السجن المؤبد كان الحكم الذي رأته محكمة جنايات القاهرة للرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك، بعد ثبوت تهم قتل المتظاهرين عليه، حيث نطقت المحكمة بالحكم عليه السبت.
وأعادت محاكمة مبارك البالغ من العمر 84 عاما إلى الأذهان حكايات رؤساء وزعماء دول مثلوا أمام العدالة لأسباب مختلفة، وواجه هؤلاء أحكاما مختلفة، وبعضهم توفي قبل أن يحدد القضاء مصيره، لكنهم اشتركوا جميعا في أنهم أنهوا حياتهم السياسية "خلف القضبان"، وأبرزهم:
محمد حسني مبارك
بعد احتجاجات شعبية واسعة اندلعت يوم 25 يناير 2011، سلم مبارك السلطة في 11 فبراير 2011 للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتواصلت بعدها الدعوات الشعبية لمحاكمته في قضايا يتعلق بعضها بقتل محتجين وبعضها الآخر بالفساد المالي والإضرار بالمال العام واستغلال النفوذ.
واستمر الضغط الشعبي في اتجاه محاكمة مبارك إلى أن أعلن في 11 أبريل 2011 عن بدء النيابة العامة التحقيق معه، وفي 3 أغسطس 2011 مثل مبارك في جلسة محاكمته الأولى أمام محكمة مدنية.
وحظيت بداية المحاكمة باهتمام إعلامي عربي وعالمي كبير، لا سيما بعد الجلسة الأولى وظهور مبارك في قفص الاتهام على شاشات التلفزيون.
نفى مبارك من جانبه جميع التهم الموجهة له، لكن من المحتمل أن يحكم عليه بالإعدام في حالة ثبوت التهم الموجهة إليه.
وفي يوم السبت 2 يونيو 2012، حكم عليه بالسجن المؤبد في تهم قتل المتظاهرين، في حين حصل على البراءة في تهم الفساد المالي.
تشارلز تيلور
على امتداد سنوات الحرب في سيراليون، لعب رئيس ليبيريا السابق تشارلز تايلور دورا كبيرا في دعم المتمردين في البلد المجاور من خلال تمويلهم ومدهم بالأسلحة، مستفيدا من تجارة الألماس التي تزخر بها البلاد فيما بات يعرف لاحقا بماس الدم.
ومع ازدياد الضغوط الدولية عليه، اضطر تايلور إلى الاستقالة عام 2003، وانتقل إلى نيجيريا حيث ألقي القبض عليه بعد 3 أعوام بموجب قرار من محكمة جنائية خاصة تدعمها الأمم المتحدة في شأن جرائم الحرب في سيراليون.
وأدانت المحكمة تيلور أبريل الماضي بـ11 تهمة بمساعدة وتحريض المتمردين خلال الحرب التي استمرت عقدا من الزمن، وأدت إلى مقتل أكثر من 50000 شخص قبل انتهائها في 2002.
وفي 30 مايو 2012، قضت محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بالسجن خمسين عاما على رئيس ليبيريا السابق.
وبهذا الحكم يكون تايلور البالغ من العمر 64 سنة أول رئيس دولة تدينه محكمة الجنايات الدولية منذ محاكمات قادة النازية بعد الحرب العالمية الثانية، كما يشكل الحكم سابقة هي الأولى من نوعها في نظام العدالة الدولية الناشئ.
صدام حسين
حوكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتهمة "الإبادة الجماعية" في قضية الدجيل، وتم تغيير القضاة 3 مرات، ولم يعترف صدام بداية بالمحكمة وطعن في شرعيتها وقال إن "النتائج معلومة مسبقا"، لكن لاحقا بدأ الدفاع عن نفسه والتعاون التام مع المحكمة.
وفي 5 نوفمبر لعام 2006 حكم على صدام حضوريا في قضية الدجيل بالإعدام شنقا حتى الموت بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
وثبتت الهيئة التمييزية بالمحكمة الجنائية العراقية العليا في 26 ديسمبر 2006 حكم الإعدام على صدام حسين، وفي الساعة 5.45 من فجر السبت 30 ديسمبر 2006 تم تنفيذ حكم الإعدام شنقا على الرئيس العراقي السابق.
