تشهد سوريا واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا، حيث تتداخل مصالح القوى الإقليمية والدولية بشكل يعوق الوصول إلى حلول سياسية مستدامة.
في ظل هذا التشابك، تبدو الخيارات محدودة، ما يترك مستقبل سوريا مرهونًا بالتطورات الميدانية والسياسية.
تشابك المصالح والصراع الدولي
تُعتبر الأزمة السورية نموذجًا حيًا لتقاطع المصالح الإقليمية والدولية، ويوضح الكاتب والباحث السياسي حسام طالب أن "تركيا لم تلتزم باتفاقيات أستانا وسوتشي، بل تسعى نحو حل سياسي يتماشى مع أحلام التوسع العثماني"، مشيرًا إلى أن أنقرة تدعم جماعات مسلحة لتحقيق مصالحها في الشمال السوري، بما في ذلك السيطرة على مدينة حلب.
وأضاف أن "سوريا مستعدة للحل السياسي، لكن هذا يتطلب مكافحة الإرهاب والقضاء عليه"، مشددًا على ضرورة توقف تركيا عن دعم التنظيمات الإرهابية لتحقيق الاستقرار.
في المقابل، يرى السفير مجتبى فردوسي بور، مدير دراسات شؤون غرب آسيا وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية الإيرانية، أن "الأحداث الجارية على الأراضي السورية تمثل انتهاكًا لسيادة سوريا"، مؤكدًا أن إسرائيل تسعى لتفتيت سوريا لتحقيق أهدافها التوسعية.
وأشار إلى أن إيران تدعم الجيش السوري في مواجهة الإرهاب، داعيًا إلى عودة كل من تركيا وسوريا إلى طاولة المفاوضات.
الموقف التركي والتوتر مع النظام السوري
من جانبه، يوضح المستشار السابق في رئاسة الوزراء التركية جاهد توز أن الحكومة التركية أظهرت "نوايا طيبة تجاه النظام السوري منذ بداية الثورة"، لكنه انتقد ما وصفه بتجاهل النظام السوري لدعوات أنقرة للتطبيع.
وأضاف أن تركيا ترى أن "إيجاد حل للأزمة السورية يتطلب عقلانية من الدول المعنية".
الرؤية الأميركية والمصالح الكردية
وفقًا للأستاذ المحاضر في جامعة جورج واشنطن إبراهيم الأصيل، فإن "أولوية الولايات المتحدة تتمثل في دعم قوات سوريا الديمقراطية لمكافحة داعش"، مع التأكيد على عدم استعداد واشنطن للتدخل عسكريًا في الصراعات بين القوات الكردية والجماعات المسلحة الأخرى.
وأشار الأصيل إلى أن الكلمة الفصل في الشمال السوري "تعود إلى تركيا وروسيا"، مع استمرار واشنطن في لعب دور الوسيط بين الأطراف المتنازعة.
التحديات وفرص الحل السياسي
في ظل هذا الصراع، يشير حسام طالب إلى أن "وجود جماعات مثل القاعدة وجبهة النصرة، إلى جانب الدعم الخارجي لهذه التنظيمات، يجعل من الصعب تحقيق حل سياسي".
ويضيف إبراهيم الأصيل أن القرار الأممي 2254، الداعي إلى تشكيل حكومة غير طائفية، قد يمثل فرصة لتحقيق تسوية، خاصة إذا اتفقت الأطراف على حياد مدينة حلب.
ويبقى مستقبل سوريا معلقًا في ظل تضارب الأجندات الإقليمية والدولية. ومع استمرار التوترات في الشمال السوري، تتضاءل فرص الحلول الدبلوماسية، ما لم تُظهر الأطراف الرئيسية التزامًا حقيقيًا بإيجاد تسوية تنهي معاناة الشعب السوري وتحفظ سيادة البلاد.