في مقابلة حصرية مع "سكاي نيوز عربية"، قال وزير الخارجية التركية، هاكان فيدان، إن الحرب الدائرة في غزة "خنجر مغروز في قلب العالم"، مؤكدا دور تركيا في تقديم كل الدعم الممكن لجميع الأطراف فيما يتعلق بوقف إطلاق النار.
وأضاف فيدان في حديثه مع "سكاي نيوز عربية" أن الأميركيين والغربيين متفقون على أن بنيامين نتنياهو يتجنب اتخاذ خطوات في سياق الوصول لاتفاق يضع حدا للحرب، لأن وقف إطلاق النار في فلسطين لا يتوافق مع الأهداف السياسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتابع: "اليوم حماس موجودة، وغدا قد تظهر منظمة أخرى، المسألة هي ما سيكون عليه مستقبل المقاومة الفلسطينية، نحن في تركيا ننظر إلى الموضوع من هذه الزاوية، هناك بعض التصورات الخاطئة حول أننا ندعم حماس بشكل كبير، نحن لدينا قضية واحدة فقط ندعمها وهي القضية الفلسطينية المُحقّة".
ما بعد الحرب
وعن رأيه بشأن مرحلة ما بعد الحرب قال فيدان: "إذا لم نقم بتطبيق حل الدولتين الآن، فسوف تنشب في المستقبل حرب غزة الرابعة، أو حرب الضفة الغربية الخامسة أو حرب القدس السابعة، لذا يجب أن نتعلم من الأحداث ونطبق حل الدولتين بأسرع ما يمكن، هذا مهم لأمن الإسرائيليين وأيضا لأمن الفلسطينيين، في الواقع، يجب القيام بذلك من أجل أمن المنطقة بأسرها".
وأضاف فيما يخص معارضة حل الدولتين خوفا من صعوبة القدرة على تطبيقها: "إذا مُنح الفلسطينيون دولة، فإننا يمكن أن نتحدث مع الدول الإسلامية، ومع الدول الأخرى، هذه الدول وبما فيها تركيا مستعدة، نحن مستعدون للمشاركة في النهوض بهذه المسؤولية لضمان بقاء هذه الدولة واتفاق السلام، ليست لدينا أي مشكلة في هذا".
العلاقات الخارجية
قال فيدان إن "العلاقة التركية مع الأشقاء العرب وصلت إلى مستوى ممتاز، من الطبيعي أن تكون هناك خلافات، لكن الدول الناضجة يجب عليها أن تدير هذه الخلافات بنضج ضمن إطار استراتيجي محدد".
العلاقات مع سوريا
وحول تطبيع العلاقات مع سوريا قال وزير الخارجية التركي إن "الرئيس رجب طيب أردوغان أعرب عن استعدادنا لبدء أي نوع من الحوار على أي مستوى، بما في ذلك مستوى الرئاسة، لحل المشكلات القائمة بيننا".
وتابع: "لقد أجرينا منذ عام 2017 محادثات عبر قنوات متعددة، وكانت هناك أوقات شهدنا فيها فوائد لذلك، الآن علينا تحويل هذه الحالة المؤقتة إلى حالة أكثر ديمومة، أكثر من نصف السوريين يعيشون حاليا خارج البلاد. يجب أن يتمكن هؤلاء من العودة إلى بلادهم بأمان".
وأكد على "ضرورة تطهير سوريا من الإرهاب، خاصة المناطق المناطق التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني، هناك منظمة إرهابية اغتصبت موارد الشعب السوري، يجب علينا محاربتها، وأخذ النفط ومصادر الطاقة منها وإعادتها إلى الشعب السوري، لأن هذه المنظمة تخوض حربا ضخمة ضد الشعب السوري وضد الدولة التركية بهذه الثروة التي سرقتها من هناك".
ولفت إلى أن "تركيا دولة قوية، لا تبحث عن محادثة من عجز أو يأس، على العكس، ما يبعثنا على هذا هو نضجنا فيما يتعلق بهذا الأمر، نحن نركز على تأثيرنا الدبلوماسي واحتياج المنطقة للسلام".
العلاقات مع العراق
قال فيدان إن "حزب العمال الكردستاني استفاد من الفوضى في العراق وهدفه إفساد الاستقرار في تركيا من خلال التمركز في العراق، ينتشر في العراق مثل خلايا السرطان، وهذا خرج عن كونه مشكلتنا وتحول إلى مشكلة أمن قومي للعراق".
وأكد وجود اتفاق تركي عراقي فيما يخص "تطهير المنطقة لتكون خالية من السلاح، وخالية من الإرهابيين، وخالية من النزاعات، سواء بسبب تنظيم داعش أو حزب العمال الكردستاني".
