وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون المجزرة التي حصلت في قرية مزرعة القبير في ريف حماه بـ"الهجوم الوحشي والمقزز".

وقال تلفزيون الدنيا السوري الرسمي يوم الخميس إن مراقبين من الأمم المتحدة وصلوا إلى قرية القبير، في حين قال الجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبة في بيان في وقت سابق إن المراقبين منعوا من الوصول إلى مكان المجزرة.

كما نفى الناشط السياسي في حلب أبو هادي الحموي وصول المراقبين إلى مكان المجزرة، مؤكدا أن قوات الأمن منعتهم.

وأكد أن المراقبين خشوا تعرض حياتهم للخطر إذا تعرضوا لإطلاق نار من قوات نظامية كما حدث معهم سابقا في دوما.

وفي الوقت ذاته قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن 23 شخصا قتلوا برصاص الأمن الخميس.

ودعا كاميرون المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراء منسق ضد الرئيس السوري بشار الأسد لعزل نظامه.

وقال إنه في حال كانت التقارير الواردة بشأن "الهجوم الوحشي المثير للاشمئزاز" صحيحة، فإنها تمثل دليلا جديدا على أن نظام الأسد "غير شرعي على الإطلاق ولا يمكنه البقاء".

وشدد رئيس الوزراء البريطاني أثناء زيارة للنرويج على ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات لعزل نظام الأسد وإظهار أن "العالم أجمع" يريد تحقيق انتقال سياسي في سوريا ويدين "بشدة" النظام السوري.

وقال نشطاء معارضون للحكومة إن قتالا عنيفا تفجر على مشارف العاصمة السورية دمشق وضواحيها، بعد دعوة المجلس الوطني السوري مسلحين تابعين له بتصعيد العمليات العسكرية ردا على مجزرة في حماة أوقعت ما يقرب من مائة قتيل.

وقال سكان في وسط مدينة دمشق إنهم سمعوا أصوات إطلاق نار كثيف بينما أفاد نشطاء في الضواحي بسماع دوي انفجارات ونيران أسلحة آلية.

وفي مناطق أخرى، قال نشطاء محليون إنهم شاهدوا طائرات مروحية تحلق فوق بعض المواقع.

من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة في جوبر وهي منطقة سكنية على مشارف دمشق.

ولم ترد تقارير من النشطاء عن إصابات فيما يصعب التحقق من مثل تلك التقارير حيث تفرض الحكومة قيودا على حركة وسائل الإعلام الدولية بسوريا.

وتأتي تلك التقارير بعد ساعات قليلة من دعوة المجلس الوطني السوري المعارض لمقاتلي ما يعرف بالجيش السوري الحر من أجل تصعيد الهجمات العسكرية ضد قوات الرئيس بشار الأسد، في أعقاب المجزرة التي وقعت بمحافظة حماة وقتل فيها 92 شخصا من بينهم 35 من عائلة واحدة.

"الوطني" يدعو للتصعيد

وقال المجلس الوطني في بيان: "إن مسلحي المعارضة الذين يعملون تحت مظلة الجيش السوري الحر يجب عليهم أن يصعدوا العمليات العسكرية لتخفيف الضغط عن المدنيين الذي يتعرضون للحصار والقصف والهجمات في محافظات حماة واللاذقية وحمص".

وكان 92 شخصا بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، ومنهم 35 شخصا من عائلة واحدة، قتلوا الأربعاء في مجزرة في قرية القبير ببلدة معرزاف بريف حماة في وسط سوريا، ليرتفع عدد القتلى في جميع أنحاء البلاد إلى 140، حسبما أفادت لجان التنسيق المحلية.

وقالت اللجان في بيان لها حصلت "سكاي نيوز عربية" على نسخة منه: "سقط 92 شهيدا في حماه بينهم 35 من عائلة واحدة وأصغرهم طفل يبلغ ثلاثة أشهر".

وأشارت إلى سقوط 15 قتيلا في اللاذقية شمال غرب البلاد و 11 في إدلب, كما سقط 12 قتيلا في حمص وسط سوريا، وخمسة قتلى في دير الزور (شرق) بالإضافة إلى قتيلين في ريف دمشق (جنوب) وقتيل في ودرعا (جنوب).

من جانبه، قال المسؤول الإعلامي في المجلس الوطني السوري المعارض محمد سرميني إن "هناك حوالى 100 قتيل في مزرعة القبير قتلوا بالسكاكين، وبينهم عشرون طفلا بعضهم لم يتجاوز السنتين، وعشرون امرأة"، متهما قوات النظام السوري و"شبيحته" بارتكاب هذه المجزرة.

وبدوره أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع المجزرة.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ"فرانس برس": "ليست لدينا أرقام محددة بسبب وورد أنباء تباعا عن ارتفاع عدد الضحايا لكن المؤكد أن العشرات سقطوا في هذه المجزرة وبينهم أطفال ونساء".

