منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في السودان، طرحت أطراف دولية وإقليمية 9 مبادرات لوقف الحرب لكن جميعها لم ينجح حتى الآن في حل الأزمة.
ويعزي مراقبون وفاعلون سياسيون فشل كل تلك المحاولات والجهود إلى تعدد المنابر وعدم رغبة بعض الأطراف في الوصول إلى سلام، إضافة إلى الضغط الذي تمارسه جماعة الإخوان الرافضة لوقف الحرب التي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 12 مليونا وأحدثت دمارا هائلا في اقتصاد البلاد وبنيته التحتية والمجتمعية.
مبادرات متعددة
منبر جدة
- انطلق في 6 مايو 2023 أي بعد أقل من شهر من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023.
- جرت المفاوضات بتنسيق بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية.
- عقد منبر جدة ثلاث جولات كان آخرها في ديسمبر 2023.
- هناك جهود لدفع الطرفين للعودة إلى المنبر حيث سلمت السعودية رسالة بهذا الخصوص لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
مفاوضات المنامة
- جرت في الفترة ما بين نوفمبر 2023 ويناير 2024 مفاوضات بين ممثلي الجيش والدعم السريع في العاصمة البحرينية المنامة برعاية الولايات المتحدة الأميركية وأحيطت بسرية تامة، قبل أن تكشف عنها وزارة الخارجية الأميركية في فبراير 2024.
محاولات إفريقية
أجرى الاتحاد الإفريقي والهيئة المعنية بالتنمية في إفريقيا "إيغاد" 6 محاولات كانت الأولى في مايو 2023 أي بعد أسابيع قليلة من اندلاع القتال.
كانت الثانية في 12 يونيو 2023 حيث عقد رؤساء الدول الأعضاء في"إيغاد" قمة استثنائية في العاصمة الجيبوتية، أعقبها دعوة قدمتها اللجنة الرباعية الإفريقية لطرفي القتال للاجتماع في العاصمة الأثيوبية أديس ابابا، وعقد الاجتماع في العاشر من يوليو 2023، لكن وفد الجيش قاطع الاجتماع احتجاجاً على رئاسة كينيا للجنة الرباعية.
وفي 9 ديسمبر 2023، عقدت "إيغاد" قمة استثنائية ثانية في جيبوتي.
وبعد نحو شهر من القمة، شكل الاتحاد الإفريقي آلية رفيعة المستوى تضم محمد شمباس الممثل السامي للاتحاد الإفريقي لإسكات البنادق، وسيمبيوسا وانديرا نائب رئيس أوغندا الأسبق، وفرانسيسكو وانديرا الممثل الخاص السابق للاتحاد الإفريقي إلى الصومال، وكلفت اللجنة بالعمل مع جميع الأطراف من أجل استعادة السلام عبر الخطة الإفريقية.
وفي 20 يناير 2024، عقدت "إيغاد" قمة ثالثة في العاصمة الأوغندية كمبالا وحددت أسبوعان لعقد لقاء مباشر بين قائدي الجيش والدعم السريع لوضع حد للحرب، لكن السودان أعلن تجميد عضويته في المنظمة وذلك بعد ساعات من القمة.
وتمثلت آخر محاولة في سلسلة المبادرات الإقليمية والدولية في المؤتمر الذي استضافته العاصمة المصرية القاهرة خلال يومي السادس والسابع من يوليو 2024 تحت شعار "معا من أجل وقف الحرب"، بمشاركة تنسيقية القوى المدنية "تقدم" برئاسة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك الرافضة للحرب وممثلو عدد من الكيانات المكونة لمجموعة الكتلة الديمقراطية الداعمة للحرب والتي تشارك بعض مكوناتها بقوات تقاتل إلى جانب الجيش.
مقررات بلا تنفيذ
بعد 5 أيام من انطلاق الجولة الأولى من مفاوضات منبر جدة وقع الطرفان اتفاقا لوقف إطلاق النار لكنه سرعان ما انهار خلال ساعات.
وشملت أبرز نقاط الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في منبر جدة والتي لم يلتزم الطرفان بتنفيذها حتى الآن:
- الالتزام بالسماح بمرور المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية.
