شهدت الساعات الأخيرة تصعيدا كبيرا في الصراع الإقليمي، بعد عمليتي اغتيال طالتا اثنين من أبرز شخصيات "محور المقاومة"، أولا اغتيال القائد العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر في بيروت، ثم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
ويثير هذا التصعيد العديد من التساؤلات حول تأثير هذه العمليات على مستقبل الصراع في المنطقة، وما إذا كانت ستساهم في إنهاء النزاعات باعتبار أنها تهدف "رؤوس أذرع إيران في المنطقة"، أم ستؤدي إلى اتساع الصراع، إذ قد يكون لبنان محطته التالية.
وأكثر الروايات التي تتداول حول اغتيال هنية من شأنه أن يضر بمحادثات وقف إطلاق النار، وهو ما يعد مؤشر على استمرار الصراع والتصعيد في المنطقة خلال المرحلة المقبلة.
تأثير الاغتيالات على الصراع
يقول الباحث في مركز راند الأميركي للاستشارات الأمنية مايكل شوركين، إن اغتيال هنية وشكر يمثل تصعيدا ملحوظا في الصراع الإقليمي.
وأشار إلى أن الهجمات على شخصيات بارزة في حركتي حماس وحزب الله "تعكس نية واضحة من الأطراف المنفذة لتغيير ميزان القوى في المنطقة".
ويضيف شوركين أن "من غير المرجح هذه الاغتيالات أن تؤدي إلى إنهاء الصراع، بل على العكس قد تسهم في توسيع نطاقه. الهجمات على قيادات بارزة غالبا ما تثير ردود فعل قوية من الأطراف المستهدفة، وقد يكون لبنان على أعتاب تصعيد كبير في النزاع نتيجة لهذه التطورات".
وفي تحليله، يرى شوركين أن "الاغتيالات الأخيرة تعكس تحولا في ديناميات الصراع، بالنسبة لإسرائيل فإن التخلص من هنية وشكر جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى ممارسة الضغط على محوري حماس وحزب الله، ومع ذلك قد تؤدي هذه الخطوات إلى تصعيد غير متوقع في المنطقة".
وتابع: "ردود الفعل المحتملة من الطرفين المستهدفين قد تشعل فتيل حرب جديدة، مع احتمال أن يكون لبنان هو الساحة التالية في هذا الصراع المتصاعد".
ولفت شوركين الانتباه إلى أن "لبنان بدوره المركزي كمقر لحزب الله، قد يكون في قلب أي تصعيد محتمل. إذا ردت حماس وحزب الله بشدة على هذه الاغتيالات فإن لبنان قد يصبح ساحة رئيسية للصراع الإقليمي. الضغوط والتوترات المتزايدة قد تؤدي إلى تفاقم العنف، مما يهدد الاستقرار في لبنان ويزيد من تعقيد المشهد الإقليمي".
المفاوضات هي الحل
وفي السياق ذاته، يري رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية سمير راغب، أن عمليات الاغتيال "رغم كونها تصعيدا كبيرا، فإنها لا تمثل كتابة النهاية للصراع".
وأضاف راغب: "سياسة الاغتيالات لا تفضي إلى إنهاء الحروب، بل هي حلقة من حلقات الصراع المستمر، فنهاية الحرب لا تتحقق عبر الطرق العسكرية بل من خلال التوصل إلى حلول سياسية".
وتابع: "عمليات الاغتيال تمثل محاولة لإحداث اختلال في توازن القوى داخل الأطراف المستهدفة"، لافتا إلى أن هذه الاستراتيجيات العسكرية قد تؤدي إلى تعقيد النزاع"، وتستند رؤيته إلى أن "التوصل إلى حلول دائمة للصراعات يتطلب دائما مسارات سياسية".