في ظل تصاعد الأوضاع الميدانية في سوريا، يشهد الملف السوري تحركات دبلوماسية مكثفة من دول الجوار، وكان هذا الملف محور نقاش "التاسعة" على "سكاي نيوز عربية"، التي استضافت مدير مركز "شرقيات" للبحوث محمد زاهد غول من إسطنبول.

تناول النقاش أبعاد التحركات الإيرانية والعراقية إلى جانب الموقف التركي، في ظل تقدم المعارضة المسلحة وسيطرتها على عدد من المدن الاستراتيجية في سوريا.

محاولة لاحتواء الأزمة

عقد وزراء خارجية العراق وسوريا وإيران اجتماعا ثلاثيا في بغداد لبحث تداعيات الأوضاع السورية، حيث أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين على أهمية التنسيق مع الدول العربية والخروج بموقف موحد تجاه تحديات المنطقة.

وشدد حسين على أن أمن العراق وسوريا مترابط، مشيرا إلى مساع عراقية لاستضافة اجتماع دولي موسع لمناقشة التطورات في سوريا.

واعتبر وزير الخارجية السوري بسام الصباغ أن التدخلات الإقليمية والدولية تهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة، محذرا من خطط لتغيير الخارطة السياسية، بينما أكد نظيره الإيراني عباس عراقجي دعم بلاده الكامل لسوريا، محذرا من أن التهديدات الإرهابية قد تتوسع لتشمل دول الجوار.

هل يتجه المشهد في سوريا نحو التقسيم؟

في مداخلة مع البرنامج، أوضح زاهد غول أن أنقرة تتابع التطورات في سوريا بحذر، مشيرا إلى أن "التحركات العسكرية للفصائل المسلحة لم تكن بالكامل بدعم تركي مباش،ر، بل جاءت كمفاجأة، خاصة مع الانهيار السريع للقوات الحكومية في حلب وعدد من المدن الأخرى".

وقال: "المعركة الحاسمة ستكون في حمص، فهي تمثل عقدة استراتيجية تصل دمشق بالساحل. إذا سيطرت المعارضة على المدينة فقد تكون الخطوة التالية دمشق".

وأشار إلى أن "تركيا قد تستفيد من هذه التحولات لبلورة موقف جديد تجاه الحكومة السورية، مع احتمالية إعادة فتح مسار المفاوضات".

وتعد مدينة حمص المحور المقبل للصراع السوري، إذ تتوسط البلاد جغرافيا وتربط الجنوب بالشمال.

وأشار زاهد غول إلى أن السيطرة على حمص ستقطع التواصل البري بين دمشق والساحل، مما يشكل تحديا كبيرا للحكومة السورية وحلفائها.

وأوضح أن "المعارضة المسلحة تسعى لحسم معركة حمص لتعزيز موقفها الميداني والسياسي، لكن هذا قد يدفع النظام وحلفاءه، بما في ذلك حزب الله والميليشيات الإيرانية، لتعزيز تواجدها في المدينة".

قيادي في فصائل المعارضة يدعو ضباط الجيش السوري إلى الانشقاق

وعن مدى قدرة تركيا على التحكم بالفصائل المسلحة المعارضة، أكد زاهد غول أن "هذا الاختبار الحقيقي لأنقرة"، مشيرا إلى أن "المسؤولية التركية تتجاوز الدعم العسكري لتشمل فرض أجندة سياسية تضمن التعددية والتعايش في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة".

وأضاف: "إذا فشلت تركيا في فرض مقاربة سياسية شاملة، فقد تواجه المعارضة المسلحة وتركيا نفسها تحديات كبرى، بما في ذلك فقدان السيطرة واستمرار حالة الفوضى".

ومع استمرار المعارك وتقدم المعارضة في عدد من المدن، تبقى السيناريوهات مفتوحة على عدة احتمالات، إذ أشار زاهد غول إلى أن "المرحلة المقبلة ستعتمد على قدرة الأطراف المختلفة على إدارة التوازنات الميدانية والسياسية، محذرًا من أن غياب الحلول السياسية قد يؤدي إلى كارثة إنسانية".

حمص.. أهمية استراتيجية