- انسحاب القوات من المستشفيات والعيادات، والسماح بدفن الموتى باحترام.
- القبض على عناصر النظام السابق الفارين من السجون عقب اندلاع القتال.
كما توصل الطرفان خلال مفاوضات المنامة إلى اتفاق مبدئي من 21 بند تم التوقيع عليه بين رئيسي وفدي التفاوض، وشملت أهم البنود:
- وقف العدائيات وإبقاء قوات كل طرف في مواقعها بحسب ما اقترحه خبراء دوليون.
- بناء وتأسيس جيش مهني وقومي من جميع القوات (الجيش، الدعم السريع، الحركات المسلحة)، والنأي بالقوات المسلحة عن تبني أي إيدولوجيا أو انتماء حزبي.
- تفكيك تمكين نظام الإخوان الذي حكم البلاد منذ انقلاب 1989 وحتى سقوطه في إبريل 2019.
- القبض على الفارين من السجون وتسليم المطلوبين.
وخلال المحاولات الست التي أجراها، أعلن الاتحاد الإفريقي تبنيه خطة لحل الأزمة تتكون من 6 نقاط؛ تشمل:
- وقف إطلاق النار الدائم.
- تحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح.
- إخراج قوات طرفي القتال إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن المدن.
- نشر قوات إفريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية؛ إضافة إلى معالجة الأزمة الانسانية والبدء في عملية سياسية لتسوية الأزمة بشكل نهائي.
وأعلنت قمة جيبوتي في بيانها الختامي موافقة البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو على اللقاء وجها لوجه لمناقشة مقترح الوقف الدائم لإطلاق النار وبدون شروطٍ مسبقة وحلِّ النزاع من خلال الحوار السياسي، لكن اللقاء لم يعقد حتى الآن، ففي حين وافق حميدتي عليه رفضه البرهان وأعلن السودان تجميد عضويته في المنظمة.
أسباب الفشل
يشير مراقبون وفاعلون سياسيون إلى أربع أسباب رئيسية لفشل الجهود الدولية والإقليمية التي جرت حتى الآن.
ويلخصون تلك الأسباب في:
- عدم جدية طرفي القتال في الوصول إلى السلام.
- تعدد المنابر.
- عدم وجود آليات فاعلة لإجبار الطرفين على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
- إضافة إلى الاعتقاد السائد بنفوذ عناصر تنظيم الإخوان داخل الجيش، وهو ما يوضحه الهادي إدريس عضو مجلس السيادة السابق ورئيس الجبهة الثورية لموقع "سكاي نيوز عربية"، بالقول "لن تنجح أي مبادرة طالما الجيش لم يفك الارتباط مع تنظيم الإخوان".
من جانبه، يرى شريف محمد عثمان الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني والقيادي في تنسيقية القوى المدنية السودانية "تقدم" أن الفشل يعود لسببين أولهما عدم الجدية والرغبة في الوصول إلى سلام إضافة إلى تعدد المنابر.
ويوضح عثمان لموقع "سكاي نيوز عربية" سيل المبادرات التي جرت منذ اندلاع الحرب سعت لإيقافها، لكن التجربة أكدت وجود عدم جدية في التعاطي مع تلك المبادرات وإنهاء الحرب.
ويحمل عثمان الجيش المسؤولية الأكبر في عدم نجاح تلك المبادرات، ويوضح "ظل قادة الجيش يتحججون بحجج كثيرة لعدم العودة للحرب ويتحدثون عن الحسم العسكري الذي أثبت فشله حيث لا يزال بعيد المنال ولا يزال السودانيون يتحملون تبعات الحرب قتلا ونزوحا وجوعا".
ويضيف عثمان إلى تلك الاسباب مسالة تعدد المنابر، ويقول "تعدد المنابر ليس في صالح عملية إنهاء الحرب لذلك نادينا منذ وقت مبكر بتوحيد الجهود الدولية والإقليمية وإلحاق ممثلين للاتحاد الإفريقي والإيغاد ودول الجوار بمنبر جدة بهدف زيادة الفاعلين والمؤثرين".