أوغستو بنوشيه
اعتقل الرئيس التشيلي أوغستو بنوشيه في عام 2002 بتفويض قضائي أصدره القاضي الإسباني بالتاسار غارسون أثناء سفره إلى بريطانيا لإجراء فحوص طبية، وبقي قيد الإقامة الجبرية لأكثر من سنة، قبل أن يتم إطلاق سراحه لمعاناته "خرفا وعائيا" لا يمكن معه أن يحاكم لأفعاله.
وفي مايو 2004 حكمت محكمة تشيلي العليا بناء على تصرفاته بأنه قادر على الصمود في محاكمة، وبدأت محاكمته في ديسمبر من العام نفسه لتهم تتعلق بحقوق الإنسان.
واتهم بنوشيه بـ"اتباع سياسة إرهاب الدولة المنظم التي قتلت وعذبت آلاف المعارضين، وتفضيل مصالح الفئة الثرية الحاكمة، بتبني سياسيات اقتصادية سببت ضررا كبيرا لذوي الدخل المتدني، وخدمت النخبة الثرية".
وأعلن في صباح 3 ديسمبر 2006 أن بنوشيه تعرض لنوبة قلبية، وذلك بعد أيام من وضعه رهن الإقامة الجبرية، وأصدرت محكمة الاستئنافات التشيلية أمرا برفع الإقامة الجبرية إلا أنه توفي في 10 ديسمبر 2006.
سلوبودان ميلوشيفيتش
اتهم الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش بالمشاركة في واقعة جنائية مشتركة استهدفت الإجلاء القسري والدائم لغير الصرب من جمهورية البوسنة والهرسك، إضافة إلى قتل آلاف المسلمين والكروات من سكان البوسنة، وسجن آخرين في أكثر من 50 منشأة اعتقال في ظروف غير إنسانية، ونقل آخرين قسرا من ديارهم.
وقد أنشئت "المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة" للبت في انتهاكات للقانون الدولي وحقوق الإنسان على أراضي يوغوسلافيا السابقة منذ عام 1991.
ومكث ميلوشيفيتش سنوات متنقلا بين السجن والمحكمة والمشفى، وكان في كل جلسة من جلسات المحاكمة يسخر من قضاته ولا يعترف بشرعية المحكمة، ويرفض توكيل محام عنه.
وفي 11 مارس عام 2006 عثر عليه ميتا في مركز الاعتقال الذي كان محتجزا به في لاهاي.
مانويل نورييغا
عمل الرئيس البنمي السابق مانويل نورييغا - الذي كان حليفا للولايات المتحدة خلال فترة الحرب الباردة - لحساب وكالة الاستخبارات المركزية قبل أن يصبح رئيسا ويطيح به الأميركيون لضلوعه في تجارة المخدرات.
وأمضى نورييغا قرابة عقدين في سجن بولاية فلوريدا الأميركية بعد إدانته بتجارة المخدرات قبل أن يرحل عام 2010 إلى فرنسا، بعد إدانته غيابيا في قضية غسيل أموال من خلال مصارف فرنسية لصالح عصابات مخدرات كولومبية، ثم أصدرت محكمة فرنسية حكما بالسجن 7 سنوات عليه بعد إدانته بتلك التهم.
وتم ترحيله إلى بلاده في ديسمبر 2011 ليقضي باقي العقوبة في سجن رينيسر الواقع جنوب شرقي العاصمة بنما سيتي، ويواجه 3 أحكام منفصلة بالسجن بسبب جرائم كان قد ارتكبها في بلاده خلال فترة حكمه العسكري، بما في ذلك قتله بعض معارضيه.
نيكولاي شاوشيسكو
حكم الرئيس الروماني السابق نيكولاي شاوشيسكو بلاده منذ عام 1974 بقبضة من حديد، واتسم حكمه بالشدة والدموية رغم بعض الإنجازات في مجالات تنموية وعلمية وثقافية.
واندلعت ثورة شعبية ضده أيدها الجيش، فهرب مع زوجته، إلا إنه تم القبض عليهما.
تمت محاكمته من قبل عدد من ضباط الشرطة العسكرية وصدر عليه وزوجته إلينا حكم الإعدام في أسرع محاكمة لرئيس في القرن العشرين، ثم أعدم مع زوجته في 25 ديسمبر 1989 أمام عدسات التلفزيون.