بعد 15 شهرًا من النزوح والمعاناة، يستعد أكثر من مليون نازح في وسط وجنوبي قطاع غزة للعودة إلى أحيائهم في مدينة غزة وشمال القطاع.
هذا الانتقال التاريخي سيبدأ مطلع الأسبوع المقبل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي حدد طريقتين لعودة النازحين: شارع الرشيد للمشاة، وشارع صلاح الدين للمركبات، مع إجراءات خاصة تُشرف عليها لجنة مختصة.
أمل رغم الأنقاض
"أريد أن أعود، حتى لو اضطررت للنوم أمام منزلي المدمر"، بهذه الكلمات عبّر أحد النازحين عن شوقه للعودة إلى شمال غزة، حيث يشتاق لرؤية والدته التي فارقها منذ أشهر.
قصته تمثل آلاف القصص التي تحمل تفاصيلها معاناة التنقل بين مناطق النزوح، حيث بدأت رحلته من الشمال إلى حي الزيتون، ثم مدينة حمد، فرفح، وأخيرا المواصي. كل محطة من هذه الرحلة كانت شاهدة على الفقدان والمآسي.
النازحون الذين سيعودون إلى ديارهم يواجهون واقعا معقدا؛ فمعظم المنازل مدمرة، ومقومات الحياة شبه معدومة. ومع ذلك، يصر العديد منهم على العودة، ولو إلى خيام تُنصب أمام منازلهم التي أصبحت أكواما من الركام.
الاتفاق الأخير، الذي مهد لهذه العودة، يأتي بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم وتسليم الرهائن الأربعة.
النازحون سيتمكنون من العودة عبر شارع الرشيد الساحلي سيرا على الأقدام دون الحاجة لتفتيش، بينما خصص شارع صلاح الدين للعائدين بمركباتهم، بشرط الخضوع لإجراءات التفتيش بإشراف لجنة خاصة.
رغم هذه الترتيبات، يتوقع أن تكون رحلة العودة شاقة. الطريق مليء بالعقبات النفسية واللوجستية، كما أن إعادة إعمار الشمال ستكون تحديا كبيرا في ظل الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والمرافق العامة.
لحظة مفصلية
"كأنها القيامة من الموت"، هكذا يصف النازحون الساعات القليلة المتبقية التي تفصلهم عن لحظة اقتلاع أوتاد الخيام وحزم الأمتعة.
شعور مختلط بين الأمل والخوف يسيطر على العائدين، إذ يعلمون أن العودة لن تكون نهاية لمعاناتهم، بل بداية جديدة في مواجهة الواقع القاسي.
وبرغم التحديات، فإن هذه العودة تمثل خطوة أولى نحو استعادة الحياة الطبيعية، حتى لو كانت البداية أمام منزل مدمر، أو في حي لم يبق منه سوى الذكريات.
النازحون يعودون محملين بأحلام بسيطة؛ لقاء الأحبة، واستعادة ما يمكن من تفاصيل حياة سرقتها الحرب.