كشف مزارع سوري أنه عاد إلى قريته مزرعة القبير بعد 6 ساعات من انسحاب الدبابات و"رجال الميلشيا" منها، فلم يجد سوى جثث متفحمة وسط بيوت يتصاعد منها الدخان، فيما أظهر شريط مصور نشره ناشط معارض على الإنترنت جثث رضع وأطفال من ضحايا "المجزرة".

وأكد المزارع لرويترز عبر الهاتف أنه رأى القوات السورية و"الشبيحة" يهاجمون القرية وهو مختبئ في بستان زيتون لأسرته، مشيرا إلى أن الدخان "كان يتصاعد من المباني وتفوح في المكان رائحة بشعة لاحتراق اللحم البشري".

وقال الرجل بعد أن طلب عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته، "كانت كبلدة أشباح".

ولم تشهد بلدة مزرعة القبير شيئا يذكر من أحداث خلال الاحتجاجات المستمرة منذ 15 شهرا ضد الرئيس السوري بشار الأسد، حيث لم يشارك سكانها في المظاهرات.

لكن الدبابات حاصرت القرية وقصفتها الأربعاء، قبل أن تقتحمها بـ"صحبة ميلشيات الشبيحة المترجلين والمسلحين بالسكاكين والأسلحة النارية والهراوات"، وفقا لسكان من القرية.

وأفاد ناشطون أن الـ"مجزرة الجديدة" راح ضحيتها 100 مدني بينهم نساء وأطفال.

وقال شاهد "بعد أن أطلق الجيش النار على منطقة دخلت قوات الأمن والشبيحة البيوت. سمعت أصوات طلقات الرصاص داخل 3 منازل ثم شاهدتهم يخرجون ويشعلون فيها النار".

وأضاف "معظم الوقت لم أكن أسمع شيئا سوى أصوات نيران المدافع.. بحلول الثامنة مساء كانوا قد انتهوا".

وفي السياق نفسه، أظهر شريط مصور "جثثا لجدة وأم و5 أشقاء وابني عمومة"، حسب الناشط السوري الذي صور ضحايا المجزرة ومن بينهم "مرهف، هو رضيع من ضحايا المجزرة" سلط الناشط كاميرته عليه.

وأدار الناشط كاميرته "نحو جثث أخرى"، حيث كان مكتوبا "هذا مرهف وشقيقته شيماء. هذا شقيقه محمد، وشقيقه علي".

وردد الناشط الممسك بكاميرا التصوير "هل هذا إرهابي؟ هذه جثث متفحمة. أنظر يا كوفي أنان"، وفقا لوكالة اسشيوتد برس.

واقترب الناشط بكاميرته إلى جثث الرضع والأطفال، وسلطها على أجسام أخرى متفحمة.

وقال الناشط إنها لأم وطفليها تعرضوا للقصف، وهم في منزلهم لكن جثثهم كانت مشوهة لدرجة يصعب معها القول إنها جثث بشرية.

كما كشف شاهد آخر لفرانس برس أن "جثث متفحمة لأطفال ونساء وبنات" تتناثر في منازل بالقبير.

وقال ليث الذي يعيش قرب قرية القبير بصوت متهدج "ما رأيته لا يمكن تصوره. إنها مجزرة رهيبة.. لقد تمت تصفيتهم وأحرقت جثثهم. لقد أخذوا جثث الشباب".

وفضل الشاب التكتم على اسم عائلته، خشية تعرضه لأعمال انتقامية من "قوات النظام" على حد قوله.

وأضاف ليث "قال لي أشخاص أعرفهم من هذه القرية إن الشبيحة سكروا ورقصوا الليلة الماضية حول الجثث، ورددوا هتافات تشيد ببشار الأسد".

وبدأت المجزرة في حوالي الثانية بعد الظهر الأربعاء، بحسب ليث الذي قال إن دبابات حاصرت المنطقة "وبدأت القوات بقصف القبير من دون توقف حتى الثامنة مساء".

وأكّد أنه تم الاتصال بالمراقبين الدوليين الذين يشرفون على وقف اطلاق النار في سوريا "ثلاثين مرة. لكنهم لم يأتوا.. وبكل بساطة لم يعد في وسعنا قبول ذلك.. الناس يقتلون، الأمر مفبرك، إنها كذبة".

جدير بالذكر أن متحدثا باسم الأمم المتحدة أعلن أن المراقبين الدوليين سيحاولون مجددا الجمعة الوصول إلى قرية القبير، وذلك بعدما اضطروا للعودة إلى أدراجهم الخميس إثر تعرضهم لإطلاق نار.