تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة مع تصاعد الحديث عن "إعلان النصر"، والذي يُتوقع أن يكون أحد أبرز محاور الخطاب المرتقب لأحمد الشرع، في سياق إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري.

وبينما تترقب الأطراف المحلية والدولية تفاصيل المرحلة الانتقالية، تطرح تساؤلات عدة بشأن مدى قدرة الفصائل العسكرية على تحقيق اندماج فعلي تحت مظلة وزارة الدفاع السورية، إضافةً إلى تحديات إعادة الإعمار والاستقرار الأمني في ظل التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ داخل البلاد.

ملامح المرحلة الانتقالية.. بين الطموح والواقع

وفقًا للكاتب والباحث السياسي بسام السليمان، فإن المؤتمر الذي عُقد للفصائل العسكرية تحت عنوان "مؤتمر النصر العسكري" يمثل نقطة تحول مهمة، حيث تناول خطاب أحمد الشرع عدة ملفات أساسية، أبرزها الإعلان عن مرحلة انتقالية تشمل حل الفصائل العسكرية ودمجها ضمن وزارة الدفاع السورية. إلا أن هذا التوجه، رغم أهميته، يواجه تحديات كبيرة تتعلق بتطبيقه على أرض الواقع، لا سيما في ظل الخلافات المستمرة بين مختلف الفصائل، ووجود قوى إقليمية ودولية لها مصالح متشابكة في سوريا.

حل الفصائل السورية المسلحة ودمجها تحت مظلة جيش وطني موحد

وفي هذا السياق، يؤكد السليمان لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الاستحقاق الأمني يعد من أهم الاستحقاقات، حيث يرتبط باستحقاقات أخرى مثل جذب الاستثمارات وتحقيق الاستقرار الاقتصادي".

ويرى أن الإدارة الجديدة يجب أن تثبت قدرتها على ضبط الأمن لضمان الاعتراف الإقليمي والدولي بشرعيتها.

التحديات الأمنية بين ضبط الفصائل وخطر التنظيمات المسلحة

رغم الحديث عن اندماج الفصائل، لا تزال هناك مخاوف من تأثير الجماعات المسلحة التي لم تنخرط في هذه العملية. ويشير السليمان إلى أن "داعش ما زال يشكل تهديدًا حقيقيًا في بعض المناطق، حيث حصلت على أسلحة بعد سقوط النظام".

كما حذر من "محاولات داعش لاستهداف مناطق حساسة مثل مقام السيدة زينب، بهدف إشعال فتنة طائفية"، وهو ما يعكس هشاشة الوضع الأمني الحالي.

تنصيب أحمد الشرع رئيسا لسوريا ومفوضا لتشكيل مجلس تشريعي مؤقت

التحديات السياسية والاقتصادية وإعادة بناء الدولة

في حديثه عن مستقبل النظام السياسي، يوضح الكاتب والباحث السياسي غسان يوسف خلال حديثه لبرنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية" أن "القرارات الجديدة تتعلق بالبنية الاقتصادية وإعادة سوريا إلى مكانتها الإقليمية والدولية". لكنه يشير إلى أن هذه الجهود لن تؤتي ثمارها دون تحقيق استقرار سياسي فعلي.

إحدى العقبات الرئيسية التي تواجه المرحلة الانتقالية، وفقًا ليوسف، هي قضية العقوبات الدولية، لكنه يشدد على أن "السياسة الغربية تميل إلى اتخاذ موقف وسط، مما يؤثر على كيفية التعامل مع هذه العقوبات". وهذا يعني أن أي تغييرات داخلية يجب أن تترافق مع تحركات دبلوماسية لتخفيف الضغط الاقتصادي على البلاد.

الصراع الإقليمي والدولي.. موقع سوريا في لعبة النفوذ

في ظل التوترات القائمة، تبدو العلاقات السورية التركية أحد المحاور الأساسية في المرحلة المقبلة. فقد أصبحت قضية الأراضي السورية، وخاصة المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عاملًا أساسيًا في صياغة العلاقات الإقليمية، لا سيما مع الولايات المتحدة وتركيا.

ويرى يوسف أن "الإدارة الذاتية أمام خيارين: إما التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية، أو تبني نظام فدرالي أو لامركزي"، لكنه يلفت إلى أن "الحكومة السورية ترفض هذه الخيارات، مما يعقد المشهد أكثر".

من ناحية أخرى، يبقى الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب، والوجود الأميركي في الشرق، والقواعد العسكرية الروسية والتركية عوامل مؤثرة في مستقبل سوريا.

ويشير يوسف إلى أن "أي حكم في سوريا يجب أن يعتبر إسرائيل دولة محتلة"، محذرًا من أن "إسرائيل تستغل الوضع الراهن للاستيلاء على مزيد من الأراضي وتدمير ما تبقى من الجيش السوري".

موسكو تسعى للحفاظ على القاعدتين العسكريتين لها في سوريا

إلى أين تتجه سوريا؟

مع اقتراب موعد إعلان النصر، يواجه أحمد الشرع وتياره السياسي تحديات كبيرة تتعلق بتحقيق توازن بين الأطراف الداخلية، وإيجاد حلول وسط ترضي القوى الدولية والإقليمية.

فالمرحلة الانتقالية لن تكون مجرد إعلان سياسي، بل ستحتاج إلى تحركات فعلية على أرض الواقع، سواء على الصعيد الأمني، أو الاقتصادي، أو السياسي. وبينما يترقب السوريون مستقبل بلادهم، يبقى السؤال المطروح: هل يكون هذا الإعلان بداية حقيقية لبناء سوريا الجديدة، أم أنه مجرد فصل جديد في مشهد الصراع المستمر؟.