وتابع عبد الرحمن: "أكدت مصادر متطابقة من المنطقة أنه بعد قصف القوات السورية للقبير ومعرزاف قدمت مجموعات من الشبيحة وقامت بقتل العشرات من أبناء المنطقة بالسلاح الأبيض والسلاح الناري".

وبدوره، روى الرائد ماهر النعيمي المسؤول في الجيش السوري الحر المعارض لفرانس برس أن المجزرة بدأت الساعة الثانية، عندما وصلت ثلاث دبابات إلى المنطقة وحاصرت قرية القبير التي تضم 15 منزلا فقط".

وأضاف أن الدبابات "قصفت القرية بعنف ودمرت أجزاء كبيرة منها، وتلا ذلك دخول حافلات أمن وشبيحة بعضهم من القرى المجاورة الموالية للنظام إلى القرية، واقتحم هؤلاء المنازل بالبنادق والأسلحة النارية".

وقال إن المقتحمين "قتلوا من قتلوا وقاموا بتهشيم بعض الجثث".

وأضاف النعيمي الذي يتحدر من المنطقة أن "عناصر من الجيش الحر دخلت القرية بعد المجزرة، والتقطت صورا وجمعت الجثث وأحصت منها بشكل مؤكد 78 قتيلا".

وأشار النعيمي إلى أن قوات النظام أخذت معها لدى خروجها من القرية "ثلاثين جثة على الأقل"، وأن بعض هذه الجثث "تم سحلها بالآليات في قرية أصيلة التي تبعد حوالى ستة كيلومترات عن مكان المجزرة".

دمشق تنفي مسؤوليتها

ونفت الحكومة السورية ضلوعها في المجزرة في حماة، متهمة ما وصفتها بمجموعة إرهابية بارتكاب المجزرة، حسب ما ذكره التليفزيون الرسمي.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الحكومية عن مصدر وصفته بالرسمي قوله"إن مجموعة إرهابية مسلحة قامت صباح أمس في المزرعة المذكورة (القبير) بارتكاب جريمة مروعة ذهب ضحيتها تسعة مواطنين من النساء والأطفال".

وأضاف أنه بعد وقوع الجريمة "ناشد أهالي المزرعة السلطات المعنية بالمحافظة التدخل لحمايتهم ووقف جرائم الإرهابيين فتوجهت الجهات المختصة إلى المزرعة المذكورة، وداهمت وكر المجموعة الإرهابية واشتبكت معها ما أدى إلى مقتل أفراد المجموعة ومصادرة أسلحتهم وشملت قذائف ار بي جي ورشاشات وقنابل يدوية".

"حولة" أخرى

ومن جانبه، أشار سرميني إلى أن المجلس الوطني أجرى اتصالا عاجلا بالمراقبين الدوليين الموجودين في حماة و"وعدوا بالتوجه إلى المكان على الفور".

وقال إن "قرية القبير عبارة عن مزرعة كبيرة لم تشهد أي اشتباك أو عملية عسكرية من قبل" وتقع غرب معرزاف.

وقال سرميني "إن المجزرة تشبه مجزرة الحولة" في حمص التي وقعت في 25 مايو وقتل فيها 108 أشخاص، بحسب مراقبي الأمم المتحدة، بينهم 49 طفلا.

واتهمت المعارضة السورية "قوات النظام وشبيحته" بالمجزرة، بينما أكدت السلطات السورية أنها من تنفيذ "مجموعات إرهابية مسلحة".

ودان مجلس الأمن الدولي المجزرة، مشيرا إلى أن الهجمة على الحولة "تضمنت سلسلة غارات من الدبابات والمدفعية الحكومية ضد حي سكني"، وأن "هذا الاستخدام الفاضح للقوة ضد المدنيين ينتهك القوانين الدولية والتزامات الحكومة السورية".

الإخوان يتهمون النظام

ومن جانبها، اتهمت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا يوم الخميس نظام الأسد بارتكاب المجزرة، محملة المجتمع الدولي ودول الجوار العربي والإسلامي مسؤولية المجازر بحق الشعب السوري.

واعتبرت الجماعة في بيان أن "مسلسل المجازر" لن يتوقف، واصفة ما "يرتكبه بشار الأسد وأعوانه ومؤيدوه" من "قتل وذبح للأطفال والنساء وحرق وتمثيل بالأجساد هو فعل قاصد ممنهج".

وحملت الجماعة "المجتمع الدولي بكل مؤسساته ودوله، كما الجوار العربي والإسلامي دولا وشعوبا مسؤولية ما يجري على الأرض السورية من قتل وذبح وانتهاك".

وانتقد البيان مسبقا المواقف الدولية سواء تلك الداعمة للنظام أو المعادية له، مشددا على أن "ما جرى ويجري من مجازر في سوريا منذ 15 شهرا لم يتوقف بالشجب والاستنكار ولا بالوعيد والتصريحات المتضاربة".

وحذر البيان بان "الأسد وشبيحته" سيستمرون في المجازر ما داموا "يعلمون أن المدنيين العزل لا يجدون الوسيلة التي يدافعون بها عن أنفسهم".