في طريق العودة إلى شمال غزة، لم يكن المشهد كما كان في الذاكرة. الشوارع تغيرت، المباني تهدمت، والحياة كما عرفها أهل المدينة لم تعد كما كانت. المشهد في غزة لا يشبه أي مدينة أخرى، فالهدوء القاتل يلف المكان، والصمت يحكي قصصًا من الألم والفقدان.
عادت كاميرا "سكاي نيوز عربية" إلى شمال غزة لرصد حجم الدمار والمعاناة التي يواجهها الفلسطينيون العائدون إلى مدينتهم بعد شهور من النزوح.
رحلة البحث عن المأوى
عادت العائلات رغم الخوف، رغم الدمار، على أمل إيجاد ما تبقى من منازلهم. يقول أحد العائدين بألم: "ذهبت مجدداً من الجنوب لأجل المنزل... كانت هناك مكان أقعد فيها... فجاءت الشوارع تتغير حتى الآن ولم أجدها".
لكن البحث لم يكن سهلاً، إذ يضيف بصوت مختنق: "لم أجد الشارع الموجود فيه المنزل، سحبت أنني سأعود إلى الجنوب لأنني لم أجد مأوى". لا مياه، لا كهرباء، ولا حتى مأوى يحميهم من برد الليل.
الخيام تعود إلى المشهد
رغم الدمار، يصر بعض السكان على البقاء بالقرب من منازلهم المدمرة، متمسكين بحقهم في أرضهم. تقول إحدى السيدات التي عادت إلى أنقاض منزلها: "هذا بيتي أنا هنا... جئت من الجنوب البارحة وأريد أن أنصب خيمتي هنا، رغم أنه لا يوجد مياه أو كهرباء، لكنني أريد أن أجلس قرب بيتي".
وتضيف بصوت متحجرش من الألم: "لقد دفعت دم قلبي في هذا البيت، فأين أريد أن أجلس؟ يجب أن أنصب خيمتي هنا وأن أجلس هنا حتى يفرج الله علينا".
ذكريات بين الركام
في جولة بين المنازل المحترقة، وجد مراسلنا محمود عليان نفسه أمام مشاهد لا تنسى، حيث قال: "هذه هي منازل الفلسطينيين... وأنا موجود في منزل له ذكرى كبيرة، أدخله لأول مرة وقد رأيته بهذه الصورة". وأردف قائلاً: "الجدران المعلقة، الحريق الذي التهم كل شيء في المنزل، رائحة الدخان في كل مكان تكبت على الأنفاس".
في انتظار الأمل
ورغم هذا المشهد المأساوي، لا يزال العائدون يتمسكون بالأمل، ينتظرون يوماً تعود فيه الحياة إلى طبيعتها. مشاهد الدمار، الألم، والصمود تتكرر في كل زاوية من شمال غزة، حيث يحاول الفلسطينيون التأقلم مع واقعهم الجديد رغم التحديات الجسيمة، في انتظار بصيص أمل يعيد لهم حياتهم المفقودة.