في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تطورات متسارعة، يبرز التساؤل حول مستقبل حركة حماس في غزة وعلاقتها بالمحور الإيراني، خاصة بعد الأحداث الكبرى التي عصفت بالمنطقة منذ أكتوبر الماضي.

من جانب آخر، تتداخل المصالح الإقليمية والدولية في رسم معالم المشهد السياسي والعسكري للمنطقة، ما يفتح الباب لتقييم أعمق حول قدرة حماس على البقاء، وإيران على استعادة نفوذها المتراجع.

حماس بين الضغوط الداخلية والإقليمية

يؤكد مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث، الدكتور رمضان أبو جزر، خلال حديثه لغرفة الاخبار على سكاي نيوز عربية أن حماس تواجه أصعب تحدياتها منذ تأسيسها.

فالحركة، التي طالما زعمت تمثيل القضية الفلسطينية، أصبحت مكبلة بانتقادات محلية ودولية. "حماس لم تعد قادرة على العودة إلى وضعها السابق قبل 7 أكتوبر، وهي تعتمد حاليًا على ورقة الأسرى الإسرائيليين كورقة أخيرة لإنقاذ مكانتها السياسية"، يقول أبو جزر، مشيرًا إلى الصدمة التي أصابت سكان غزة الذين تفقدوا ممتلكاتهم بعد الحرب، مما زاد من حالة السخط الشعبي.

الشرق الأوسط.. فرص عودة حماس وترميم المحور الإيراني

إلى جانب ذلك، يرى أبو جزر أن السياسة الإسرائيلية تسعى إلى إبقاء حماس في الصورة بطريقة ما، حيث يوضح أن إسرائيل تعتمد على تضخيم وجود الحركة في الضفة الغربية كأداة لتعزيز سياساتها اليمينية المتطرفة. "إسرائيل تستخدم حماس كورقة ضغط وتوازن في الصراع الفلسطيني الداخلي، في الوقت الذي تفرض فيه شروطها على الساحة الإقليمية"، يضيف أبو جزر.

المحور الإيراني: تحولات استراتيجية وتراجع النفوذ

ويقدم الباحث في الشؤون الإيرانية، مصدق بور، رؤية تحليلية لدور إيران في دعم المقاومة الفلسطينية. "إيران ترى في حماس جزءًا من مشروع المقاومة، لكنها ليست العلامة الوحيدة لهذا المشروع"، يقول بور.

ويرى أن الضغوط الدولية والإقليمية أسهمت في إضعاف المحور الإيراني، مشيرًا إلى أن الحروب الأخيرة والتغيرات الجيوسياسية قللت من فعالية أدوات إيران في المنطقة.

لكن مصدق بور يلفت الانتباه إلى نقطة مهمة، حيث يشير إلى أن "المقاومة كفكرة لن تموت"، مضيفًا أن إيران قد تغير تكتيكاتها لكنها ستظل تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة.

ويؤكد أن الأوضاع الراهنة ستدفع طهران إلى إعادة تقييم استراتيجياتها، لكن دون التخلي عن أهدافها الكبرى.

أخبار ذات صلة

عراقجي يطالب بوقف "وعظ" إيران حول الأسلحة النووية
"الدومينو" ينتقل إلى الضفة.. تصعيد أمني أم محاولة للضم؟

إعادة تموضع المحور الإيراني وتأثيره على حماس

يقدم الخبير في العلاقات الدولية، مهند العزاوي، قراءة مختلفة لتراجع النفوذ الإيراني وأثره على حلفائها، بما في ذلك حماس. العزاوي يصف الوضع الحالي بأنه "مرحلة استئصال النفوذ الإيراني" في مناطق رئيسية مثل غزة وسوريا ولبنان. "الاستراتيجية الأميركية بالتعاون مع حلفائها تسعى لإضعاف المحور الإيراني، وهذا ينعكس مباشرة على قدرة إيران على دعم أذرعها مثل حماس وحزب الله"، يضيف العزاوي.

ورغم هذا التراجع، يشير العزاوي إلى براغماتية الإيرانيين في التعاطي مع التحولات. "إيران لا تزال تلعب على وتر الخطاب الإعلامي والرمزي لتأكيد حضورها، لكنها في الواقع تواجه صعوبات لوجستية واستراتيجية تمنعها من استعادة نفوذها السابق".

غزة ومستقبل حماس: بين الخيارات والمصير

ويشدد الباحث في مركز الإمارات للسياسات، محمد الزغول، على أهمية مراجعة حماس لاستراتيجياتها في ضوء التغيرات الأخيرة. "حماس بحاجة إلى إعادة تعريف مفهوم المقاومة والعمل على توافق وطني يشمل جميع الفصائل الفلسطينية"، يقول الزغول.

ويرى أن الحركة تواجه تحديًا مزدوجًا: الأول داخلي يتمثل في إعادة كسب ثقة سكان غزة، والثاني خارجي يتمثل في فك ارتباطها بالمشاريع الإقليمية، لا سيما المشروع الإيراني.

ويضيف الزغول أن "حماس تحتاج إلى تحديد أولوياتها بين المشروع الفلسطيني والمشاريع الإقليمية"، مشيرًا إلى أن استمرارها في سياستها الحالية قد يؤدي إلى مزيد من العزلة.

ويرى أن استعادة الحركة لقوتها ستستغرق سنوات، خاصة في ظل التراجع الواضح لمنظومة إيران العسكرية.