مع قرب الكشف عن الفائز بالانتخابات الرئاسية في إيران، سيرث الرئيس الجديد أعباء اقتصادية ومشكلات داخلية، لكنه سيجد نفوذا تتمتع به البلاد على الساحة الدولية بسبب تحالفها مع الصين وروسيا.
الانتخابات الرئاسية الإيرانية سيتنافس فيها كل من مسعود بزشكيان، وسعيد جليلي، بعد عدم حصول أي منهما على الأغلبية في الجولة الأولى من التصويت، وهي انتخابات تجري بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية الشهر الماضي.
وحسب تحليل لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن إيران استطاعت الالتفاف على العزلة التي حاولت الولايات المتحدة فرضها عليها، وقللت من وقع الضغوط الغربية، من خلال مبيعات النفط للصين، وصفقات السلاح مع روسيا.
كما استغلت طهران عقودا مما اعتبرته الصحيفة "الأخطاء الأميركية" في الشرق الأوسط، والتقلبات الكبيرة في سياسة البيت الأبيض تجاه المنطقة بين إدارة وأخرى.
وكشف التحليل أن طهران "باتت تشكل تهديدا أكبر على حلفاء واشنطن، وللمصالح الأميركية في الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى".
اتساع النفوذ الإيراني
مظاهر النفوذ الإيراني بدت واضحت من خلال السيطرة على جزء كبير من المشهد السياسي في العراق واليمن ولبنان وسوريا، ودعم حركة حماس، وإطلاق الصواريخ على إسرائيل، والتوسع في البرنامج النووي.
وقالت سوزان مالوني مديرة برنامج السياسة الخارجية في مؤسسة "بروكينغز" البحثية: "في كثير من النواحي، أصبحت إيران أقوى وأكثر نفوذا وأكثر خطورة وتهديدا مما كانت عليه قبل 45 عاما"، أي وقت قيام الثورة في البلاد.
وأصبحت أداة السياسة الغربية المفضلة، العقوبات، أقل فعالية في عزل طهران دوليا، ويقول المحللون إن إيران ردت بتعميق التعاون مع الصين وروسيا، مما أدى إلى "تنفس" طهران دبلوماسيا داخل وخارج الشرق الأوسط.
ويرى سيد حسين موسويان، المسؤول السابق في السياسة الخارجية الإيرانية الباحث في جامعة برينستون، أن "إيران أكثر نفوذا في المنطقة من أي وقت مضى. استولت الصين على الاقتصاد الإيراني واقتربت طهران من روسيا".
ففي سوريا، أقامت إيران أيضا شراكة مع روسيا، التي جاءت لمساعدة دمشق عام 2015، ونمت العلاقة مع الحرب في أوكرانيا، حيث تزود إيران روسيا بطائرات من دون طيار.
كما ساعد الدعم الإيراني للرئيس السوري بشار الأسد على النجاة من تداعيات الحرب التي شهدتها بلاده، واكتسبت إيران نفوذا أعمق، وأنشأت ممرا بريا يؤدي من طهران إلى ساحل البحر المتوسط السوري عبر العراق، الذي استخدمته لنقل الأسلحة والأفراد، كما وضعت ميليشيات حليفة قرب حدود إسرائيل في سوريا ولبنان.
وأصبحت الميليشيات المدعومة من إيران مهيمنة سياسيا في لبنان والعراق واليمن، حيث سيطر الحوثيون عام 2014 على صنعاء.
السياسة الأميركية تخدم مصالح إيران
وفق "وول ستريت جورنال"، ساهمت السياسة الأميركية في بعض الأحيان عن غير قصد في زيادة قوة إيران، فقد أدت إطاحة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عام 2003 إلى إزالة عدو من حدود إيران، كما تسبب فشل واشنطن في تحقيق الاستقرار في العراق بعد الحرب في تعزيز نفوذ طهران من خلال السياسة والميليشيات.
كما أدى الاحتلال الأميركي المطول للعراق، الذي قُتل خلاله ما يقرب من 4500 جندي أميركي ومئات الآلاف من المدنيين العراقيين، إلى تحويل الرأي العام الأميركي ضد الحروب الطويلة في المنطقة.
وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي جرى توقيعه عام 2015، وفرض سياسة عقوبات "الضغط الأقصى" على إيران، مما قتل إلى حد كبير فرص إحياء التجارة الأوروبية مع إيران.
ورغم الصعوبات الاقتصادية المتجددة، رفضت إيران الدخول في محادثات جديدة، بل ذهبت إلى أبعد مما كانت عليه في وقت الاتفاق النووي عام 2015، ووصلت فعليا إلى عتبة تطوير سلاح رغم نفيها العمل على ذلك.
ولا تزال إيران بعيدة عن هدفها المتمثل في دفع الولايات المتحدة للخروج من منطقة تستضيف الآلاف من القوات الأميركية، لكن طهران، حسب "وول ستريت جورنال"، تمتلك الآن حليفين من الوزن الثقيل لديهما أيضا طموحات لصد النفوذ الأميركي في أنحاء العالم، وقصدت بناء قوتها الإقليمية مع تجنب الخطوط الحمراء التي قد تؤدي إلى عمل عسكري أميركي مباشر.