العلاقة مع مصر
وعن ترتيبات الزيارة المرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قال فيدان: "تحضيراتنا تسير بشكل جيد، أي أننا في مراحل استكمال التحضيرات سيكون لدي إن شاء الله زيارة إلى القاهرة في بداية شهر أغسطس، سنجتمع هناك مع نظيرنا المصري الجديد، ونقوم بتحضيرات الاجتماع بين الزعيمين. كما تعلمون، لقد زار رئيس جمهوريتنا القاهرة، والآن سنستضيف السيد السيسي في أنقرة إن شاء الله".
العلاقة مع الإمارات
قال وزير الخارجية التركي إن "العلاقة مع الإمارات جيدة للغاية، لدينا مجالات تعاون جدية في مجالات الاستثمار المتبادل والتجارة والتعاون التكنولوجي".
وأكد "استمرار المشاورات بين تركيا والإمارات حول إدارة الأزمات في المنطقة، خاصةً حول الأزمات في شمال إفريقيا، مثل الصومال والسودان وليبيا، لدينا تبادل مكثف للآراء، نحن نفكر بنفس الطريقة في العديد من القضايا، بما في ذلك قضية فلسطين، نحن نبحث سبل حل جميع هذه الأزمات معا".
وتابع: "كما تعلمون، فإن رؤية الإمارات العربية المتحدة المتعلقة بالتنمية والتكنولوجيا رؤية ممتازة، وقد أصبحت نموذجا للعديد من الدول في هذه المنطقة، نتحدث الآن عن الإمارات العربية المتحدة التي تعمل في الذكاء الاصطناعي وترسل رواد الفضاء، إنها حقا دولة تسهم بشكل كبير في المنطقة واقتصادها".
العلاقة مع السعودية
قال فيدان إن علاقة تركيا مع السعودية جيدة ولا سيما التعاون في مجال الصناعات الدفاعية، مؤكدا تبادل الآراء بين الدولتين حول الأزمات الإقليمية مع السعودية.
وأضاف: " في السعودية مشروع تنموي هائل في السنوات الأخيرة، هذه المشاريع بمثابة ثورة، خاصة في مجالات تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على الطاقة، وتقليل الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الطاقة، وتوسيع الاستثمارات، وزيادة عدد السكان، وتعزيز الصناعة".
العلاقة مع ليبيا
قال وزير الخارجية التركي إن "بلاده ترغب في إعادة إحياء دولة ليبيا المستقلة المتحدة التي يتوحد فيها الشرق والغرب"، مؤكدا وجود علاقات مع الغرب والشرق في ليبيا.
وتابع: "زار رئيس مجلس النواب السيد عقيلة صالح بلادنا عدة مرات. لدينا تواصل مع السيد خليفة حفتر، ونجري محادثات مع أبنائه. وقد افتتحنا قنصليتنا في الشرق، ونحن حاليا بصدد تشغيلها. وجميع أنواع العلاقات مستمرة".
وأكمل: "مصر لديها مخاوف محقّة تتعلق بأمن الحدود هناك، ويجب معالجتها. وبالتالي، لمصر اهتمام أيضا بليبيا، تماما كما لدينا اهتمام بحدودنا مع سوريا، نحن نتواصل مع مصر، ونتواصل مع الإمارات، ونتحدث مع قطر، ونجتمع معا لنبحث كيف يمكن تحقيق سلام دائم ووحدة وطنية في ليبيا بمشاركة من الأمم المتحدة أيضاً".
التدخل الإيراني في المنطقة
وعند سؤاله عن تنامي أذرع إيران في المنطقة، قال فيدان إن "تركيا لا تدعم تدخل أي دولة في المنطقة بأي شكل يتعدى الشراكة الطبيعية، نحن بالطبع لا ندعم هذه الأنواع من السياسات بغض النظر عن الدولة التي تقوم بها".
وتابع: "لهذا السبب لدينا فكرة جادة حول إنشاء هيكل للتعاون الأمني الإقليمي في المنطقة. إذا زاد التعاون الإقليمي، وزدنا من الثقة والاطمئنان بين الدول الإقليمية، فلن يبقى هناك نقاط ضعف في المنطقة".
الحرب الأوكرانية
أكد فيدان "وجود جهود ومساع تركية لفعل ما يلزم بخصوص وضع حد للحرب الأوكرانية، مضيفا: " المأساة الإنسانية في أوكرانيا كبيرة جدا، يجب أن نقول كفى لهذا الدمار وهذا الموت. يجب على المجتمع الدولي أن يأخذ زمام المبادرة في هذا الشأن".