تضع الحكومة المصرية الجديدة أزمة الكهرباء الراهنة على رأس أولوياتها للمضي قدما في حلها، بعدما أثارت غضب المصريين من الحكومة الراحلة، لتفاقهما في الأسابيع الأخيرة، وتسببها في الإطاحة بوزيري الكهرباء والبترول معا في التشكيل الأخير.
ويترقب المصريون انتهاء أزمة تخفيف الأحمال الكهربائية، بالتزامن مع ارتفاع غير معتاد في معدلات درجات الحرارة ما ساهم في زيادة الاستهلاك.
وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي انقضاء فترة الانقطاعات التي دامت لشهور، ووقف خطة تخفيف الأحمال الكهربائية، خلال الأسبوع الثالث من الشهر الجاري.
ويعتقد مسؤولون ومختصون في شؤون الطاقة، خلال حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الحكومة الجديدة ستعمل سريعا على ضمان حل أزمة الكهرباء خلال الشهر الجاري، بغية نيل "ثقة المصريين"، مع اتخاذ خطوات متسارعة لتوفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، وسداد مستحقات شركات البترول الأجنبية، بما يحول دون تكرار الأزمة في الشتاء المقبل.
ماذا قال وزيرا البترول والكهرباء الجديدين؟
في أول حديث له، قال وزير البترول المصري الجديد كريم بدوي، إن توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء "سيكون على رأس الأولويات" التي سيتعامل معها خلال الفترة المقبلة.
وشدد بدوي في تصريحات لقناة "إكسترا نيوز" المصرية من داخل القصر الرئاسي حيث أدى اليمين الدستورية أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أن التركيز في زيادة إنتاج الزيت والغاز، وتنمية الاكتشافات البترولية والحصول على حقول جديدة في البحر المتوسط والصحراء الغربية، سيكون ضمن قائمة أولوياته.
ولفت إلى العمل مع "الشركاء الأجانب" لجذب المزيد من الاستثمارات لقطاع البترول والغاز في مصر، ما يساهم بشكل فعال في تجنب أزمة انقطاع الكهرباء مجددا.
ومع بداية الشهر الجاري، وصلت أول شحنة من الغاز المسال التي اتفقت عليها الحكومة المصرية لاستيرادها من بين 21 شحنة أخرى ستصل تباعا خلال فصل الصيف، بالإضافة إلى شحنات أخرى من المازوت.
كما كشفت شبكة "بلومبيرغ" أن الحكومة المصرية سددت 1.3 مليار دولار كدفعة جديدة من مستحقات شركات النفط والغاز الأجنبية العاملة بالبلاد، في نهاية يونيو الماضي.
من جانبه، أكد وزير الكهرباء الجديد، محمود عصمت، أنه يسعى للاعتماد على الطاقة الجديدة واستخدام الأساليب الحديثة في مراقبة الأحمال والتوزيع واستخدام طاقة الرياح لتوفير طاقة منضبطة مستدامة.
وأشار إلى أنه لإنهاء أزمة تخفيف الأحمال نهائيا فإن الأمر "يستغرق بعض الوقت لانضباط الأمور"، مشددا على اتخاذ إجراءات للانتهاء من مشاكل البترول والكهرباء في أقرب وقت.
وأضاف: "جارٍ التنسيق مع كافة الجهات المعنية لحل مشكلة الانقطاعات وتأمين التغذية الكهربائية وفقا لأعلى معايير الجودة وتحسين الإنتاجية والكفاءة، من خلال توفير خدمات الكهرباء ذات جودة عالية وتذليل كافة العقبات التي يمكن أن تؤثر على الخدمات المقدمة للمواطنين".
هل تنتهي الأزمة حقا؟
أفاد الرئيس التنفيذي السابق لجهاز تنظيم الكهرباء في مصر، حافظ سلماوي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، بأن الحكومة الراحلة اتخذت إجراءات للحد من أزمة تخفيف الأحمال، عبر تأمين الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية باستيراد كمية من المازوت تقدر بـ 300 ألف طن، وكذلك استيراد شحنات متلاحقة من الغاز تصل تباعا.
وأوضح سلماوي أنه من المقرر أن تتوقف خطة تخفيف الأحمال الكهربائية بحلول الأسبوع الثالث من يوليو الجاري، ويحدث نوع من الاستقرار في الشبكة حتى نهاية الصيف الحالي.
لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الأمر وفق المسؤول المصري السابق، الذي شدد على ضرورة المضي قدما في خطة طويلة الآجل لضمان عدم تجدد الأزمة بعد أسابيع لاحقة.
وفي رأي سلماوي، فإن وزيري الكهرباء والبترول سيكون عليهما اتخاذ إجراءات مهمة وعاجلة، على رأسها:
- التفاوض مع الشركاء الأجانب لتقسيط المديونية المتراكمة بما يُتيح عودتهم للإنتاج مرة أخرى، خاصة أنه مع تزايد المديونية تكون هناك عدم رغبة في الاستثمار الإضافي وبالتالي يتأثر الإنتاج.
- قد تكون هناك فجوة لأننا نعتمد جزئيا على الغاز المستورد من إسرائيل، وهذا يأتي وسط مخاطر جيوسياسية راهنة.
- هناك خطوة يجب أن تتخذ على المدى الطويل بالتركيز على الطاقة المتجددة، وهذا هو دور وزير الكهرباء عبر توفير الضمانات اللازمة لتقديمها للمستثمرين، إذ أن هناك اتفاقيات بحوالي 28 ألف ميغاواط لطاقة الرياح، و15 ألف ميغاواط للطاقة الشمسية، ولتفعيل هذه المشروعات يتطلب الأمر "ضمانات سيادية"، في حين أن الوصول لنموذج استثماري مناسب يقلل الاعتماد على مثل تلك "الضمانات" يتمثل في البدء بـ"السوق التنافسي".
- الإجراء الآخر الذي يتوجب على وزير البترول القيام به هو إنشاء احتياطي استراتيجي من الغاز، لأنه من الواضح أننا سنستمر في استيراد الغاز لفترة مقبلة، وبالتالي سيتيح ذلك استيراد الغاز في الفترات التي ينخفض فيها السعر بدلا من الاستيراد بالأسعار المرتفعة.
- الاهتمام بقضية ترشيد الطاقة، بحيث لا تكون قضية موسمية وقت الأزمات فقط، وهذا يتطلب نوعا من التطوير السلوكي.
- على رئيس الحكومة الجديدة تفعيل دور المجلس الأعلى للطاقة، بما يساهم في عملية التنسيق بين البترول والغاز والجهات المعنية لاتخاذ أي إجراءات بصورة مبكرة قبل وقوع الأزمات.