تكتسب مدينة حمص أهمية استراتيجية بالغة في الصراع السوري، فهي ليست فقط أكبر محافظات سوريا من حيث المساحة، ولكنها تتمتع بموقع جغرافي حيوي يربط بين العراق والأردن ولبنان، ما يجعلها نقطة تقاطع بين القوى الإقليمية والدولية.
وبحسب الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء الدكتور صالح المعايطة، فإن سقوط حمص في يد التنظيمات المسلحة "يهدد بفصل سوريا عن الساحل الغربي ومجالها البحري، مما يمثل ضربة قوية للنظام السوري وحلفائه، خاصة روسيا وإيران".
أهداف السيطرة على حمص
يسعى المسلحون للسيطرة على حمص لأنها تشكل عقدة لوجستية رئيسية. فهي ليست فقط ممراً استراتيجياً بين مناطق النفوذ في سوريا، لكنها أيضاً بوابة نحو الساحل الغربي حيث النفوذ الروسي المتمثل في قواعد حيوية مثل اللاذقية وطرطوس.
ويضيف اللواء المعايطة أن "حمص تمثل نقطة حاسمة في مشروع إيران لإنشاء ممر بري يمتد من العراق عبر سوريا إلى لبنان، ما يفسر الاهتمام الإيراني المتزايد بها".
كما أن الكثافة السكانية المتنوعة في حمص، والتي كانت قبل الحرب تبلغ نحو مليون نسمة، أضحت الآن عنصر ضغط إضافي على جميع الأطراف.
تداعيات المعركة على النفوذ الإقليمي
من وجهة نظر روسية، فإن السيطرة على حمص تعني تعزيز الهيمنة على الساحل الغربي وتأمين المصالح البحرية الروسية في البحر المتوسط. أما إيران، فتعتبر حمص مفتاحاً لمشروعها الإقليمي، حيث يشير اللواء المعايطة خلال حديثه لسكاي نيوز عربية إلى أن "سقوط حمص يعني انهيار النظام السوري وتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة". بالمقابل، تسعى إسرائيل إلى تقويض أي تقدم قد يتيح نقل الأسلحة عبر حمص إلى حزب الله في لبنان.
معركة شديدة الشراسة
من المتوقع أن تكون معركة حمص من أعنف المعارك التي يشهدها الصراع السوري.
ويؤكد اللواء المعايطة أن "النظام السوري سيقاتل بشراسة للحفاظ على هذه المحافظة، نظراً لدورها الحيوي في بقاء النظام".
ويرى أن المعركة ستكون مختلفة عن حلب أو حماة بسبب تعقيدات الموقع الجغرافي والتداخل الإقليمي في حمص.
إن السيطرة على حمص ليست فقط خطوة عسكرية، بل هي معركة سياسية واستراتيجية قد تعيد تشكيل خريطة النفوذ في سوريا. وفي ظل وجود قوى إقليمية ودولية متنافسة، تظل المدينة ساحة صراع مفتوحة، حيث يصعب التنبؤ بمن ستكون له الكلمة الأخيرة.