تشهد سوريا معارك متشابكة تعكس تعقيد المشهد العسكري والسياسي في البلاد. بين هجمات التنظيمات المتطرفة وسعي الجيش السوري للدفاع عن مناطق حيوية، تظهر تحديات استراتيجية وسياسية متعددة، تلقي بظلالها على الوضع الأمني والإنساني في البلاد.

يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء محمد عباس، أن التنظيمات المتطرفة تعتمد على "هجمات تشتيتية لتعطيل جهود الجيش السوري"، محذراً من خطورة اندلاع حرب مدن قد تهدد حياة آلاف المدنيين.

وأضاف عباس أن الجيش السوري، الذي يخوض حرباً منذ 14 عاماً، يواجه تدهوراً في مستويات التدريب والانضباط، ما أدى إلى إخفاقات في بعض العمليات العسكرية.

التنظيمات المسلحة تسيطر على حماة.. وترقب لرد دمشق

وأشار عباس إلى أن "تراجع القوات العسكرية من شمال حماة إلى جنوبها يعكس صعوبة الدفاع بسبب وجود نهر العاصي"، داعياً إلى تطوير استراتيجيات دفاعية فعالة في المناطق الشمالية والشرقية من حمص.

كما لفت إلى دور القوى الإقليمية والدولية، معتبراً أن إسرائيل تقدم نفسها كطرف محايد، لكنها "تشن هجمات مستمرة على مواقع القوات السورية تحت ذريعة استهداف القوات الإيرانية"، مشيراً إلى وجود "نوايا أميركية وإسرائيلية لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحهم".

حمص.. الأهمية الاستراتيجية

بدوره، شدد مدير مركز صقر للدراسات الاستراتيجية، مهند عزاوي، على الأهمية الاستراتيجية لمحافظة حمص، قائلاً إنها "منطقة حيوية لا يمكن التخلي عنها، خاصة لقربها من طرطوس التي تُعتبر نقطة محورية للهيمنة البحرية".

وأوضح عزاوي أن القوات السورية واجهت مفاجآت أثناء الاشتباكات، نتيجة "مستوى التدريب والتنظيم المتقدم لدى القوات المعادية"، ما أثر على سير العمليات.

وأضاف أن "تعدد التشكيلات العسكرية، بما يشمل القوات الأميركية والروسية والإيرانية، ساهم في تشتت القيادة السورية"، داعياً إلى تحويل المؤشرات السياسية إلى أهداف عسكرية واضحة.

كما دعا إلى ضرورة دراسة خصائص الخصم، بما في ذلك "قابلية الحركة وسرعتها، ومراقبة التغيرات في الأساليب المستخدمة"، مشيراً إلى أهمية تعزيز إرادة القتال لدى الجيش السوري لتحقيق أهدافه.

أخبار ذات صلة

العراق.. اجتماع وزاري ثلاثي لمناقشة الوضع في سوريا
لفصل حمص عن حماة.. فيديو لطائرات حربية تستهدف جسر الرستن

سقوط حماة والتهديدات المتزايدة

من جهته، يرى الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أعلية علاني أن سقوط محافظة حماة يمثل "إنذاراً خطيراً قد يقرب الوضع من دمشق".

وأضاف أن الإخفاقات العسكرية والتأخر في العملية السياسية ساهمت في فقدان السيطرة على هذه المنطقة الحيوية.

وأشار علاني إلى تأثير الحروب في غزة وغيرها على جاهزية الجيش السوري، مؤكداً أن الحكومة السورية بحاجة إلى مراجعة استراتيجياتها العسكرية، إذ قد لا تكون "الخطط الحالية فعالة في مواجهة مقاتلين مدفوعين بقناعات قوية".

خارطة معقدة للمشهد العسكري

تُظهر التحليلات أن المعارك السورية لا تقتصر على صراع عسكري بحت، بل تمتد إلى أبعاد سياسية واستراتيجية معقدة.

يشكل التداخل بين القوى الدولية والإقليمية، واستمرار التنظيمات المتطرفة في تكتيكاتها المدمرة، تحديات كبيرة أمام القيادة السورية، التي تحتاج إلى استراتيجيات مرنة ومستدامة لحماية المناطق الحيوية وتحقيق الاستقرار.