بالمور إنه ليس لديه تعليق حيال القضية، لكنه قال إن الموقف الإسرائيلي في قضية الدرة لا يزال ثابتاً.

وأضاف "من غير الوارد، لا نقل من المستحيل، أن الرصاص الذي أصاب جمال ومحمد الدرة جاء من الجانب الإسرائيلي"، مضيفاً أن الأمر لا يزال محط الكثير من الفرضيات، لكن لا يوجد شيء يمكن أن يقدم برهاناً قاطعاً".