أمر جلل استجد في تل أبيب؛ وتل أبيب هنا هي المعنيان معًا، المدينة بإطارها الجغرافي، وبما تحمله من معانٍ اجتماعية وجيوسياسية، وقبل ذلك كله، كمركز لصنع القرار الإسرائيلي.
فالتفجير الذي وقع مساء الأحد هزّها هزًّا، بدويه وتداعياته.
تقول الشرطة الإسرائيلية إن معجزة حالت دون مقتل العشرات، لولا أن حادثا عرضيا حصل، وخرب على المنفذ خطته.
وهو الذي كان ينتوي تفجير عبوته شديدة الانفجار في كنيس، وفق ما اشتبه مسؤولون في وزارة الدفاع الإسرائيلية، ونقلت عنهم صحيفة "هآرتس".
أما المنفذ بحسب ما توفرّ من معلومات في الإعلام الإسرائيلي فهو فلسطيني قدم من نابلس، أتم من العمر عقودا خمسة، وهذا التفصيل يمكن الوقوف عنده، إذا ما تمت مقارنته بأعمار منفذي الهجمات السابقة من هذا النوع، والذين كانوا من الشباب اليافعين.
حماس تتبنى
أما المستجد الأبرز فهو تبني حماس والجهاد للعملية، وتحديداً ما ذكره بيان جناح حماس العسكري بأن هذه العمليات التي وصفها نص البيان بـ "الاستشهادية" عائدة إلى الساحة الإسرائيلية.
ذاك أن العمليات الانتحارية داخل المدن الإسرائيلية سلاح قديم متجدد، أشهرته حماس بغزارة في تسعينات القرن الماضي، وبداية الألفية، لتشوش على مسار أوسلو ومخرجاته، وقتلت قرابة 800 إسرائيلي في تلك الفترة.
وما لبث هذا النهج الدموي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الطويل أن عاد في غير مناسبة، وبوتائر متفاوتة.
هذا التطور يمكن ربطه بمسار الحرب في غزة، والتعثر الذي تكابده حماس، في الميدان والمفاوضات على حدّ سواء.
فالحركة باتت عاجزة على نحو بالغ، عن اجتراح تكتيكات عسكرية من تلك التي من شأنها قلب الموازين، بل إن دبابات الجيش الإسرائيلي وطأت بالفعل كل حبة رمل في غزة، فيما عملت آلة الاغتيال التي يبرع باستخدامها الموساد، على تصفية قادة الصف الأول لجناح حماس العسكرية.
هذا الاختلال في الميدان لصالح إسرائيل انعكس تشددًا في المحادثات، وبات نتنياهو يرفع سقوفه التفاوضية كلما انحسرت شروط حماس ومطالبها، ولم يتردد مسؤول في الحركة بالقول الأسبوع الماضي إن أي مرونة أخرى تبديها الحركة ستتحول إلى استسلام.
وأمام هذه المحنة، تسعى حماس إلى تحسين ظروفها التفاوضية والميدانية، عبر نقل المعركة إلى الضفة الغربية ومنها إلى الداخل الإسرائيلي، كي تقول لتل أبيب إنه لا يزال لديها من أوراق الضغط والقوة لقلب الموازين، ولذلك استعادت بعضها من دفاترها القديمة.